مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في مالي المتوقع تنظيمها في يوليوز المقبل٬ تشهد الساحة السياسية بباماكو غليانا حقيقيا٬ كما يحتدم التنافس بين الأحزاب السياسية الرئيسية التي تضاعف من اللقاءات والمشاورات في أفق إجراء اقتراع تاريخي يمكن البلاد من الخروج من وضعية الانتقال السياسي وضمان عودة النظام الدستوري. وعلى الرغم من أن تنظيم هذا الاستحقاق في التاريخ المحدد له ما زال يثير الكثير من الشكوك بسبب الوضع الأمني في الشمال٬ والصعوبات المرتبطة بعودة اللاجئين ومصادر التمويل٬ ما فتئت السلطات الأمنية تطمئن الرأي العام الداخلي٬ والمجتمع الدولي بشأن قدرتها وعزمها على تنظيم الانتخابات في يوليوز المقبل٬ مع التعبير عن رغبتها في بقاء قوات الجيش الفرنسي في ميدان العمليات إلى غاية التحرير الكلي للتراب الوطني وانتشار كامل لقوات البعثة الدولية "ميسما" وتحولها إلى بعثة مندمجة للأمم المتحدة٬ وكذا التعبئة السريعة لدعم الشركاء التقنيين والماليين. وبالفعل٬ فقد استعدت القيادات العامة لمختلف الأحزاب السياسية لخوض "المعركة" وحشد همم مناضليها لتحقيق انتصار ميداني في أفق تنظيم الانتخابات المقبلة٬ والتي يتعين أن يشكل نجاحها دليلا على عودة النظام الدستوري ومقاومة التقسيم٬ والتطرف الديني٬ والعودة للحزب والنظام العسكري٬ كما يؤكد ذلك مدير المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية بباماكو سيدي محمد دياوارا. ونظرا لكونه مدافعا متحمسا لتنظيم الانتخابات في الموعد الذي حددته "خارطة الطريق الانتقالية"٬ أي قبل 31 فبراير٬ أعدت الجبهة الموحدة للحفاظ على الديمقراطية والجمهورية٬ وهي تحالف يتشكل من 40 حزبا سياسيا وجمعية٬ أرضية انتخابية بهدف دعم أحد مرشحي الجبهة في حال مروره إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية. من جانب الحزب الحاكم٬ كشف التحالف من أجل الديمقراطية في مالي-الحزب الافريقي للتضامن والعدالة٬ أول أمس الأربعاء عن اسم مرشح الحزب الذي سيخوض غمار هذه الانتخابات يوم 7 يوليوز٬ بعد شهر من المفاوضات المكثفة للاختيار بين 19 مرشحا. ففي الوقت الذي تباينت فيه التكهنات حول الاختيارات الممكنة بين المرشحين الذين تقدموا بهذا الخصوص٬ أصدرت اللجنة التنفيذية للحزب بلاغا أكدت فيها أن مرشحا للانتخابات الرئاسية سيتم اختياره بالتوافق من قبل لجنة مساعي حميدة على أساس 21 معيارا يبرر هذا الاختيار٬ وذلك حرصا على الحفاظ على وحدة الحزب. وفي الأخير وقع الاختيار من بين 19 مرشحا٬ بالتوافق على درمان دوبيلي٬ مهندس يبلغ من العمر 46 سنة٬ رغم أنه لا توفر على تجربة سياسية كبيرة. وفي خضم هذا الغليان الذي يطبع الساحة السياسية المالية٬ تجدر الإشارة إلى أنه تم إحداث حزب جديد يحمل اسم "القوات البديلة من أجل التجديد والصعود"٬ بمبادرة من الوزير الأول السابق موبيدو سيديبي الذي قام مؤخرا بجولة في المنطقة قادته إلى كل من أبيدجان٬ وواغادوغو٬ ونيامي ودكار كان الهدف منها ربط اتصالات مع السلطات في هذه البلدان ومع أفراد الجالية المالية المقيمة بها في أفق الانتخابات الرئاسية. كما أن وجها سياسيا بارزا في الساحة السياسية المالية٬ وهو مرشح الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية إسماعيل سيسي٬ الذي التحق بمالي بعد غياب طويل لأسباب صحية وبعد منفى إجباري٬ يرغب بقوة في أن ينضم إلى الدينامية الانتخابية٬ إلى جانب أعضاء من حزب التنمية الاقتصادية والتضامن للرئيس المطاح به أمادو توماني الذين قاموا بأول خروج عمومي لهم الأسبوع الماضي منذ الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012. من جهته٬ قام رئيس المؤتمر الوطني للمبادرات الديمقراطية منتاغا تال٬ رفقة وفد هام يضم أعضاء من اللجنة المديرية للحزب مؤخرا بزيارة إلى جمهورية الكونغو للقاء الجالية المالية المتواجدة بقوة بهذا البلد٬ والتباحث مع السلطات الكونغولية٬ من بينهم الرئيس دينيس ساسو نغيسو حول الوضع بالبلاد وآفاق تنظيم انتخابات حرة وشفافة في الأشهر المقبلة.وفي السياق ذاته٬ جدد الناطق باسم الأحزاب الموحدة من أجل الجمهورية عبدو اللاي أمادو سي دعم هذا التجمع السياسي لترشيح أميون غيندو عن التوافق من أجل التنمية في مالي.