لا يزال الناخبون في مصر عازفون عن التصويت لليوم الثاني اليوم الاثنين في الانتخابات البرلمانية التي وصفتها إحدى الصحف بأنها "انتخابات بلا ناخبين". وبدت مراكز الاقتراع هادئة في الساعات الأولى للتصويت أمس الاثنين. وكانت زيارات قام بها مراسلون لرويترز لعدد من مراكز الاقتراع أمس الأحد أظهرت إقبالا يقدر بنحو 10 بالمئة وهو ما يتناقض مع مشاهد الطوابير الطويلة والحماس الواضح في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أواخر عام 2011 وبدايات عام 2012. وقال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل اليوم الاثنين إن نسبة المشاركة تتراوح من 15 إلى 16 بالمئة. ونقلت وكالة الشرق الأوسط للانباء عنه قوله إنه يتوقع أن يزيد إقبال الناخبين اليوم الاثنين في ثاني وآخر أيام التصويت في المرحلة الأولى. ومن الملاحظ غياب الشباب الذين يشكلون أغلبية السكان عن المشاركة في الانتخابات التي يصفها كثيرون بأنها مسرحية أو يبدون الشكوك في أنها قد تأتي بنواب قادرين على التغيير. ويشير ضعف الإقبال - الذي جاء بعد يوم من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين للتصويت إلى أن ضابط الجيش السابق الذي كان يتمتع بشعبية منقطعة النظير بدأ يفقد قدرا من هذه الشعبية. وأعلن السيسي حين كان قائدا للجيش ووزيرا للدفاع عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. وتعهد "بخارطة مستقبل نحو الديمقراطية". وبعد ذلك شنت الحكومة أعنف حملة أمنية على المعارضين في تاريخ مصر الحديث وسجن الآلاف من مؤيدي مرسي وامتدت الحملة لتشمل نشطاء تصدروا المشهد في الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك عام 2011. والعام الماضي مد التصويت في الانتخابات الرئاسية ليوم ثالث بهدف زيادة نسبة الإقبال وشنت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة حملة لحث الناس على المشاركة. وفاز السيسي في هذه الانتخابات بنسبة 97 بالمئة. وهذه المرة ركزت الصحف بما فيها الصحف المؤيدة للحكومة على ضعف الإقبال. ويقول محللون إن السيسي ربما يحاول استغلال عدم المبالاة بالانتخابات البرلمانية لصالحه بالقول إن المصريين منحوا ثقتهم بقدر أكبر للرئيس وليس للبرلمان. وقال العنوان الرئيسي لصحيفة المال الاقتصادية: "انتخابات بلا ناخبين". وقالت صحيفة الشروق الخاصة في صفحتها الأولى: "انتخابات بلا طوابير". وحتى صحيفة الأهرام المملوكة للحكومة ركزت على غياب الشباب عن التصويت. وفي محاولة على ما يبدو لتشجيع الناخبين على التصويت قرر مجلس الوزراء منح العاملين بالدولة عطلة لنصف يوم اليوم الاثنين. وقال مايكل باسيلي (19 عاما) من الإسكندرية "لا نعرف شيئا عن المرشحين لذا لن أمنح صوتي لشخص لا يستحقه." وأضاف "كشباب نحاول إصلاح البلد وسنعمل لتحقيق ذلك ... لكن هؤلاء الأشخاص مهتمون فقط بالمال وبأنفسهم." * حل البرلمان ومصر بلا برلمان منذ عام 2012 عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت أن كان يدير شؤون البلاد بعد الإطاحة بمبارك قرارا بحل مجلس الشعب الذي كانت تهيمن عليه جماعة الإخوان. وصدر قرار حل المجلس تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابه. وكان ذلك البرلمان أحد أهم نتائج الانتفاضة التي أنهت حكم مبارك الذي امتد لثلاثة عقود. وبعد تأجيلها لفترة طويلة تجري الانتخابات البرلمانية حاليا على مرحلتين. وبدأت المرحلة الأولى أمس الأحد وتستمر حتى مساء اليوم الاثنين في 14 محافظة من بينها الإسكندرية والجيزة. وتجري المرحلة الثانية يومي 22 و23 نوفمبر تشرين الثاني في 13 محافظة أخرى بينها القاهرة. ويتألف البرلمان الجديد من 568 عضوا منتخبا منهم 448 نائبا بالانتخاب الفردي و120 عضوا بنظام القوائم المغلقة. ويحق لرئيس الدولة أن يضيف إليهم بالتعيين خمسة في المئة من الأعضاء على الأكثر. ويتوقع أيضا أن يهيمن الموالون على المقاعد المنتخبة بنظام القائمة. ويقول منتقدون إن تغليب النظام الفردي في الانتخابات ردة لسياسات عهد مبارك التي كانت تفضل المرشحين الأثرياء وأصحاب النفوذ القبلي والعائلي. ويتوقع أن تفوز قائمة "في حب مصر" -وتضم أحزابا وسياسيين- بأغلب المقاعد التي ستنتخب بنظام القوائم وعددها 120 مقعدا. ويخوض الانتخابات حزب النور السلفي الذي جاء ثانيا في انتخابات 2012 لكنه فقد الكثير من دعم الإسلاميين بعد موافقته على عزل مرسي. وكانت قائمة تدعى (صحوة مصر) وتتألف من أحزاب اشتراكية وليبرالية معارضة وسياسيين مستقلين قد انسحبت من السباق الأمر الذي جعل "في حب مصر" تنفرد بالساحة. وهناك أيضا مصريون انتخبوا السيسي العام الماضي ولا يعتزمون المشاركة في التصويت في الانتخابات البرلمانية. وقال أحمد الذي يبلغ من العمر 35 عاما وهو أب لثلاثة أطفال "هناك أمن منذ انتخاب السيسي وهذا جيد لكن الأمن ليس كل شيء. هناك الكثير من الأشياء التي تحتاج لتغيير.. الاقتصاد .. السياحة.. غلاء الأسعار في البلد."