أصبحت دور السينما مرتعا للقاءات الغرامية و فضاء خصبا للمواعدات الرومانسية. تجد أمام كل قاعة سينما في بلادنا طابورا من الفتيات, تنتظرن فريسة تنقضضن عليه لتحجز لها مكانا في قلب وجيب الزائرين. بالنظر إلى قاعة السينما فهي كساحة خلاء في منتصف الليل,حيث توفرجميع مغريات الاقبال والمضي قدما في الممارسات الغير اللائقة. قلما تجد شخصا بصيغة المفرد أو أشخاصا بصيغة الجمع , فالمفرد و الجمع لا أساس لهما في هذا الفضاء,أما الثنائية فقد قل نضيرها حتى في ساحات الدول الراقية يوم الرابع عشرمن فبراير من كل سنة . يقال أن على قدر أهل العزم تأتي العزائم والجزاء من جنس العمل والمعلم الذي يحكي نشازا فوجب الاعراض عن ما يقول (يأيها المعلم هلا لنفسك كان ذا التعليم). فلأفلام التي تعرض تنم عن مستوى ثقافي واجتماعي منحط , ترصد الخلل والعيب فتعمقه وتزيده اختلالا ,لا تبحث له عن حل او عن موضع نقد وإنما تقول بالبند العريض هذه بضاعتكم ردت إليكم. فلِم تضعون رؤوسكم في التراب وتتركون عوراتكم مكشوفة. قلما تعرض دور السينما أفلاما وبرامج تنمي العقل وتهدف الى التعريف بآخر صيحات الفن السابع,على العكس من ذلك ,تعرض أفلاما بالية مهترئة تكشف عن ضعف في المستوى والموارد وترسم منحنى تدهور الفكر. لو أخدنا فيلم (زيرو) مثالا,الذي بالمناسبة أحيي مخرجه وكاتب السيناريو لاختياره لعنوان يفضح الموضوع لوجدنا أن كل أنواع الكلام النابي والساقط قد زج به . ولو جمعنا عدد الألفاظ المبتذلة في هدا الخبط العشواء من الأفلام لأنشأنا قاموسا ولوضعناه تحت عنوان "معجم نور الدين الخماري في الكلام الساقط والنابي" أصبحت لغة الشارع و السوق إلهاما لكتاب السيناريوهات و المخرجين فهم يجدون فيها ملجأ لوصف فئة معينة من البشر ألم تسمع قوله تعالى «إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم», أم أن لكل مقام مقال لماذا تعيشون أنقاض الفئة المهمشة وتدوسون على جراحها و تزيدوا من خدشها ألم يأتك نبأه عز من قائل: " واخفض من صوتك إن لأنكر الأصوات لصوت الحمير" . إن الجمهور المكموم الذي ختم على سمعه و عقله و بصره « صم بكم عمي فهم لا يرجعون », قد فقد ذوقه الفني و شهيته الذؤوبة على تتبع الثقافات التي تصورها لنا كاميرات الأجنبية وأصبح يقبل كل السلع، يشاهد و ينظر و يبصر لكنه لا يبدي أي رد فعل، لا يلاحظ ولا يتأمل ولا ينتقد؛ يدخل إلى القاعة بذاكرة بثول ويخرج منها بأخرى عقيمة . هاهو مهرجان طنجة يشيد بمجهودات الفنانين ويكافئهم على مشاهد قد أبدعوا فيها،أبلغ الطغرائي قائلا " قد هيؤك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل".