في حفلات تسليم السلط تقع طرائف وغرائب، والوزير الوحيد الذي كان حاله يسيء العدو قبل الصديق هو عبد الله باها، وزير الدولة و"رفيق عمره" الذي لم يجد سلطة يتسلمها، لأنه دخل وزارة بلا معنى في ظل الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحكومة دستوريا، وتخيلته يسلم على نفسه ليسلمها "باليزة" فارغة عله يملأها قبل أن يخرج، فهو يعرف أن تدبير القطاعات صعب للغاية ولهذا فضل وزارة "خاوية"، ولو كان المبرر هو أن يكون قريبا من بنكيران لتولى وزارة الشؤون العامة، وهي من الوزارات المهمة. حفلات تسليم السلط بين وزراء حكومة عباس الفاسي المدبرة وحكومة بنكيران المقبلة أقنعتني بأن السياسة لا يمكن ممارستها دون نفاق، ولا أقصد النفاق بمفهومه الديني، وأشدد على التنويه نظرا لحساسية الموضوع بعد دخول الإسلام السياسي إلى الحكومة وهو يأخذ بالشبهة لأنه يقع في المنزلة بين المنزلتين، "لا شريحة لا عقيدة صحيحة". وزير سابق يرتقي بخلفه مراقي النبلاء ويصعد به مصاعد الملائكة، ويرد الخلف للسلف الصاع صاعين، خصوصا وأن الحكومة ذات بعد سلفي حتى لو وضعت "ماكياج" الشيوعية، ويصف الوزير السابق بأنه تفانى في خدمة بلده، وسمعنا عبارات كثيرة ومجاملات خارج السياق ومدح لا يليق بحكومة تريد أن تصالح الشعب مع الشأن العام ومع الممارسة السياسية وفي صلبها العملية الانتخابية، كلمات الوزراء عبارة عن ناسخ ومنسوخ. الفاسي وبنكيران ولعنة التحالف عبر بنكيران، في كلمة بمناسبة تسلمه للسلط من عباس الفاسي، عن اعتزازه بالثقة التي وضعها فيه جلالة الملك، مؤكدا أنه "آن الأوان، بعد أن قطعت المملكة مراحل صعبة، لإعادة بناء المغرب بطريقة صحيحة". وبعد أن أكد أن مهمة رئيس الحكومة "ليست بالهينة"، اعتبر أن المغرب "في حاجة إلى رجاله ونسائه لبناء مستقبل زاهر للأجيال المقبلة"، وأكد أن الحكومة ستعمل على "تصحيح سوء التفاهم القائم بين الإدارة والمواطن انطلاقا من المفهوم الجديد للسلطة الذي أطلقه جلالة الملك منذ توليه الحكم، حتى تكون السلطة والإدارة في خدمة المواطن ويقوم المواطن بالمقابل بواجباته لمساعدة الإدارة"، وأشاد رئيس الحكومة المنتهية ولايته بالخصال التي يتميز بها بنكيران، حيث وصفه ب"الرجل المؤمن بالمبادئ والقضايا الإنسانية وبثوابت الأمة، وكذا بقدرة الشعب المغربي على أن يشيد مجتمعا عادلا". وأَضاف أن من بين أسباب نجاح بنكيران اعتماده على سياسة القرب والاستماع للمواطنين وتقاسم آمالهم وآلامهم، معتبرا أن "أمامه مسؤولية عظمى بالنظر لكون المغرب أصبح ورشا كبيرا للإصلاحات". بالأمس القريب وفي وقت لا يتعدى ثلاثة أشهر أصدر رئيس الحكومة المغادر بيانا ناريا باسم حكومته قال فيه، إن التشكيك في نتائج الانتخابات يعتبر "خدمة لأعداء الوطن والديمقراطية والانفتاح"، ولم يكن يومها أي حزب يشكك في الانتخابات ونتائجها سوى العدالة والتنمية، وقال الداودي الوزير الحالي إنه إذا لم يفز حزبه بالرتبة الأولى فإنها مزورة. وهاكم مقالته، "في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على تنزيل مضامين الدستور الجديد الذي صادق عليه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة، وتفعيل التوجيهات الملكية السامية بشأن توفير المناخ السليم، وتوسيع مجال التشاور والحوار البناء مع مختلف الفرقاء السياسيين، بغية الوصول إلى توافق حول الإصلاحات السياسية والقانونية، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بما يضمن شفافيتها ونزاهتها، انبرت بعض الجهات والأشخاص، بكيفية غير مقبولة ولا تُعرف مقاصدُها، للترويج لأطروحات غير مسؤولة، مشككة في نزاهة ومصداقية هذه الانتخابات. واعتبرت الحكومة هذه التصريحات "لا تخلو من تهديد، وهو ما يخدم في واقع الأمر أعداء الوطن والديمقراطية والانفتاح". يا سبحان الله كيف تحول المشكك الضال المضل المخرب عدو الوطن إلى الرجل المؤمن بالمبادئ. إنها لعنة التحالف الحكومي أصابت عباس في آخر مشواره السياسي. الداودي وأخشيشن، العداوة المتأصلة والنفاق الواجب جرى حفل تسليم السلط بين لحسن الداودي الوزير الجديد للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر وأحمد اخشيشن الذي كان يتولى هذا المنصب . وعبر الداودي، في كلمة بالمناسبة، عن اعتزازه بالثقة التي وضعها فيه جلالة الملك، مؤكدا عزمه على "العمل من أجل خدمة الجامعة المغربية". ونوه الداودي بالمبادرات التي قام بها اخشيشن، وخاصة ما يتعلق بالمخطط الاستعجالي الذي ساهم في إشعاع الجامعة المغربية. من جهته، هنأ اخشيشن الوزير الجديد على الثقة التي وضعها فيه جلالة الملك، معربا عن متمنياته له بالنجاح في مهامه الجديدة. وقال اخشيشن إن الداودي "ليس فقط شخصية معروفة بوطنيتها العالية والتزامها السياسي في خدمة المغرب، وإنما أيضا رجلا ملما بهذا القطاع"، مشيدا بخصاله الإنسانية والمهنية. العداوة بين الداودي وأخشيشن شبيهة بعداوة القط والفأر، فصراعهم لا يمكن أن ينتهي أبد الآبدين، فأخشيشن الرجل التقدمي القادم من منظمة 23 مارس يرى في الداودي نقيضه التاريخي، بين الرجلين بالت الثعالب كما تقول العرب، وعبرا لبعضهما البعض عن العداوة المتأصلة، فطالما قال الداودي، إن أخشيشن مبعوث البام المعارض داخل الحكومة واصفا إياه بالفشل الذريع في تحقيق المخطط الاستعجالي الذي لم يكن بالنسبة إليه سوى تبذيرا للمال العام. غير أن النفاق الواجب سياسيا فرض أن ينسخ الداودي كلامه السابق بكلام جميل. رباح مهندس المدائح والهجائيات تسلم عزيز رباح الوزير الجديد للتجهيز والنقل، مهامه على رأس الوزارة خلفا لكريم غلاب، وعبر رباح، في كلمة ألقاها خلال حفل أقيم بالمناسبة، عن اعتزازه بالثقة التي وضعها فيه جلالة الملك، مؤكدا العزم على مواصلة إنجاز المشاريع التنموية التي تنكب عليها وزارة التجهيز والنقل لمواجهة التحديات المرتبطة بتوفير البنيات التحتية الأساسية بكافة جهات المملكة. من جهته، هنأ توفيق احجيرة الوزير السابق في الإسكان والتعمير والتنمية المجالية الذي حضر الحفل نيابة عن كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل الجديد على الثقة التي حظي بها من قبل جلالة الملك، معربا عن متمنياته له بالتوفيق والنجاح في مهامه الجديدة. وأشاد احجيرة، خلال هذا الحفل، الذي حضره الكاتب العام للوزارة والمديرون العامون وعدد من أطر وزارة التجهيز والنقل وكذا بعض مدراء المؤسسات العمومية التابعة لهذا القطاع، بما يتوفر عليه عزيز رباح من مؤهلات مهنية وخصال حميدة . نسي