المغرب يسير بسرعتين؛ سرعة المؤسسة الملكية وسرعة مؤسسة الحكومة، وقد حدد الدستور الجديد بدقة صلاحيات كل مؤسسة من المؤسسات. وأصبح رئيس الحكومة يتمتع بصلاحيات واسعة. فهل يسير رئيس الحكومة بسرعة الصلاحيات المخولة له أم أنه متوجس خيفة من العمل الحكومي وبالتالي بسرعة من الماضي؟ فالملك حسب الدستور الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. وتمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. نحن إذن أمام مؤسستين لكل منهما أدوارها لكن يبدو أن المؤسسة الثانية مازالت لم تستوعب بعد دورها وتقضي وقتها في الجدل حول الصلاحيات وحول التعيينات في المناصب السامية وحول التماسيح والعفاريت والجن الأزرق وهلم جرا. فمن منع بنكيران من ممارسة صلاحياته؟ طبعا لا أحد. فخلال الأسابيع الأخيرة قام الملك بزيارات متعددة للعديد من الأقاليم والأماكن وقام بتدشين العديد من المشاريع ومنها مشاريع كبرى وانصب اهتمام الملك خلال رمضان على العمل وسط المجتمع وخرجت للوجود مجموعة من المشاريع التي لا يمكن الاستهانة بها. وبعد نهاية رمضان الأبرك دخلت المؤسسة الملكية في عمل آخر من خلال طرق أبواب الديبلوماسية وفتح كوات في جدار العمل الأممي لصالح القضية الوطنية، كانت خلاصتها المكالمة التي أجراها الملك مع بان كي مون الأمين العام للأم المتحدة بخصوص قضية الصحراء، وهي المكالمة التي انتزع فيها المغرب اعترافا دوليا بدوره في حفظ السلام العالمي والإقليمي وفي جدوى الحل الذي يقترحه المغرب والمتمثل في الحكم الذاتي المتفاوض حوله. وبينت واقعية الديبلوماسية كما تمارسها المؤسسة الملكية بعيدا عن الأحلام والتوهمات. في مقابل العمل الملكي يوجد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزراؤه في عطلة حيث لا يوجد لديهم ما يستدعي السرعة بتاتا بما في ذلك الأزمة الاقتصادية، ووضع بنكيران الملفات فوق الرفوف وذهب لأداء مناسك العمرة وراح وزراؤه يجوبون الأرض ترويحا عن النفس، وهذا حقهم، لكن ليس من حقهم الآن، لأن الظرفية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تسمح لرئيس الحكومة بالعطلة والاستجمام أو العمرة حتى. فكان على رئيس الحكومة لو كان فعلا يفكر في مصير البلد أن يؤجل العطلة إلى وقت آخر بعد أن يكون قد أعد العدة للدخول الاجتماعي والسياسي، فهل يعقل أن يدخل رئيس الحكومة ليجد أمامه عشرات أشكال الاحتجاج من المعلمين إلى الأطباء إلى الممرضين وموظفي الجماعات المحلية والعاطلين، وكان عليه أن يهيئ الأجواء للدخول السياسي والتشريعي حيث تميز عمل الحكومة ببطء شديد شكل نوعا من البلوكاج للتنزيل الديمقراطي للدستور.