قررت حكومة عبد الإله بنكيران الخضوع أخيرا لتعليمات والي بنك المغرب عبد اللطيف بشأن توقعات نسبة النمو، حيث ينتظر أن تتم مراجعة النسبة المعلن عنها في مشروع قانون المالية الذي لازال يخضع للنقاش داخل مجلس النواب، وقالت مصادر متطابقة، إن التوقعات الجديدة ستقل عن 3 في المائة، وكان خبراء في الاقتصاد قد أكدوا في أوقات سابقة أن نسبة النمو خلال سنة 2012، لن تتجاوز حاجز 3 في المائة، وقد تنزل إلى 2,5 في المائة بسبب الأزمة الاقتصادية التي وصلت رياحها إلى المغرب، والجفاف الذي ضرب أغلب المناطق، مع ما خلفته موجة البرد القارس التي أتلفت كثيرا من المحاصيل الزراعية، وجعلت المغرب عاجزا عن تحقيق اكتفائه الذاتي في كثير من القطاعات الإنتاجية. وكان الجواهري، قد أكد في لقاء صحافي عقده الثلاثاء الماضي، أن نسبة النمو لن تتجاوز 2,5 في المائة على أقصى تقدير، محذرا في الوقت نفسه من تفاقم العجز التجاري ليصل أرقاما قياسيا، كما حذر من مغبة الزيادة في الأجور خلال سنة 2012، مشيرا، إلى أن أي إجراء من هذا القبيل قد يفجر الوضع، داعيا، إلى إعادة النظر في صندوق المقاصة الذي بات في نظر كثير من المحللين قنبلة موقوتة تهدد بنسف كل جهود الدولة في تحقيق التنمية. واعتبرت المصادر، أن رضوخ حكومة بنكيران لتعليمات بنك المغرب مؤشر على فشل حكومة بنكيران في التعامل مع الوضعية الاقتصادية الراهنة، موضحة، أن أرقام بنكيران هي ذات طابع سياسي أكثر منها علمي، على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية حدد في برنامجه الانتخابي نسبة نمو في حدود 7 في المائة، قبل أن يخفضها بنكيران في التصريح الحكومي إلى 5,5 في المائة، ويعود في المشروع المالي إلى تخفيضها إلى 4,2 في المائة، ثم اخفضت إلى 3 في المائة، مشيرة، إلى أن نزول النسبة بأربع نقط كاملة يعني تبخر 200 ألف منصب شغل كان وعد بهم بنكيران. وتوقعت المصادر ذاتها، اعتماد سياسة تقشفية ستضرب القدرة الشرائية للمغاربة الذي يعانون مع البطالة وارتفاع الأسعار، مع ما سيرافق ذلك من تقليص في الأجور وتسريح مزيد من العمال، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص الدعم المخصص للقطاعات الاجتماعية، عكس ما جاء به برنامج بنكيران الانتخابي الذي رفع المغاربة إلى السماء قبل أن يهوي بهم إلى قاع الأرض. وتوقعت المصادر ذاتها، أن يتجاوز العجز التجاري نسبة 8 في المائة، متأثرا بتقلص الصادرات المغربية، التي لازالت تعتمد كليا على الفوسفاط، وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن الاستثمارات الكبيرة التي قام بها المكتب الشريف للفوسفاط قد تؤثر على نسبة النمو، حيث إن هذه الاستثمارات كلفت مبالغ مالية طائلة. وتوقعت المصادر نفسها، تأثر الإنتاج الداخلي بالأزمة العالمية، التي أدت إلى تراجع الطلب وانخفاض المداخيل من العملة الصعبة بسبب تراجع توافد المهاجرين المغاربة، وقلة عائدات الضرائب، موضحة، أن مواقف بنكيران ومبادراته كانت كلها في اتجاه دعم الباطرونا، بما فيها مشروع قانون الإضراب الذي تسعى الحكومة إلى إخراجه إلى حيز الوجود قبل متم السنة الحالية، محذرة في الوقت ذاته، من تهديد السلم الاجتماعي مما سينعكس سلبا على فئات واسعة من المجتمع المغربي.