الرجلان تناطحهما في مجلس النواب وفي كل مكان وتحولت الوزارة المتهمة بالموبقات في نظر العدالة والتنمية إلى وزارة أوراش مفتوحة، وهي من حسنات غلاب، سيستكملها رباح، وتحول القائد "الظلامي" إلى رجل مهني وبخصال حميدة. الناس طوب وحجر. الفاسي والعثماني وواجب الحفاظ على شعرة معاوية جرى بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون حفل تسليم السلط بين سعد الدين العثماني، الذي عينه جلالة الملك محمد السادس وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون، لطيب الفاسي الفهري. وعبر العثماني، خلال هذا الحفل، الذي حضره يوسف العمراني الذي عينه جلالة الملك وزيرا منتدبا لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ومحمد أوزين ولطيفة أخرباش كاتبا الدولة في الشؤون الخارجية في الحكومة المنتهية مهامها، فضلا عن عدد من مدراء وأطر الوزارة، عن اعتزازه بالثقة التي وضعها فيه جلالة الملك بتعيينه على رأس هذا القطاع الحيوي. كما عبر عن اعتزازه بالعمل من موقعه كبرلماني طيلة السنوات الماضية مع السادة الفاسي الفهري ومحمد أوزين ولطيفة أخرباش على عدد من الملفات، وكذا في المحافل الدولية في إطار الدبلوماسية الموازية، مشيدا بالعمل الهام الذي قاموا به خدمة للمصالح العليا للوطن. العثماني يتحدث عن التعاون السابق مع الفاسي الفهري. كيف؟ هل هو تعاون هجومي؟ لقد هاجمت الوقفة، التي دعا إليها كل من حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح والاتحاد الوطني للشغل، ومنظمة التجديد الطلابي، الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية والتعاون السابق، في شعارات غاضبة رددها أعضاء التنظيمات المذكورة، وذلك على خلفية استقبال معهد أمانديوس لشخصيات يهودية. الرميد والناصري والحرب المستعرة جرى صباح أول أمس الأربعاء بالرباط حفل تسليم السلط بين مصطفى الرميد الوزير الجديد للعدل ومحمد الطيب الناصري الذي تولى هذا المنصب في الحكومة المنتهية ولايتها . وقال الرميد في كلمة بالمناسبة إن مهمته لن تكون بالسهلة، معتبرا أن سلفه الناصري مهد له الأكناف ويسر له السبل، مؤكدا أن الحكومة الجديدة عموما ووزارة العدل خصوصا، مطالبة بتفعيل مقتضات إصلاح القضاء وتأويله التأويل الذي يخدم التشييد والبناء الديمقراطي الحق الذي يسعى إليه جلالة الملك ويتطلع إليه كافه المغاربة. ومن جهته، هنأ الناصري الوزير الجديد على الثقة التي وضعها فيه جلالة الملك، مؤكدا أن الرميد جاء إلى بيت هو من أهله ويعرفه جيدا، وله رغبة أكيدة في مواصلة عملية الإصلاح التي أمر بها جلالة الملك في خطابه التاريخي ليوم 20 غشت 2009 والذي حدد فيه جلالته المحاور الأساسية الستة لإصلاح القضاء، مشيرا إلى أن الوزارة حاولت خلال السنتين الماضيتين الالتزام والاستهداء به. الناصري الذي مهد الأكناف للرميد، هو نفسه الناصري الذي دمعت عيناه في واقعة مثيرة لم يترك فيها الرميد وسيلة من وسائل الإساءة للوزير الناصري إلا واستعملها. ذات جلسة نيابية مخصصة للأسئلة الشفوية، قام الرميد معقبا على الناصري متهما إياه بالظلم خاتما كلامه بالآية الكريمة "ألا لعنة الله على الظالمين"، مما يعتبر في سياق الكلام لعنا للوزير المغادر.ادريس عدار