عندما كان بنكيران يجول في مناطق المغرب من أجل الدعاية لحزبه كان يقول للمغاربة صوتوا علينا وبجهد الله سنصنع المعجزات. ورغم أن زمن المعجزات هو زمن الأنبياء صدقه الناس وصوتوا له. وبعد التصويت له قال للمغاربة انتظروا المفاجأة السارة بعد أول يوم من تنصيب الحكومة، وتم تنصيب الحكومة ولم تظهر المفاجأة السارة ولكن شرع زعماء الحزب الإسلامي في تنفيذ مسرحيات هزلية وأطلق بنكيران العنان لنكته الحامضة. وبدل المفاجأة السارة التي كان ينبغي تنفيذها برنامجا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يخرج بالمغرب من أزمته ويجيب عن تطلعات المواطنين وطموحاتهم، بدأنا نرى وزيرا يفتخر بأنه يركب سيارة الكونغو مع العلم أنه يتوفر على سيارة ممتازة والوزير الأكول للبيصارة حد التخمة والوزير الذي يمشي في الأسواق ويختار الجزر بنفسه والوزير الذي يتقاسم المصعد مع الموظفين ويأكل الساندويتشات. ولما انتهت سبعة أيام من الباكور ظهر عوار الحكومة الملتحية، وبدا للناس هزالها، وما كان حرصا على المال كان مجرد تمثيلية، حيث أثبتت الأيام أن أولاد العدالة والتنمية يلغون في إناء المال العام ويأكلون منه دون أن يرف لهم جفن، ولم تكن حكاية حماية المال العام وصيانته والحرص عليه سوى مسرحية لربح الوقت. وبينت الوقائع والأحداث أن قصة حماية المال العام لم تكن إلا الوسيلة لتغيير الأنظار نحو وجهات وجهات أخرى من أجل فك الطوق على الوزراء الهواة الذين لم يجدوا ما يعملونه سوى التركيز على ما هو مظهري. والمعروف أن الممثل المسرحي قد يتماهى مع دوره أحيانا حتى يصبح في حياته العامة والعادية مثله في المسرحية ولكن هذه حالة نادرة، فالمسرحي يتفاعل مع الدور أثناء الأداء وبعد ذلك يعود رجلا طبيعيا أو امرأة طبيعية. فوزراء العدالة والتنمية لم يتحملوا لعب أدوار مسرحية لمدة طويلة وعادوا إلى طبيعتهم وحقيقتهم، ولم يعد الوزير المحافظ على المال العام والذي يركب الدرجة العادية في الطائرة حرصا على المال العام ولكن تحول إلى الوزير الذي يغير أثاث صالون مكتبه بالملايين. ولم يعد للمال العام قيمة ولا أصبح مفهومه واضحا لدى أولاد العدالة والتنمية، فيمكن أن يتم استغلال المال العام في قضايا لم يوضع لها أو في قضايا تناقض توجهات المغاربة وميولاتهم. فحزب العدالة والتنمية أكد خلال مؤتمره السابع أن المال العام لا حرمة له إذا كان يحقق المصلحة الحزبية، فقد استغل الحزب سيارات الدولة وسيارات المصلحة الموضوعة لخدمة الصالح العام وليس خدمة أهداف حزبية، واستغل الحزب أدوات وموارد بشرية تابعة للمصالح العمومية. وأكد الحزب أنه لا حرمة للمال العام عندما استضاف عوفير برانشتاين، مستشار إسحاق رابين، وذلك من المال العام الممنوح للأحزاب السياسية، مع العلم أن عوفير صهيوني معادٍ لقضايا العرب والمسلمين وفي هذا ضرب لنزوعات المغاربة القومية والذين دعموا فلسطين وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس.