غير عبد الإله بنكيران لهجته في الحديث إلى المعارضة، وقدم خطابا أقرب إلى الاستجداء، وقال رئيس الحكومة خلال مروره الشهري بمجلس المستشارين أمس الأربعاء إن المنطق يفرض اليوم التعاون بين الحكومة والمعارضة والكف عن ترويج خطابات سوداوية، موضحا أنه حين كان في المعارضة كان يأتيه يوم يدافع فيه عن الحكومة، أفضل من الأغلبية، وأوضح بنكيران، أنه ليس مضطرا لإخفاء الحقيقة، والاعتراف بأن الأمور ليست على ما يرام، مؤكدا أن الحكومة والمعارضة ليسا أعداء، بل مواطنون ينتمون لنفس الوطن، ولديهم هموم مشتركة، مشددا على أن الصراع السياسي لا يحول دون التعاون وإبداء النصح، ورفع بنكيران سلاح مصلحة الوطن وهو يخاطب المعارضة، حين قال "إننا لسنا أعداء، بل مواطنون ننتمي لنفس الوطن، ولدينا هموما مشتركة". وقال بنكيران إن السياسة الحقيقية هي النصيحة والتصويب والنصح والانتقاد الإيجابي، مشددا على أنه ليس في موقع الكذب أو التزوير، وأضاف بنكيران أن الحكومة جاءت بهدف تحقيق التقدم للمغرب، ورفع هامته بين الدول والشعوب، وقال إن حكومته وجدت نفسها أمام مجموعة من الاتهامات والإشارات الضمنية، دون تحديد الجهات التي تقوم بذلك. ونفى بنكيران أن يكون المغرب قد دخل مرحلة الأزمة، وإن اعترف بأنه فقد كثيرا من مداخيله المتمثلة في تراجع السياحة بسبب أزمة الشركاء الأوروبيين، وتراجع مداخيل تحويلات المهاجرين المغاربة، وقال بنكيران إن الأزمة الحقيقية التي عانى منها المغرب قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، هي أزمة ديمقراطية، التي أدت إلى خنق الأحزاب وتفريخ سياسيين ليسوا بسياسيين ومسؤولين ليسوا بمسؤولين كل همهم أن يغرفوا ويهربوا في جنح الظلام، مشددا على أن حزبه جاء من أجل تصحيح المسار، واعترف بنكيران بوجود أحزاب شريفة لكن لم يحددها، كما تحدث عن الربيع العربي وعن كون المغرب محظوظ لأن تداعيات الربيع العربي لم تكن خطيرة، ومكنت من تحقيق الاستقرار السياسي في ظل الدستور الجديد، مشيدا بالخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011، وقال إنه بمثابة خارطة طريق للمستقبل، وأكد بنكيران أن حزبه جاء بمنطق الإصلاح، موضحا أن مغرب اليوم ليس هو نفس المغرب قبل سنة، حيث كان يسود منطق التحكم. وتحاشى بنكيران خلال خطابه الذي دام زهاء ساعة وربع ساعة، الحديث عن الفساد والمفسدين وإن أشار إلى مروره بقناة الجزيرة، وهو يتحدث عن مقولة "عفا الله عما سلف"، التي أثارت غضب المغاربة. وقدم بنكيران مجموعة من الأرقام التي تهم الألفية الثالثة، وقال إنها إيجابية لكنه شدد على أن في المغرب مازال هناك مغاربة يموتون جوعا، وليس لديهم وسائل النقل، موضحا أنه عاين أشخاصا لا يجدون ما يوفرون به ثمن "حريرة" رمضان، واعتبر بنكيران أن الأرقام الرسمية لا تعكس حقيقة الواقع الذي يعيشه المغاربة خاصة في العالم القروي، مشيرا إلى أن هذا الواقع لا يجب أن يثير الفزع، لأن ذلك سيسبب الانهيار.