يجسد مسار حياة مصطفى الزموري، المزداد حوالي سنة1503 بأزمور، عندما كان هذا الجزء من المغرب لا يزال قابعا تحت الاحتلال البرتغالي، والمتوفي بولاية تكساس سنة1539 ، وجها آخر ظل غائبا عن كتب التأريخ للعلاقات المغربية-الأمريكية في امتدادها المتوغل في عمق التاريخ. واجه مصطفى الزموري، المعروف باسم «إستيبانيكو» حياة الرق حين شاءت الأقدار أن يباع لأحد النبلاء الإسبان الذي اصطحبه في رحلة بحرية كانت تهدف إلى احتلال فلوريدا، في محاولة باءت بالفشل وأجبرت هذا الشاب المغربي على قضاء بقية حياته بولاية تكساس. وقد تم استحضار نموذج هذا المهاجر المغربي خلال النقاش الذي دار بواشنطن في إطار الاتفاقيةالسنوية الرابعة للتحالف المغربي-الأمريكي (يومي10 و11 أكتوبر الجاري)، وذلك للتدليل مرة اخرى على أن تاريخ المغرب ارتبط منذ قرون عدة مضت بأمريكا. ومن خلال قراءة توخت الاستنباط المنطقي، شكك المحاضرون في أن يكون مسار حياة مصطفى الزموري حالة فريدة أو استثنائية خلال هذه الحقبة التاريخية، حيث كان عدد مهم من أبناء شبه الجزيرة الإيبيرية (منطلق الرحلات البحرية نحو مختلف البقاع وخاصة العالم الجديد) ذوي أصول مغربية، بالرغم من سقوط غرناطة. وانطلاقا من هذه الملاحظة، استدعي الحاضرون إلى التساؤل حول إن كان من المنطقي ألا يتمكن جزء من هذه الساكنة، التي يحتكم جزء كبير من افرادها إلى ثقافة ومهارة بحرية مشهود لهم بها، من إيجاد طريقه بيسر إلى العالم الجديد، في وقت كان فيه كريستوفر كولومبوس يبحث عن ذوي المهارات البحرية لمساعدته على تجاوز ما كانت تقدمه خرائط العالم الأكثر تحيينا أنذاك. وقد كان للمورو، كما تشهد على ذلك كتب التاريخ، مهارة عالية في استعمال الأسطرلاب وقراءة الخرائط والتحكم في طرق الإبحار في أعالي البحار، مستعينين بالنجوم إلى جانب أدوات ووسائل الإبحار الأكثر تقدما أنذاك. وتساءل المتدخلون إن كان من المعقول ألا تكون هذه الشعوب ضمن التدفقات الأولى للهجرة نحو العالم الجديد، حاثين المؤرخين في هذا السياق على القيام بتسليط الضوء على هذا الجزء من تاريخ العلاقات المغربية الأمريكية، وجعله ميسرا ومعروفا لدى العموم. وشددوا على أن يتضمن مشروع تأريخي من هذا النوع، مساهمة مختلف الفئات العمرية للمهاجرين المغاربة في جميع مناحي الحياة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك من خلال تسليط الضوء على نجاح عدد من المغاربة، الذين يوجد من بينهم اليوم باحثون بوكالة الأبحاث الفضائية الأمريكية وبالمختبر الوطني بلاس آلامو وكذا بوول استريت، وبالعديد من المقاولات الأمريكية ذات الصيت الدولي. وأكدوا على أن الانخراط في مجالات البحث التاريخي هاته من شأنها أن تساعد150 ألف مغربي مقيم بالولاياتالمتحدة على معرفة هذه الحقبة التاريخية من أجل التوجه بشكل أفضل نحو المستقبل، والانخراط في الحلم الأمريكي مع بقائهم أوفياء للتراث المغربي. واعتبر غالبية الحاضرين أنه بفضل غنى وتنوع الثقافة المغربية، فإن «العبقرية المغربية» قادرة على الانخراط بل وتحقيق الإضافة النوعية ضمن العصب الإنتاجي والإبداعي الأمريكي وثقافته الشعبية، خاصة من خلال إدخال منتوجات مغربية إلى السوق الأمريكي، يكون لفرادتها وتميزها أن تحفر وجودها داخل ذاكرة المعيش اليومي الأمريكي، إلى جانب رموز ك «ماكدونالدز « ومنتجات هوليود. وأشاروا إلى أنه بمقدور العبقرية المغربية أن تترك بصمتها في السوق والثقافة الأمريكيتين، بالنظر للجاذبية التي يتمتع بها المغرب في المتخيل والذاكرة الجماعية الأمريكية، منذ اعترافه بجمهورية الولاياتالمتحدة، مرورا بالمكانة التي تحظى بها مدن كالدار البيضاء في المخيلة الفنية الأمريكية بفضل الفيلم الذي حمل اسم المدينة، وأيضا مدينة طنجة التي تحتضن الممثلية الأمريكية، التراث الأمريكي الوحيد خارج تراب الولاياتالمتحدة وكذا مدينة الصويرة التي خلدها أورسين ويلز من خلال تقمصه لدور أوطيلو. وأجمع المتدخلون خلال الجلسات، التي تواصلت على مدى يومين، على أن «الثقافة المغربية مؤهلة بشكل طبيعي لتنخرط ضمن التيار الأمريكي الرئيسي، بفضل الحيوية والتنوع والعمق الثقافي للجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة»