عقد البرلمان الأوروبي اليوم الأربعاء جلسة نهائية للتصويت على اتفاق جديد في المجال الزراعي، وكان مجلس وزراء أوروبا قد صادق على الاتفاقية سنة 2010 ولكن دخولها حيز التنفيذ سيكون رهينا بمصادقة البرلمان الأوروبي، وتوقعت مصادر مهتمة، أن يتم التصويت على الاتفاقية رغم المعارضة الشديدة التي أبداها النواب الإسبان، الذي أثاروا جدلا واسعا داخل البرلمان الأوروبي بدعوى تضررهم من الصادرات الزراعية المغربية وأساسا الطماطم، وإلى جانب النواب الإسبان، تتحرك أحزاب الخضر الأوروبية من أجل الوقوف ضد أي اتفاقية جديدة، وتوقع المراقبون أن ترمي الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إسبانيا منذ سنتين بضلالها على المناقشات العامة التي انطلقت أمس الثلاثاء، وكان المزارعون الإسبان قد نفذوا الأسبوع الماضي اعتصاما مفتوحا أمام ممثلية الاتحاد الأوروبي في العاصمة مدريد للإعراب عن رفضهم للاتفاقية. ووفق المهتمين، فمن المنتظر أن يتم التصويت على الاتفاقية بنحو ثلثي أصوات البرلمان الأوروبي، في حين يؤكد زعيم الخضر جوسي بوفي عزمه اللجوء إلى المحكمة الأوروبية في حالة المصادقة على هذه الاتفاقية. لجنة التجارة الخارجية تعطي الضوء الأخضر صوتت لجنة التجارة الخارجية في البرلمان الأوروبي في يناير الماضي على الاتفاقية الزراعية الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، رغم معارضة إسبانيا للاتفاقية، ويطالب النواب الإسبان إعادة النظر في هذه الاتفاقية بما لا يضر مصالح المزارعين الإسبان، وكان نواب من الحزب الشعبي الإسباني وكذلك الحزب الاشتراكي المعارض في اللجنة البرلمانية الأوروبية، قد وعدوا بالتصويت ضد الاتفاقية، مبررين، ذلك بعدم احترام المغرب للحصص المخولة له للتصدير للسوق الأوروبية. وحصلت الاتفاقية الزراعية مع المغرب على 23 صوتا في اللجنة ومعارضة خمسة وامتناع نائب واحد، كما حصل الاتفاق على مصادقة لجن أخرى داخل لجنة التجارة الخارجية مثل لجنة الصيد البحري، ويعمل اللوبي البيئي على معارضة الاتفاقية رفقة نواب إسبانيا من جميع الأحزاب. وفي حالة المصادقة عليها، ستصبح الاتفاقية سارية المفعول لأن الدول الأعضاء على مستوى المفوضية الأوروبية صادقوا عليها سنة 2010 وبقي فقط البرلمان، وهذه الاتفاقية ستساهم في تحرير المبادلات الزراعية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. في المقابل، أعلن الحزب الشعبي الإسباني الذي يتزعمه رئيس الحكومة، ماريانو راخوي، دعمه الكامل للاتفاقية الفلاحية الجديدة مع المغرب، في حين لايزال قياديو الحزب الاشتراكي، الذين كانوا أول الأمر مساندين للمغرب، قبل أن ينضموا قبل أقل من أسبوعين إلى الجبهة التي شكلها إسبان وأوربيون للإطاحة بهذه الاتفاقية، (لايزالون) ضد دعمها. وأرجع متتبعون للشأن الإسباني، هذا التغير المفاجئ في موقف الحزب اليميني، المعروف بمواقفه المعادية تجاه القضايا المغربية، إلى الوعود التي منحتها الحكومة الإسبانية، بدعم هذه الاتفاقية التي يعتبرها المغرب ذات أهمية كبرى لتدعيم علاقاته مع الاتحاد الأوربي. المنتجات المغربية تثير مخاوف الإسبان دعت جمعيات المزارعين الإسبان البرلمان الأوروبي، إلى وقف اتفاق الفلاحة مع المغرب بنفس الكيفية التي أنهى بها اتفاق الصيد البحري، وذلك جراء الضرر الخطير لقطاعهم الذي بدأ في التراجع بسبب منافسة الطماطم القادمة من المغرب، وقال رئيس الفرع الإقليمي للجمعية الزراعية الإسبانية في جزر الكناري، رافائيل هيرنانديز رييس "إن وقف اتفاق الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في دجنبر الفارط ينبغي أن يعني ذلك أيضا أنه ينبغي إنهاء مماثل لاتفاق الفلاحة". ولاحظ رافائيل هيرنانديز، أن كلا الاتفاقيتين كان قد جرى التفاوض بشأنهما في الوقت نفسه من طرف الاتحاد الأوروبي مع المغرب ولكل منهما نفس التبعات القانونية. وتشكل المنتجات المغربية، منافسا قويا للمزارعين الأوروبيين إذ أدى التنافس في جزر الكناري إلى التأثير الخطير على الإنتاج الزراعي للمزارعين وفقدان العديد منهم لوظائفهم، وقال خبراء، إن إنتاج الطماطم في جزر الكناري انخفض إلى 60 في المائة منذ توليه في التسعينيات منصبه في لجنة الزراعة. ويرى المزارعون الفرنسيون والإسبان والإيطاليون في تزايد واردات المغرب لأوروبا تدميرا لفرصهم في البيع والعيش من خلال منتجاتهم في السوق الأوروبية، واصفين اتفاق الزراعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ب"الكارثة" بالنسبة للزراعة الأوروبية، داعين إلى وقف هذا الاتفاق. في المقابل يؤكد الإتحاد الأوروبي، الحاجة الملحة للطماطم المغربية وكذلك أهمية الواردات من الطماطم إلى سوق الاتحاد الأوروبي، فيما تطالب الكثير من الجهات بمراقبة الكميات المستوردة، وتتميز الطماطم المغربية بالجودة والقدرة التنافسية في السوق الأوروبية، مع احترام كل المعايير المحددة من قبل الاتحاد الأوروبي، ما يثير غضب لوبيات منتجي ومصدري الفواكه والخضر الإسبان، خاصة في إقليم الأندلس. وقال مهتمون، إن المخاوف التي يثيرها أي اتفاق زراعي جديد مع المغرب، مردها إلى جودة المنتوج المغربي، وقدرته على الوفاء بتعهداته، خاصة على مستوى التصدير، إضافة، إلى أن الفلاحة المغربية استفادت من تراجع الإنتاج الفلاحي الأوروبي الذي تم إضعافه في السنوات الأخيرة، وهو ما لعب لمصلحة المغرب. وأضاف المهتمون، أن الاتفاقية الجديدة استغرقت وقتا طويلا من المفاوضات دامت أربع سنوات، ويعزي المراقبون، طول المدة إلى المشاكل القانونية التي ظل يطرحها الرافضون لهذه الاتفاقية، خاصة أنهم يتخوفون من اكتساح الطماطم المغربية على وجه الخصوص للسوق الأوروبية رغم التزام المغرب بكافة الاتفاقيات التي أبرمها مع الاتحاد الأوروبي بما فيها الثمن المرجعي للبيع. الاتفاق الجديد يمهد لولوج المنتجات المغربية إلى داخل أوروبا يعتبر المغرب أن الاتفاق الزراعي الجديد يمثل إمكانية جيدة لولوج السوق الأوروبية، ويرى مراقبون مغاربة، أن تحرير المنتجات الفلاحية هو في نفس الوقت مرحلي ومنتظم، كما المرحة الانتقالية التي تصل إلى 10 سنوات تظل كافية من أجل نضج مخطط المغرب الأخضر، كما أن الاتفاق ستكون له انعكاسات إيجابية على المستهلك المغربي على مستوى تنويع المنتجات والجودة والثمن، إلى جانب التنافسية بالنسبة للمنتجين المحليين على الجانب الفلاحي، وأوضح المراقبون أن تحرير المبادلات يهم ثلاثة أنواع من المنتجات، الأول، يهم التحرير على مدى 10 سنوات ويتعلق بالحيوانات المنتجة والأسمدة، والثاني، يهم التحرير ما بين 5 و10 سنوات ويهم المنتجات الحليبية والشوكولاطة، أما بالنسبة للحبوب والحليب وزيت الزيتون فإن نوعا من الكوطا سيتم تحديدها. اتفاقية متوازنة وصف برلمانيون أوروبيون الاتفاق الفلاحي الجديد بالمتوازن، واعتبر هؤلاء، أنه من شأن هذا الاتفاق أن يقوي اقتصاد كل من الاتحاد الأوروبي والمغرب وأن يؤسس لشراكة مهمة بين الطرفين، ومن جانبه أوضح المفوض الأوروبي في الزراعة، داسيان ثيولوس، أن "الاتفاقية مع المغرب متوازنة وتمت المصادقة عليها في وقت سابق من طرف 27 بلدا عضوا من بينها إسبانيا"، لكنه أضاف، أن المفوضية الأوروبية تتابع عن قرب تطور السوق بالنسبة لجميع المنتوجات وأنها ستتخذ إجراءات متى استدعت الضرورة إلى ذلك، نافيا في الوقت نفسه، وجود أي سياسة لإغراق السوق الأوروبية بالطماطم المغربية، مما قد يضر بالمنتوج المحلي، واعتبر مراقبون أوروبيون، أن المزارعين الإسبان يهولون من الموضوع حفاظا على الامتيازات التي يحظون بها منذ عدة سنوات، في الوقت الذي تعتبر فيه الدول الأوروبية، أن الاتفاقية الفلاحية بين الاتحاد والمغرب مفيدة للطرفين، كما ستكون لها انعكاسات إيجابية على المديين المتوسط والطويل، خصوصا، في ظل التطور الذي يعرفه المغرب على مستوى القطاع الفلاحي ودخول المخطط الأخضر حيز التطبيق. ويراهن المغرب على شمولية المقاربة المغربية للشراكة مع الاتحاد الأوروبي وعلى ضرورة تعزيز المسلسل الشامل للشراكة. المغرب يرفض أي شكل من أشكال المقايضةأبدى المغرب، رفضه لأي شروط سياسية للمصادقة على الاتفاقية الفلاحية، التي تعد اتفاقية تجارية بمنافع متبادلة للشريكين والتي يجب اعتمادها في إطار احترام تام لسيادة البلاد، وشدد مصادر مطلعة، على أن المغرب يجب عليه رفض أي مقايضة في ظل الضغوطات المتزايدة من قبل عدد من اللوبيات خاصة من إسبانيا، مشيرة، إلى أنه مطالب بالمحافظة على المصالح الاقتصادية للمغرب، رغم الضغوط التي تفرضها الإملاءات السياسية الداخلية ولاعتبارات وصفت بالانتخابية، وتصر المصادر ذاتها، أن الاتفاقية الفلاحية هي اتفاقية مفيدة للجانبين، وبالتالي، لا يجب أن يكون التصويت على هذه الاتفاقية مسوغا للمس بالمصالح العليا للمملكة.