الشعب المغربي يخلد اليوم الذكرى ال69 لعيد الاستقلال    "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    من أجل إنقاذ المدينة.. فيدرالية اليسار تطالب بإقالة هشام أيت منا من رئاسة مجلس المحمدية    "غوغل" يحتفل بذكرى استقلال المغرب    "قمة العشرين" تناقش مكافحة الفقر    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    أطباء القطاع العام يصعدون بثلاثة أسابيع من الاحتجاجات والإضراب    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ترامب يسمي رئيس "هيئة الاتصالات"    نواب روس يحذرون من حرب عالمية ثالثة بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو        "الجمعية" تحذر من تدهور الوضع الصحي ل"حملة الشهادات المعطلين" المضربين عن الطعام منذ 41 يوما    طقس الاثنين.. سحب كثيفة ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم.. فرنسا تفوز على إيطاليا وتعتلي الصدارة    افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين    وفاة "ملك جمال الأردن" بعد صراع مع سرطان المعدة    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    الركراكي يختتم استعدادات المنتخب    "أشبال U17" يتعادلون مع التونسيين    الملعب الكبير للحسيمة .. افتتاح ببعد قاري إفريقي    مجلس الشيوخ في البراغواي يدعم سيادة المغرب على صحرائه    نفق جبل طارق.. حلم الربط بين إفريقيا وأوروبا يصبح حقيقة    داخل قنصلية المغرب بنيويورك.. ياسين عدنان يتحدث عن الغنى الثقافي للمملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    فى الذكرى 21 لرحيل محمّد شكري.. مُحاوراتٌ استرجاعيّة ومُحادثاتٌ استكناهيّة مع صَاحِبِ "الخُبزالحَافي"    خاتمة العلوي تعود ب"شدة وتزول" بعد سنوات من الاعتزال    العصبة تُحدد موعد "ديربي البيضاء"    مصرع طفل في تطوان جراء ابتلاعه "كيسا بلاستيكيا"    عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يبلغ 171 مرفقا    اغتيال المسؤول الإعلامي ل"حزب الله"    المنتخب المغربي يعزز خياراته الهجومية بعودة سفيان رحيمي    تجار القرب يعلنون تكتلهم لمواجهة توغل الشركات الكبرى بالأحياء السكنية    قلة الأطباء والأَسرّة وطول المواعيد.. وزير الصحة يؤكد أن خدمات الطب النفسي بالمغرب تبقى أقل من المطلوب    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    احباط تهريب 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    المغرب يطلق أول مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية باستثمار 1.3 مليار دولار    التهراوي: هامش ربح الصيدلي والموزع محدد أساسي لأسعار الأدوية في المغرب    "ذا تيليغراف": المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا لعام 2024    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    إلقاء قنبلتين ضوئيتين باتجاه منزل نتنياهو    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى الذين حولوا مدينة طان طان إلى مجرد موسم
نشر في صحراء بريس يوم 30 - 03 - 2012

أستاذ بكلية الحقوق-مراكش

تعانق طان طان في الآونة الأخيرة تعانق موسمها السنوي الذي أدخلها ضمن التراث الإنساني اللامادي وفقا لهيئة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة لكن هذا التصنيف العالمي الذي يعتبره البعض إنجازا تاريخيا لا يشفع لمدينة طان طان كي تنفض عنها غبار التهميش و الإقصاء الذي تعيشه منذ سنين،فبعد أن كانت مركزا تجاريا مهما يعيش حركية على مدار السنة أضحت الآن مزارا موسميا تسوق كل سنة نفس المنتوج الثقافي النمطي الذي يختزل ثقافة الصحراء في الخيمة و الجمل و لعبة آراح و فتيات و فتيان يلبسون لباس البدو،نفس الصورة الفلكلورية التي يختزلها كل شخص سواءا كان أجنبيا أو حتى محليا عن الصحراء و أهلها.
المهرجانات ظاهرة صحية وعملية تسويق ممتاز لمؤهلات المنطقة وثقافتها لكن هذه العملية تتحول إلى ضحك على الذقون حين تكون المنطقة تعيش دوارا تنمويا على مدار السنة وتعاني ساكنتها وشبابها المعطل من مشاكل جمة يترجمها الإحتجاج المستمر والإعتصام المفتوح أمام أبواب العمالات والمؤسسات هنا يصبح المهرجان بمثابة تغطية للشمس بالغربال لأن ثقوب المدينة و بنيتها التحتية شاهدة على هدر ممنهج للمال العام بلا حسيب ولا رقيب.
