استعاد ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية، القاهرة، أجواء ثورة 25 يناير مجددا، أول أمس وأمس، عقب مواجهات دامية جرت بين المعتصمين من أهالي وجرحى الثورة وآلاف المتظاهرين الذين توافدوا إلى الميدان للانضمام إليهم وبين قوات الشرطة والأمن المركزي، وهي المواجهات التي أوقعت حوالي 33 قتيلا منذ فجر السبت بحسب مراسل "الجزيرة" في نشرة ظهيرة أمس ، أحدهم قُتل في الإسكندرية، وأكثر من 1286 مصاباً من المتظاهرين، علاوة على عشرات الإصابات التي وقعت في صفوف الشرطة والمجندين، في وقت دعا فيه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، أمس الاثنين, أعضاء مكتب الإرشاد لاجتماع عاجل لبحث انضمام الجماعة إلى المعتصمين, بعد تطور الأحداث الدامية في ميدان التحرير. ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من التصريحات والإدانات التي وجهتها بيانات صادرة عن الجماعة وعلى لسان رموزها, للأعمال القمعية التي ارتكبتها قوات الشرطة في مواجهة المتظاهرين بالميدان على مدار الأيام الثلاث الماضية. كما حملت الجماعة المجلس العسكري المسؤولية الكاملة عن الأحداث، داعية إلى ضرورة إلقاء القبض على الضباط والجنود المشاركين في الأحداث, وإحالتهم للنيابة العسكرية . وعبرت الجماعة عن مخاوفها الشديدة, من أن يكون تزايد حجم العنف ضد المحتجين في التحرير, ضوء أخضر من الولاياتالمتحدة والغرب بسحق أي مظاهرات تنتقد وثيقة الدكتور علي السلمي, أو تنتقد المجلس العسكري ذاته، خاصة من قبل التيارات الإسلامية. وفيما عقد المجلس العسكري اجتماعاً طارئاً لبحث التطورات في ميدان التحرير بالقاهرة وعدد من المحافظات الأخرى، وإجراءات إعادة الأمن والانضباط للشارع المصري، أكد عضو المجلس العسكري اللواء أركان حرب محسن الفنجري أن المجلس لن يرضخ لأي مطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن القوات المسلحة ستعود إلى ثكناتها قبل نهاية عام 2012 . ومن جانب آخر، وجهت 68 شخصية عامة وسياسية و11 من شباب الثورة رسالة إلى رئيس المجلس المشير حسين طنطاوي، تضمنت 6 مطالب رئيسية للخروج من الأزمة الراهنة، على رأسها تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعبر عن روح الثورة، وتتمتع بجميع الصلاحيات وتتولى وضع الدستور . وعلى الرغم من تأكيد مجلس الوزراء أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها الاثنين المقبل في مرحلتها الأولى ولا نية لتأجيلها كما تردد، جددت جماعة الإخوان المسلمين رفضها لأي تأجيل واعتبرت أن أي تأخير سيمثل انقلاباً لن يسمح به مهما كان الثمن. واتهم علماء الأزهر الشريف نائب رئيس الوزراء د. علي السلمي بالتسبب في تجدد العنف من خلال طرحه وثيقة المبادئ الدستورية، ورفض وثيقة الأزهر واعتباره إياها وثيقة قديمة. وأعلنت وزارة الصحة المصرية أنَّ عدد القتلى الذين سقطوا في مواجهات، أمس وأول أمس، بين قوات الأمن ومتظاهرين في ميدان التحرير ارتفع إلى 22 قتيلا وإصابة المئات. وتجددت الاشتباكات لليوم الثالث على التوالِي صباح أمس بين المتظاهرين المعتصمين بالمدان وقوات الأمن على الرغم من الهدنة التي أعلن عنها الجانبان مساء أول أمس. وقامت الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع في الميدان وقرب مقرّ وزارة الداخلية على المتظاهرين الذين ردّوا برشقها بالحجارة. وفي سياق ردود الفعل، أعربت كل من ألمانيا وإيطاليا عن قلقهما للأحداث الدامية في ميدان التحرير، ودعا وزيرا خارجية البلدين غيدو فسترفيله وجوليو تيرزي ديا سانتاجاتا في بيان مشترك جميع الأطراف إلى وقف العنف بصورة فورية. وحثّت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون سلطات المجلس العسكري على وقف العنف ضد المحتجين وضمان حدوث تحول ديمقراطي بعد الإطاحة بحسني مبارك. وأوضحت أشتون في بيانٍ أنَّها «قلقة للغاية» من الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مطلع الأسبوع بين الشرطة والمتظاهرين، وقالت: «أحث على الهدوء وضبط النفس وأدين استخدام العنف بأقوى العبارات». وأضافت: «ما من شك في أن العملية الانتقالية صعبة وتمثل تحديًا. أؤكد أنَّ السلطات المؤقتة وكل الأطراف المعنية تتحمل المهمة الحاسمة التي تتعلق بالاستماع للناس وحماية طموحاتهم الديمقراطية». وأشارت أشتون أيضًا إلى أنها تشعر بقلق من المحاكمات العسكرية وقانون الطوارئ الساري في مصر وقالت: «لابدَّ من ضمان القانون والنظام بأسلوب يحترم حقوق الإنسان. لابدَّ من الاستماع لمطالب المواطنين والأحزاب السياسية بتحرك الفترة الانتقالية الى الامام وحماية مبادئ الديمقراطية». ومن جانبه أدان أيضًا وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اليستير بيرت الاشتباكات وقال عن القتلى الذين سقطوا في الاشتباكات إنه «أمر مؤسف للغاية، من المهم أن تدخل مصر الانتخابات المقبلة في مناخ من الهدوء والاحترام المتبادل». ويواصل المتظاهرون اعتصامهم بميدان التحرير، حيث وضعوا حواجز على مداخل الميدان من كافة الاتجاهات، وكوّنوا لجانًا من الشباب لتفتيش الداخلين إليه. وتأتِي هذه المواجهات قبل أسبوع من بدء أول انتخابات تشريعية منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك إثر انتفاضة شعبية أطاحت به. ويطالب المتظاهرون المجلس العسكري الحاكم منذ تنحِّي مبارك بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية. وقد أثارَت هذه المواجهات المخاوف من إلغاء أو تأجيل الانتخابات التشريعية، المقرر أن تبدأ في 28 نونبر الحالي، أو أن تتخللها حوادث وأعمال عنف دامية. ويردّد المحتجون هتافات ضد المجلس العسكري، مطالبين بإسقاط المشير حسين طنطاوي الذي يرأس المجلس العسكري الحاكم وبتسليم الحكم الى سلطة مدنية.