أصبح الوضع في مصر على صفيح ساخن قبل أربعة أيام من أول خطوة حقيقية نحو التحول الديمقراطي رغم خطاب رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي الذي تعهد فيه بنقل السلطة كاملة للمدنيين مطلع يوليو/تموز المقبل. فالانشقاق بين القوى السياسية اتسع نطاقه من ناحية، كما تزايدت حالة الشد والجذب بين الثوار والمجلس العسكري من ناحية أخرى، بعد قبول استقالة الحكومة قبل أيام من اول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير/كانون ثان. فبينما يطالب الثوار في ميدان التحرير بتشكيل حكومة إنقاذ وطني فورا تؤول لها كافة الصلاحيات، طالبت جماعة الإخوان المسلمين باستمرار حكومة شرف في تسيير شئون البلاد لحين الانتهاء من الانتخابات التشريعية. وشدد محمود حسين نائب أمين عام الجماعة في تصريحات ل(إفي) على ضرورة أن يفرز البرلمان المنتخب حكومة جديدة تدير شئون البلاد خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية. إلا انه اكد على ضرورة إقالة نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي علي السلمي ووزير الداخلية منصور العيسوي ووزير الاعلام أسامة هيكل فورا "لتسببهم في تفاقم الوضع خلال الأيام الماضية". وأشار حسين إلى أن خطاب المشير حسين طنطاوي للشعب الذي اعلن فيه قبول حكومة شرف وتكليفها بالاستمرار في عملها لحين تشكيل حكومة جديدة يوحي بانه سيتم الابقاء عليها لتسيير البلاد خلال الانتخابات. ورأى ان الوضع الحالي "مفتعل" ويسعى لإجهاض الاستحقاقات الديمقراطية متهما أطراف لم يسمها ب"إشعال الفتنة" بعد ان أشار إلى وجود "تجاوزات" غير مبررة من الشرطة، وأشخاص يسعون لتصعيد المواجهات. وطالبت جماعة الإخوان المسمين بالتحقيق الفوري في الاحداث التي اندلعت فجر السبت الماضي عندما حاولت قوات الامن فض اعتصام لمئات الاشخاص في ميدان التحرير، وادت مع تصاعدها إلى سقوط 32 قتيلا من المتظاهرين ومئات المصابين. وكانت الجماعة قد قاطعت مليونية الثلاثاء مما دفع بعض القوى الثورية لاتهاما بالانتهازية السياسية، وهو ما رفضه الاخوان وبرروا ذلك بأن مشاركتهم في المظاهرات كانت ستؤدي ل"تصاعد العنف والقتل والتخريب ونتائج سيئة قد تصل إلى الانقلاب على كل أهداف الثورة". في هذ الاثناء، دعت أحزاب ليبرالية ويسارية وحركات سياسية الشعب المصرى للمشاركة في تظاهرات مليونية يوم الجمعة القادم، تحت شعار "الفرصة الأخيرة". وطالبت الأحزب وبينها الحزب الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي الاشتراكي والجمعية الوطنية للتغيير وحركة "6 أبريل"، بشكيل حكومة إنقاذ وطنى جديدة لها صلاحيات كاملة، مع كف يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن التدخل فى الشئون السياسية للبلاد، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية. وفي تصريحات ل(إفي) شدد طارق الخولي المتحدث باسم حركة "6 أبريل - الجبهة الديمقراطية" على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني فورا تؤول لها كافة الصلاحيات السياسية والاقتصادية ووقف الاعتداء على المتظاهرين وتكوين لجنة تقصي حقائق للتحقيق في المواجهات الدامية المستمرة منذ السبت الماضي. وحول إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، قال الخولي "كنا نتمنى أن يعلن المشير في كلمته أمس الاستجابه لهذه المطالب لإنهاء الاعتصام وتوفير المناخ اللازم لإجراء الانتخابات. لكن في ظل الوضع الحالي اعتقد انه سيكون من الصعب إجراء الانتخابات في موعدها". وطالبت بعض الاحزاب بينها الوفد بتأجيل المرحلة الاولى من الانتخابات، وهو ما انتقدته التيارات الإسلامية وبخاصة حزب النور السلفي الذي اعلن انه سينسحب من الميادين إذا استمرت الاصوات المطالبة بإرجائها. وقال محمد نور المتحدث باسم حزب النور الذي أعلن مشاركته في المظاهرات لوقف الاعتداء على المعتصمين إن "هناك قوى سياسية تريد عرقلة الانتخابات لان حدوث الانتخابات في موعدها يعتبر شهادة وفاة لهذه القوى". وكان رئيس المجلس العسكري قد أكد أمس على إجراء الانتخابات في موعدها رغم استمرار المواجهات بين المتظاهرين وقوات الامن حتى مساء يوم الأربعاء وإعلانه قبول استقاله الحكومة، كما رهن تنحيه عن السلطة بإجراء استفتاء شعبي حول ذلك.محمد أنور