تشكل الدورة السادسة لمنتدى المستقبل, التي انطلقت أشغالها, اليوم الاثنين بمراكش, مناسبة لإبراز مختلف الإصلاحات التي انخرطت فيها المملكة, على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأبرزت وثيقة للمنتدى وزعت, خلال اجتماع الخبراء, أن المغرب جعل, في ظل وضع جيوسياسي صعب, من نهج الديمقراطية خيارا استطاع أن يبلوره على أرض الواقع, موضحة أن المملكة أطلقت من أجل ذلك مسلسل إصلاحات يهدف إلى تعزيز دولة الحق والقانون وتدعيم القواعد والممارسات الديمقراطية. وبغية جعل مسلسل الدمقرطة خيارا لا رجعة فيه, تضيف الوثيقة, شرع المغرب في إرساء مجموعة من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية بهدف توسيع حقل الحريات والممارسات الديمقراطية ووضع ضوابط لها, مشيرة إلى أن هذه الإصلاحات المختلفة يتم إنجازها بتشاور مع مختلف مكونات المجتمع المدني. وأوضحت أنه بذلك يكون المغرب قد أطلق عدة إصلاحات في آن واحد, خاصة في الميادين السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والثقافية, مبرزة أن هذه الدينامية مكنت المغرب من احتلال موقع متميز على الساحة الجهوية والدولية. وفي معرض الحديث عن الديمقراطية التشاركية, أكدت الوثيقة أن "المظهر الحقيقي للديمقراطية التشاركية يتجلى في الجماعات المحلية التي منحتها التعديلات المتبناة في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس صلاحيات واسعة, إذ تم تفعيل مفاهيم اللامركزية واللاتمركز والجهوية". وبخصوص الإصلاح القضائي بالمغرب, أوضحت الوثيقة أنه عرف, بعد عشر سنوات على إطلاقه, دفعة حقيقية بغية تعزيز استقلاليته وسلطته, مبرزة أن تأهيل هذا القطاع يهدف أساسا إلى تعميق الديمقراطية من خلال تطبيق قاعدة "الكل سواسية أمام القانون", ومن خلال إنشاء محاكم مختصة كالمحكمة الإدارية والتجارية وقضاء الأسرة. وذكرت الوثيقة, في السياق ذاته, بأن جلالة الملك قدم في خطاب 20 غشت بمناسبة الذكرى ال56 لثورة الملك والشعب, استراتيجية للإصلاح القضائي ترتكز على محاور تعزيز ضمانات استقلالية القضاء, وتحديث إطاره المتعلق بالمنظومة القانونية, وتأهيل هياكله وموارده البشرية, والرفع من النجاعة القضائية, وإرساء القواعد الأخلاقية للقضاء لتحصينه من إغراءات الرشوة والشطط في استعمال السلطة, والتنفيذ الأمثل لهذا الإصلاح. وفي ما يتعلق بإصلاح الحقل الديني, أوضحت الوثيقة أنه يهدف أساسا إلى حماية القيم والمبادئ الحقيقية للإسلام السمح والمنفتح والمعتدل, مشيرة إلى أن مهمة المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية والجهوية, وكذا المجلس العلمي المغربي لأوروبا تتلخص في مساعدة الأشخاص على فهم أحسن للمذهب المالكي, وخاصة في ما يتعلق بعلاقته بالقانون الأساسي. وفضلا عن ذلك, عين المغرب, تضيف الوثيقة, في سابقة هي الأولى من نوعها في العالمين العربي والإسلامي, مرشدات دينيات, تكمن مهمتهن في التأطير والتوجيه والإخبار والتوعية الدينية, بالإضافة إلى تعويض النقص الحاصل في إدماج قضية الأسرة والمرأة في استراتيجية التوعية الدينية في المغرب وبشأن الإصلاحات الاقتصادية, أبرزت الوثيقة أن المغرب ينهج سياسة اقتصادية واجتماعية تقوم على تحديث تشريعاته وبنياته للنهوض بالنشاط الاقتصادي, موضحة أن المملكة, التي تتوفر على مؤشرات اقتصادية قوية وعلى الأسس الضرورية لحكامة اقتصادية جيدة, تشكل قاعدة في أوج النمو تتمتع بامتياز وصول صادراتها لمختلف الأسواق الأوروبية والأمريكية والعربية والإفريقية. وفي هذا الإطار, يضيف المصدر ذاته, صنف تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لسنة 2008 المغرب نموذجا في مجال الحكامة وتدبير الإصلاحات, موضحا أن هذا النجاح هو نتيجة للمقاربة المبتكرة والفعالة التي ينهجها المغرب في القيام بهذه الإصلاحات المتعددة التي تشمل مختلف جوانب الحياة السياسية والسوسيواقتصادية بالبلاد. وعلى الصعيد الإجتماعي, أشارت الوثيقة إلى أن المغرب أطلق عدة مشاريع واعدة, منها مشاريع مهمة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية, الهدف منها تنفيذ التزامات المغرب في إطار أهداف التنمية للألفية, مبرزة أن هذه المبادرة التي أعلن عنها جلالة الملك في ماي 2005 تندرج في إطار رؤية شمولية تقوم على محاور تتمثل في المسلسل السياسي لتوطيد دعائم الدولة الحديثة (الديمقراطية, وسيادة القانون, وتعزيز حقوق المرأة والطفل), والإصلاحات والمشاريع الهيكلية المولدة للنمو, والتنمية البشرية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, على أساس مبادئ الحكامة الجيدة من خلال الإخبار والمتابعة. وأوضحت أن تنفيذ هذه المبادرة يتم بالتنسيق مع البرامج القطاعية وخطط التنمية للجماعات المحلية, على أساس رؤية شمولية ومتكاملة للتنمية الاجتماعية والبشرية. ويناقش المنتدى الذي يطمح الى بعث نفس جديد في مجال التعاون الدولي القائم على المسؤولية المشتركة والاحترام المتبادل, عددا من القضايا من ضمنها الأزمة المالية والاقتصادية والحكامة المحلية والتنمية البشرية والحريات والديمقراطية ودور المجتمع المدني وحقوق المرأة والطفل بمنطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا.وتشارك في المنتدى عدة وفود تمثل منظمات حكومية وقوى اقتصادية أعضاء في مجموعة الثمانية (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وروسيا), ونحو عشرين بلدا من منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا, وكذا اللجنة الأوروبية والجامعة العربية.