بعد أن أقر عبد العالي حامي الدين في وقت سابق أن مقالات صحافية صادرة ب"النهار المغربية" حرمته من تولي مناصب سامية، وكان يقصد وزارة من وزارات حكومة بنكيران، بدأ يفتعل قضايا متعددة باسم منتدى الكرامة لحقوق الإنسان من أجل الظهور إلى العلن بحثا عن المجد الذي ضاع منه. لقد اتخذ حامي الدين، وارث منتدى الكرامة، من قضية الطالب سفيان الأزمي مطية لمحاولة العودة من جديد بعد أن انتهت كل خرجاته إلى فشل، سواء تلك التي حاول فيها ركوب حركة 20 فبراير أو تلك المتعلقة بخرجاته الإعلامية المستفزة، لكن كلها لم تؤت أكلها ولم يصبح حامي الدين وزيرا ولم يربح الدعوى القضائية ضد الجريدة التي قال في شكايته إنها حرمته من تولي مناصب سامية. واليوم يريد ركوب حصان البطولة عن طريق ملفات حقوقية ليس لها أساس على أرض الواقع، ملفات أقل ما يقال عنها أنها من الدرجة الأخيرة، حيث لا يتوفر على دلائل وحجج تفيد أن القضية اتخذت منحى حقوقيا وأنها تتعلق بحرية التعبير والرأي. فعلى من يضحك حامي الدين؟ إن حزب العدالة والتنمية، الذي يحتل فيه حامي الدين عضو الأمانة العامة، هو الذي يسير الحكومة وبيده العديد من السلط، وعلى رأسها سلطة النيابة العامة التي تتولى الأمر بالتحقيق في كل الشكايات والقضايا التي تطرح عليها، وهنا نستنتج أن حامي الدين هو واحد من ثلاثة، إما أنه ناقم على إخوانه في الحزب لأنه لم يستوزر وإما أنه لا يفهم تطور الأمور والأوضاع وإما أنه يلعب دورا ثالثا بإذن من الحزب وهنا مظنة الفتنة وقانا الله شرها. قد يكون حامي الدين ناقما على إخوانه في الحزب نتيجة حرمانه من المنصب الوزاري الذي طالما اشرأب عنقه إليه، وبالتالي سيكون كلامه عن النضال والنضالية من قبيل در الرماد في العيون، لأن المناضل يهمه أن يكون الحزب والمشروع في موقع التنفيذ ولا يهمه من ينفذ، لأن المناضل يؤمن بأفكار ومبادئ ولا يكون واردا عنده أن يحقق من ورائها مصلحة شخصية. أما إذا كان حامي الدين يجهل تطور الأمور وأن الحزب دخل في دورة مختلفة عن دورة التأسيس والاندماج وممارسة المعارضة فتلك الطامة الكبرى، لأنه ليس عضوا عاديا في الحزب ولكن من قيادييه ومنظريه. وفي حالة ما إذا كان الدور الذي يلعبه هو لصالح الحزب وبإذن منه فينبغي مراجعة المفاهيم السياسية وأدوات الديمقراطية التي تعني انخراط جميع مناضلي الحزب في خدمة المشروع الذي أصبح اليوم في موقع رئاسة الحكومة. وقد تكون العوامل الثلاثة مجتمعة ومتفاعلة في التأسيس لخرجات حامي الدين الذي أصبح مكذبا في كل شيء، ومصدقا لكل قول حول خروقات حقوق الإنسان من أي جهة جاءت حتى لو لم يكن لها أية مصداقية. فلو كان كل صاحب شكاية يستحق ملفا حقوقيا لاشتغل أصحاب الميدان ليل نهار، ولكن هناك ملفات لها طابع حقوقي وملفات شخصية يراد تحويلها قصد خدمة أجندة سياسية.