طلب منا عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للحزب الأغلبي، أن ننتظر مدة خمس سنوات كي نحاسبه على أفعاله وعلى منجزات حكومته، خمس سنوات بالتمام والكمال، وخمس سنوات في عمر الدول هي غيرها في عمر الأفراد، فخمس سنوات في عمر حكومة تقدر بعدد المواطنين الذين تأثروا سلبا وإيجابا بأعمال الوزراء، وبالتالي فإن العمل الحكومي هو استقرار في نفس المكان أو تخلف بقرون من الزمن أو تقدم. فالخمس سنوات التي يطلب منا بنكيران انتظارها هي قرون من الزمن، فما يطلبه بنكيران هو انتظار الخراب ثم محاسبته بعد ذلك. لكن بعد أن تكون الفأس وقعت في الرأس. طبعا سنحاسب بنكيران بعد خمس سنوات وهو الحساب النهائي للحكومة وعلى ضوئه يتم إجراء الانتخابات القادمة، لكن خلال الخمس سنوات ستتعرض حكومة بنكيران لحسابات متفرقة، فمن اليوم الأول سنحاسب الحكومة وسنقول لها إنك حكومة فاشلة لكن إذا تبين أنها تجاوزت هذا المأزق إلى مرحلة أخرى سنغير موقفنا وهكذا دواليك إلى أن تكمل سنتها الخامسة فيتم تقديم الحساب العام وترجيح النجاح أو الفشل. أما أن ننتظر خمس سنوات ونترك بنكيران يعيث في الأرض كما يشاء فذلك هو منطق انتظار الخراب. غير أن للمغاربة أقوال وحكم يقيسون من خلالها عمل أي شخص أو مجوعة أو هيئة، فيقول المغاربة "اللي ما جا مع لعروسة ما يجي مع مها" ويقولون أيضا "النهار لمزيان من صبحو يبان" ويقولون أيضا "قال ليه باك طاح قالو راه من الخيمة خرج مايل". فبدايات بنكيران لم تكن سارة، وليس صحيحا أن الناس كلها تحبه وأن الشعب معه. كما يقوم بمغالطة من يستمع إليه عندما يقول اتبعني وترى ما يقوله المواطنون عندما يلتقونني. طبعا سيقول المواطنون إنه شخص عادي وكذا وكذا لكن لن يقول أحد أن الحكومة قامت بما يلزمها القيام به وأنها حققت جزءا من وعودها حتى نصدق أن بنكيران سيفي بكل وعوده أو نصفها أو ثلثها، لأنه يبدو أنه لن يحقق أي وعد من وعوده. الحساب مغسلة الجميع. والمغاربة يقولون "لحساب صابون"، فعن طريقه نعرف الخطأ من الصواب في التدبير. وفي الديمقراطيات كلها، كبر شأنها أو دنا، يبدأ الحساب من اليوم الأول. "من النهار الأول يموت المش". وفي كل الديمقراطيات هناك حكومات تسقط قبل أن تكمل مدتها الزمنية نتيجة فشلها في تدبير الشأن العام أو حل مشكلات عويصة. لأن الديمقراطية تعني اختيارا، وهذا الاختيار قابل للمراجعة. لو كان التصويت نهائيا ولا يمكن مراجعته لما سقطت حكومات عديدة في ظروف زمنية قياسية. لهذا يبدأ الحساب من اليوم وإذا ما تبين أن الحكومة غير ملتزمة بتنفيذ خطة واضحة تظهر آثارها مجتمعيا فهناك ألف وسيلة لإسقاطها وانتخاب برلمان جديد وانبثاق حكومة أخرى. وهذه هي الديمقراطية.