لفهم مسار "جوشوا فان ألستين" لابد من الوقوف على أن هذا الرجل ذو الخامسة والعشرين ربيعا لا يتكلم اللغة العربية وأن لغة الضاد ليست لغته الأم، وأن أسلافه ليسوا عربا كما أن أصوله ليست بالعربية. والأكثر من هذا أن فان آلستين لم تطأ قدماه في يوم من الأيام دولة عربية إلا أنه مع ذلك مسلم، تربى على هذا الدين ونهل من تعاليمه علي يدي والدته التي ولدت في تركيا في الوقت الذي كانت أسرته كثيرة التنقل بين تركياوالولاياتالمتحدةالأمريكية بحكم مختلف تنقلات والده الذي شغل منصبا هاما في القوات الجوية الأمريكية، تقول "واشنطن بوسط" هذا الشاب الأمريكي منحه وجهه الملائكي وشعره الأشقر ولهجته السعودية وزيه الخليجي لقب "أبو متعب الأمريكي" فأصبح لقبه هو البديل عن اسمه الحقيقي "جوشوا فان ألستين" الذي لم يعد أحد يعرفه. فكيف استطاع شاب أمريكي أن يتحول من مدون على الأنترنيت إلى نجم في السعودية. لقد بدأ نجمه يسطع في 2001 حين كان فتى لا يتجاوز عمره إحدى عشرة سنة حيث كان يعيش في سان أنطونيو في ولاية تيكساس إذ مثلت الفترة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر مرحلة فاصلة في حياته، حيث شعر أن وجوده غير مرغوب فيه كما أن أصدقاءه الأمريكيين أصبحوا غير قابلين لوجوده لأنه مسلم وفي نفس الوقت بات المسلمون يتجنبونه فبدأ يشعر بالعزلة. وقد استمرت "عزلة" ألستين حتى تعرف على مجموعة من الشباب السعوديين في جامعة شرق تكساس فتعلم معهم اللغة العربية واكتشف لأول مرة الثقافة السعودية، ونتيجة لتجربته القاسية قرر في عام 2011 أن يبدأ تسجيل مقاطع فيديو عن "الفهم الحقيقي" للإسلام، وتجربته مع السعوديين في أمريكا. كانت فيديوهات ألستين تقدم شيئا جديدا وغير مألوف لجمهوره فهو شاب أمريكي أشقر يتحدث العربية بلكنة سعودية، وفي البداية لم يكن أحد في الجامعة يلاحظ ما كان ينشره ألستين إلا الطلبة السعوديون، إذ كانوا يتشاركون فيديوهاته عبر شبكة تويتر، إلى أن حققت انتشارا واسعا في بلد نشط على الشبكات الاجتماعية. وقد قادته هيئته اللافتة للنظر إلى الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مقاطع فيديو اعتاد نشرها تتضمن مزحا تجمع بين الفكاهة والتعليقات الساخرة مما جعله واحدا من الشخصيات البارزة على الشبكات الاجتماعية في منطقة الخليج العربي. وتلقى جوشوا رسالة على بريده الإلكتروني في مايو الماضي تسأله عما إذا كان يريد الانتقال إلى السعودية، فقبل فورا لتكون أول بلد عربي يبدأ زيارته منذ ميلاده قبل 25 عاما. وأخذت حياة ألستين عام 2012 منعطفا جديدا حين تلقى دعوة من أحد أفراد الأسرة المالكة لزيارة السعودية، وتزامن وجوده هناك مع وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز فحضر مراسم الجنازة والتأبين باعتباره ضيفا على الديوان الملكي. وانضم ألستين إلى الوفد الملكي هناك لأداء الصلاة في مكةالمكرمة وحضر كضيف على لقاء جمع الأمراء وكبار الدولة وكان من بينهم ولي العهد آنذاك الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أصبح العاهل السعودي حاليا. عاد ألستين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد ذلك وتابع نشر فيديوهاته التي لاقت نجاحا كبيرا في المملكة، بداية 2013 تلقى هذا الشاب الأمريكي عرضا من وزارة التعليم السعودية للعمل لديها على تطوير قناة تليفزيونية جديدة، فقبل العرض متجها إلى الرياض من جديد.