إعداد عبد الغني عويفية يثير التحقيق الذي تم فتحه الثلاثاء, حول الحرب في العراق تساؤلات ببريطانيا, حيث تعالت أصوات حول الهدف من هذه المبادرة ومدى جسامتها في أفق تسليط الضوء على احدى الحقبات الأكثر تناقضا في التاريخ المعاصر بالمملكة المتحدة. وتعززت هذه التساؤلات بالنتائج الغامضة للتحقيقات الأربعة التي تم إنجازها حول انخراط بريطانيا في عملية اجتياح, أطلقت على أساس ملف لايتوفر على إثباتات كافية, يدعي أن نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان قادرا على استخدام أسلحة الدمار الشامل في أقل من 45 دقيقة. واعتبر العديد من المعلقين في الصحافة البريطانية أن التحقيق الجديد لن يكون بإمكانه تحديد ما إذا كانت الحرب ضد العراق مشروعة, بالرغم من أن رئيس لجنة التحقيق, جون شيلكوت, أكد أن فريقه لن يتوان, في حال تطلب الأمر ذلك, عن توجيه انتقادات لأشخاص أو أطراف متورطة بشكل مباشر في هذا النزاع. وسيدخل رئيس الوزراء السابق طوني بلير قفص الاتهام مجددا بسبب ضلوعه في الحرب على العراق. وقد طالب أقارب 179 جنديا بريطانيا قتلوا في هذا البلد, مواجهة مع بلير الذي يعتبرونه المسؤول الأول عن الحرب. ويتعين على بلير المثول أمام لجنة التحقيق خلال يناير أو فبراير القادم. وكان بلير قد تمت تبرئته, في تحقيق سابق, من أي مسؤولية بخصوص المبالغات التي تضمنها ملف أسلحة الدمار الشامل العراقية, والذي صوت البرلمان البريطاني على أساسه لفائدة إرسال فرق تابعة للتاج البريطاني إلى العراق. وأشارت لجنة التحقيق , التي تعقد جلسات بمركز المؤتمرات "الملكة إليزابيت الثانية" غير بعيد عن قصر "ويستمينتر" الذي يحتضن غرفتي البرلمان البريطاني, أن عملها لا يكتسي أي طابع قضائي أو تجريمي وأفادت يومية "ذو غوارديان" أن العراقيين, المعنيين بشكل مباشر بالحرب التي اجتاحت بلادهم, "لايولون أي أهمية" لهذا التحقيق الجديد. وبحسبهم, فإن أسلحة الدمار الشامل المزعومة و"ممارسات قمع" النظام العراقي السابق, ليست إلا ذرائع يستعملها الغرب من أجل تبرير حرب غير مشروعة. وأشارت "ذو غوارديان" إلى أن غياب أي تحسن منذ الاجتياح, خصوصا على مستوى تحسين شروط الأمن وظروف العيش, يعزز الإحساس بالمرارة بين العراقيين. من جهة أخرى, استحضرت تعليقات الصحف دور رئيس الوزراء الحالي غوردن براون, الذي اضطلع بمهمة تمويل الحرب, باعتباره كان يشغل منصب وزير للاقتصاد والمالية خلال الاجتياح. واعتبرت الصحف أن كون التحقيق مع براون لن يتم سوى عقب الانتخابات التشريعية التي ستجري خلال ماي أو يونيو 2010, يبقى وجها آخر يعرقل عمل لجنة التحقيق التي تضم خمسة أعضاء. وعلى الرغم من أن لجنة التحقيق قررت عدم نشر خلاصاتها قبل الانتخابات القادمة, فإن المحللين يعتبرون أن فتح تحقيق عشية الاقتراع, سيقلص من حظوظ الحزب العمالي (الحاكم منذ 1997) في الاحتفاظ بالسلطة لولاية رابعة على التوالي.ولاحظوا أن التحقيق سيعمل على نكئ الجراح بشأن الحرب التي لم تندمل بعد, وهي حرب كانت السبب الأساسي في تنحي طوني بلير عن السلطة خلال يونيو 2007 وتعويضه ببراون.