في الحقيقة لا أدري مقاربة السلطات المحلية والمجالس المنتخبة للمهرجانات لكني أتساءل لماذا يكون هناك سخاء كلما تعلق الأمر بمهرجان أو موسم تمنح فيه أموال طائلة لمغني،أموال باستطاعتها خلق مشاريع صغيرة مذرة للدخل لفئة من المعطلين أو لساكنة معوزة.
لسنا ضد المهرجانات لأنني أتحدث هنا بدون خلفيات سياسية ،و إنما أقرأها من زاوية إقتصادية وأعلم جيدا مشاكل مدينة كطانطان أتنفس تاريخها وأعرفه جيدا فهي المدينة الصامدة التي اعتبروها مدينة العبور مدينة للأسف بحجم قرية، من موسمها التاريخي خرجت أجيال حملت مشعل الحرية ضد الإستعمار،وخرجت أيضا أجيال شابة كونت الرعيل الأول لجبهة البولساريو التي يفاوضها المغرب الآن.
طان طان أهدت للصحراء نزاعا شائكا إغتنى منه البعض وقايض به البعض الآخر وظلت طان طان تشاهد العبور الحقيقي لكل شيء شمالا و جنوبا،إنه ظلم الجغرافيا و مكر السياسة الذي أخرج المدينة من مربع النزاع بعد أن كانت منطلقه الأول وشرارته الحقيقية.
لكن ظلم المدينة لم يتوقف عند التاريخ أو السياسة إنه ظلم ذوي القربى فقد إبتلى الله المدينة بمجالس منتخبة بالمال مجالس تتوارثها الأجيال لم تقدم للمدينة أي تنمية حقيقية بل أكاد أجزم أن المدينة كانت مجرد كرسي للبعض يتذكره عند كل موسم إنتخابي وبعدها تظل بدون صوت،المجالس المحلية تدار بأشباه الأميين و البرلمان ليس أحسن حالا إنها حالة مستعصية على التحليل مفاتيحها تبدأ من حجم الأموال المتدفقة في كل إنتخابات والتي تتجاوز الملايير في حين لا يوجد شارع واحد حقيقي في المدينة و مدخلها يشبه صورة كاريكاتورية لرسام غير محترف،إنها صورة مضحكة لطبيعة إنفاق المال العام.
حال المدينة و صورتها في أعين ساكنتها لن يغيرها موسم مهما كان حجمه لأن الفرجة ترحل حتى وإن طالت فهي مؤقتة أما المشاكل فتظل حيث هي لأن غياب الرؤية و الإستراتجية لدى السلطات محلية كانت أو منتخبة هو الذي أفرز هذا الواقع الذي لا يرتفع حتى ولو صنفت طان طان كلها ضمن التراث العالمي لأن التنمية تبدأ من الإنسان،و حين يكون هذا الأخير مغلوب على أمره فإنه في النهاية يسلم صوته و مستقبل مدينته لمصطادي الفرص الذين يستغلون فقر وجهل الساكنة للوصول لكراسي البرلمان أو الجهة أو البلدية،إنه واقع مرير و متشعب عاشته هذه المدينة لمدة 50 سنة و يبدوا أن لعنة انتفاضة السبعينات من القرن الماضي لازالت ترخي بضلالها على العلاقة بين المدينة والجهات العليا حيث إستثنيت هذه المدينة مرارا من الزيارات الملكية إسوة بمدن وأقاليم الصحراء مع أنها تحتاج فعلا لزيارة ملكية لعل واقع التهميش يرتفع و تعود للمدينة المشاريع التنموية خصوصا أن بعض المسؤولين و المنتخبين لا يتحركون إلا مع الزيارات الملكية،وحين اطمئن هؤلاء أن هذه الزيارة لن تكون على الأقل في الأمد القريب فقد تركوا المدينة تواجه مصيرامجهولا مع أنها مدينة شاطئية تتوفر على ثروة سمكية وعلى مؤهلات سياحية مهمة لكنها تظل الأكثر تهميشا وإقصاءا مقارنة بباقي مدن الصحراء.
لعنة السياسة ليست قدرا مزمنا وطان طان الآن تحتاج إلى مقاربة شمولية لمشاكلها وموقعها الجغرافي والسياسي أيضا،إنها مدينة تستحق تنمية حقيقية وحلا جذريا لمشاكل معطليها بكل أصنافهم وتستحق أكثر من هذا و ذاك أن تعود إلى سابق عهدها مركزا تجاريا حرا كما كانت في السبعينات من القرن الماضي،التجارة بمفهومها الحقيقي و ليست زنقة التجارة التي يعرفها أهل طان طان و التي حولت المدينة إلى ماخور للجنود و للعابرين ،إنها ذاكرة التاريخ التي لا تنسى و كل مهرجان و طان طان بألف خير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.