فاق عدد الذين عاشوا تجربة الاقتراب من الموت في السنين الأخيرة اثنين وأربعين مليونا في القارتين الأمريكية والأوروبية، موزعين مابين مرضى من مختلف الأعمار ومصابين بعدد من الأمراض وأسوياء وأطباء وأطقم طبية مساعدة. وقال الدكتور محمد كريم جوا إن ثلاثين مليون شهادة بالقارة الأمريكية واثنتي عشرة مليونا بأوروبا هو ما تم رصده لحد الآن كتجربة معيشة لهذه الظاهرة التي تبدو غريبة لكنها حقيقية، إذ أن عددا من هؤلاء الذين عاشوها بذواتهم أو كانوا قريبين ممن عاشوها أكدوا أن ظاهرة الاقتراب من الموت حقيقة سريرية يمكن أن يعيشها الإنسان في أي وقت من الأوقات وفي ظرف خارج عن ظروف المرض. وشدد الدكتور جوا على أن الموت، كحقيقة حتمية لنهاية بني البشر، أقرب إلى الإنسان في أي لحظة من حياته ولو كان سويا معافى وسليما. وفيما أكد الدكتور جوا في تقديمه لمناظرة "تجربة الاقتراب من الموت حقيقة إكلينيكية" مساء الجمعة بالدار البيضاء أن هذه الظاهرة شكلت موضوع العديد من الأبحاث في بقاع العالم، أكدت الدكتورة مارية بيشرى، وهي واحدة من امرأتين فقط من القارة الإفريقية والعالم العربي اللتين عاشتا تجربة الاقتراب من الموت، (أكدت) أن انحصار الشهادات والتجارب المتعلقة بالظاهرة في القارتين الأمريكية والأروبية راجع إلى انعدام القدرة على البوح بهذه التجارب في مجتمعات لا تصدق بظاهرة الاقتراب من الموت أو ظاهرة الحياة بعد موت محدد الزمان إلا بالكاد، وهو ما يجعل هذه الظاهرة تدخل في القارة الإفريقية والعالم العربي في خانة المسكوت عنه ومن الطابوهات التي لا يمكن الحديث عنها وإلا أصبح كل من عاشها وحكى أطوارها في نظر المجتمع واحدا من الحمقى. وقالت الدكتورة بيشرى على أن خصائص الاقتراب من الموت موحدة لدى كل من عاش تجربتها في الإحساس بالخروج من الجسد وملامسة البيئة المادية والسفر عبر الضوء مع اختفاء الإحساس بالخوف من الموت، بينما قال الدكتور جون بيير بوستيل أخصائي التخدير والإنعاش إن هذه التجربة التي يعايشها البعض من خلال فترة الغيبوبة أو بسبب حادثة أو حتى خلال أحلام اليقظة تبقى ظاهرة كونية وهو ما جعل فئة معينة من عالم الطب والعلوم تأخذها على محمل الجد بعد صدور كتاب "الحياة بعد الحياة" لمؤلفه "رايموند مودي" في سنة 1975، حيث أصبح النقاش أكثر حدة حول واقعية الانتقال الفعلي ل"الإحساس" والواضح خارج الجسم وهو ما نجم عنه وضع العديد من الآليات بمستشفيات في القارة الأوروبية والأمريكية لتأكيد حقيقة هذه الظاهرة بمساعدة العديد من المعايير العلمية العالية.محمد عفري