اتهم نقابيون وسياسيون وفعاليات مجتمعية عبد الإله بنكيران بالمتاجرة سياسيا بملف المتقاعدين، مؤكدين أن بنكيران يسعى إلى تهدئة الأوضاع ومنع أي انفجار اجتماعي قد يسببه فشل سيناريوهات إصلاح نظام التقاعد. وكان بنكيران ناقش أمس الأربعاء خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين ملف التقاعد، وقال عبد المالك أفرياط رئيس الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين، إن النقاش التقني أصبح متجاوزا، ولابد من نقاش وطني يشارك فيه الفاعلون السياسيون والاقتصاديون ومختلف الفرقاء الاجتماعيين، موضحا أن ملف التقاعد يجب أن ينظر إليه على أساس أنه قضية وطنية، ولابد من مقاربته في إطار شمولي، يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن، وثانيا مصلحة هذه الفئة. وأشار أفرياط إلى أن النقاش اليوم لا يلامس المشكل الحقيقي، المتمثل بالنسبة إليه في تطوير نظام الحماية الاجتماعية، التي أكد أنها مازالت ضعيفة، مقارنة مع دول الجوار، وأوضح أنها في المغرب لا تتجاوز 27 في المائة، فيما تبلغ في مصر وتونس 40 في المائة أو تتجاوزها بقليل، داعيا إلى خلق لجنة وطنية تضم جميع الحساسيات، وأن تعمل من أجل بلورة مقاربة اجتماعية واقتصادية للملف. وأكد أفرياط أن الحكومة الحالية لا تملك الإرادة السياسية لحل الملف، وأنها لم تخرج عن السياق العام الذي ظلت تعمل فيه الحكومات السابقة، كما أن اللجنة التقنية التي ظلت تشتغل على الملف منذ 2004 تجاوز عمرها الافتراضي منذ زمن، دون أن يكون هناك أثر مادي لخلاصة دراساتها ومقترحاتها التي ماتزال تراوح مكانها. وأضاف أفرياط أن المقاربة التي يتم الترويج لها اليوم لن تحل مشاكل أنظمة التقاعد بما فيها رفه سن التقاعد، ورفع نسبة المشاركة، مشيرا إلى أن الحل يجب أن يكون شاملا، من قبيل خلق مناسب شغل جديدة ورفع نسبة الانخراطات. وذهب محمد المباركي رئيس جمعية المتقاعدين في المغرب نفس المنحى، حين أكد أن المغرب لا يتوفر على نظام للحماية الاجتماعية فعال ومتكامل، وقال المباركي إنه من أصل 10 ملايين نشيط في المغرب، هناك فقط 27 في المائة من المنخرطين في الصناديق الاجتماعية، داعيا إلى إعادة خلق التوازن، عبر رفع عدد المنخرطين، وأوضح المسؤول الجمعوي أن إشكالية التقاعد في المغرب يجب مقاربتها من نواح متعددة لأن فيها ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي، وقال إن أكبر مشكل يعاني منه المغرب هو التفاوت الخطير في معاشات التقاعد والتي تتراوح بين 1000 درهم كحد أدنى و30 ألف درهم، وطالب المباركي بتوسيع قاعدة المنخرطين، وخلق نوع من التكافؤ الاجتماعي، خصوصا أن الأمر يتعلق بفئة قضت سنوات طويلة في خدمة الإدارة المغربية، موضحا أن النقاش اليوم هو كيفية إصلاح النظام برمته، عبر وضع سيناريوهات فعالية تضمن الاستمرارية، وعدم حرمان المستفيدين من معاشاتهم مستقبلا. من جانبه، قال حسن المرضي عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، إن الملف يجب مقاربته في أربع مستويات، هناك المستوى السياسي، ثم المستوى الاقتصادي ثم الاجتماعي فالتقني، موضحا أن الحكومات المتعاقبة استهلكت أكثر من ثماني سنوات في البحث عن الحلول التقنية، مشددا أن أي دراسة تقنية تصبح متقادمة بعد سنتين، وأوضح المرضي أن الحكومات المتعاقبة استنفدت كثيرا من المال والجهد دون طائل، موضحا أن أكبر دليل على أن الحكومة لا تكترث للملف، هو غياب بنكيران عن اجتماعات المجلس الإداري رغم أن الرئيس الفعلي لهذا المجلس، وأشار المرضي إلى أن الحكومة ظلت تتهرب من إثارة الملف، رغم أن الأحزاب المشكلة لها رفعت شعار إصلاح نظام التقاعد وصندوق المقاصة، داعيا إلى إشراك كل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين في بلورة ميثاق وطني لأنظمة التقاعد، وهو الميثاق الذي قال المرضي إنه يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي تعاني منها كل الصناديق وعلى رأسها الصندوق المغربي للتقاعد، وحذر المرضي من تداعيات رفع مساهمة المتقاعدين التي ارتفعت ما بين 2003 و2006 بثلاث نقط، وقال إن كل السيناريوهات المقدمة ستؤجل إفلاس الصناديق والتي تقدم الحل، مطالبا بمقاربة شمولية للملف على أساس ضمان مكتسبات المتقاعدين وعدم المساس بحقوقهم.عبد المجيد أشرف