لو دقّقتَ النظر جيدا، لألفيتَ بكل وضوح وجلاء أنه لا فرق بين الإسلاميين الملتحين، والعَلمانيين المتحزّبين المُرْد؛ [والأمْرد هو من لا لحية له].. فالملتحون يدافعون عن تعدد الزوجات، مع العلم أن تعدّد الزوجات يؤدّي إلى الظلم، بدليل قوله عز وجل: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصْتم".. [لن] تفيد التّأْبيد، وغياب العدل يفيد الظلم بكل تأكيد.. وأما المتحزّبون فهم يمارسون كذلك تعدّد "الزوجات" في مجال السياسة، حتى لإنك تجد الواحد منهم متزوجا بأكثر من "زوجة" مثنى وثُلاثَ ورُباع، بالإضافة إلى ما ملكت يمينه.. فقد تجده زعيم حزب، ونائبا برلمانيا، ورئيسا لمجلس بلدي، بالإضافة إلى جمعية أو منظمة أو غيرها؛ ومع كل هذه "الزيجات" ينجب أنسالا مشوّهة وغير سوية، مما ينعكس سلبا على الحياة السياسية والاجتماعية ببلادنا، مما يجعل منع تعدد الزوجات أمرا مطلوبا في هذا المجال.. ناهيك من أن تعدّد "الزيجات" يُحْرم الشباب من الزواج ولو "بمهمّة أرملة" ليحصّن نفسَه، وهو ما يجعل المحرومين يسقطون في "العزوبة"، ويرتمون في أحضان "الرذيلة السياسية". لقد لاحظ الناس وتحدثوا في المقاهي والنوادي عن أولئك الذين كانوا يدفعون الملايين خلال انتخابات المجالس البلدية والقروية "كمهور" للزواج بإحدى "الزيجات" في هذه المنطقة أو تلك؛ وتساءل بعضهم: كيف يدفع المترشّح أموالا لنيل منصب يدافع من خلاله عن مصالح المواطنين؟ قلْ كلاّ؛ ليس من أجل الدفاع عن مصالح المواطنين، وإنما بهدف "عُسَيْلة" "الزوجة" التي سيقترن بها عبر زواج "المتعة" على سرير المجلس البلدي، وقبل أن يدخل بها قدّم له "بنكيران" هدية الزفاف حيث زاد في تعويضات المنتخبين "العِرسَان" بشكل سخي، حتى يعوّض "العريسُ" ما صرفه في سبيل نيل "محبوبته"؛ فبنكيران رجل يعرف الأصول، ويحترم التقاليد، كما أنه لم يدفع شيئا من جيبه؛ فالمال مال الأمة، وبنكيران يتخوّض فيه بما يرضي الأكلة؛ وتلكم "حسنة" ستُضاف له في ميزان "حسناته".. ثم ماذا؟ سألتْني زوجتي عن واحد هو رئيس مجلس تشريعي، ترشح لرئاسة مجلس بلدي، وتعجّبتْ لذلك، وتساءلتْ عن الأسباب، فكان لابد لي من أن أخلّصها من شقاء البحث عن الأسباب، بحيث ضربتُ لها مثلا بصنف من القرود الذكية وتُدعى "النّسانس الصفر".. تجد الواحد من هذه النّسانس يتشبث بثلاثة أغصان في وقت واحد، حيث يقبض على غصن باليد اليمنى، وعلى آخر باليد اليسرى، ويلوي ذيله على غصن ثالث للاحتياط من السقوط في حال انكسار الغصنين الآخرين.. وصديقنا هذا يعرف بالغريزة أنه لم يبق في عمر الحكومة والمجلس الذي يرأسه إلا تسعة أشهر وينكسر الغصن، لذا أراد أن يؤمّن بقاءَه في البستان تفاديا للسقوط من على شجرة الخلد وكنز لا يبلى.. لهذا أراد أن يصبح رئيسا لمجلس بلدي، وله في ذلك ذكاءٌ لا يُنكر، رغم أن الحظ لم يحالفْه للأسف الشديد؛ ونحن نعرف أنه واحد من فرسان الحزب الثلاثة الذين يلهثون وراء المناصب والمكاسب؛ بالإضافة إلى الفارسة "جان دارك"؛ كلّهم يناضلون من أجل الوطن، والنتائج بادية يشهد بها مواطنونا في المهجر.. هؤلاء كنا نريدهم مفخرة فإذا هم مجرد مسخرة.. هؤلاء مجرد شعراء تكسُّب في كل وادٍ يهيمون.. هؤلاء لا يرجى خيرهُم وقد خبرناهم سنين طويلة في مناصب عدة.. هؤلاء مستثمرون في ميدان الانتخابات، وفي طلب المال والتحكم في المآل، لا يستحيون، حتى وإن تعرّوا، وفضحتهم الأحداث، وكشفهم الزمن، وكذبتهم النتائج بالملموس.. هؤلاء يعجبونك [بتعواج القمّونة، ويحبطونك بضخامة المونة].. هؤلاء هم منظِّفو الخزينة، ومؤبّدو أحوالنا الحزينة، وقد شيّدوا لذلك شركات على شكل أحزاب، تستثمر في ميدان السياسة، تبيع وتشتري وتتزايد في "کورنة" الخسائر بأصوات المواطنين، وقد قال فيهم "بديع الزمان الهمداني" في إحدى مقاماته: يا ضَرْطَة العروس، يا كوكب النّحوس، يا وطأة الكابوس، يا تخمة الرّؤوس؛ يا ثقل الدين، يا سمة الشّين، يا بريد الشّوم، يا طريد اللُّوم، يا تريد الثّوم، يا دِيَة الزَّقُوم؛ يا مانع الماعون، يا سِنة الطّاعون؛ يا بَغْي العَبيد، يا آية الوعيد، يا كلام المُعيد؛ يا أقبح مِن حتى، في مواضع شتى... وبعد كلام هذا الأديب العتيد، لا يحقّ لي أن أزيد؛ فوصْفه يكفي، وبالمضمون يفي؛ فمعذرة!