إن المتتبع للشأن العام لمدينة طانطان سيقف دون شك على حجم ما تعانيه الأغلبية الساحقة من الساكنة من تهميش وتفقير واستغلال من طرف لوبيات الفساد، سيطلع على زيف الشعارات وكساد الأوهام التي يسوقها المفسدون في هذا البلد من قبيل شعار" سياسة الأوراش الكبرى" التي مل سماعها المواطن المقهور من أبواق الإعلام الرسمية، التي تبيع أوهام الاستثناء في زمن الربيع العربي الزاحف، ليقطع مع كل أشكال الاستبداد والفساد. إلا أن الطغاة لا يتعظون. ولعل وقفة واحدة لرصد بعض الاختلالات في الإقليم لأهم القطاعات الحيوية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه الفساد المنظم ترعاه مؤسسات، فالقهر الاقتصادي والظلم الاجتماعي والنفاق السياسي الذي يعيش تفاصيله المواطن لحظة بلحظة ما عاد يحتمل في ظل الثورة الإعلامية التي تبث الربيع الزاحف رغم الاستثناء المزعوم. نعود لرصد بعض الاختلالات الواضحة للعيان وما يحاول إخفاءه بعض المسؤولين في بعض المؤسسات أعظم في مجالات تهم حياة المواطن كالتعليم والصحة والبنية التحتية والمؤسسة الأمنية والقضاء... قطاع التعليم: تلك الطامة الكبرى للبلد التي تخرج أفواج العاطلين "القنبلة الاجتماعية الموقوتة" كم يسميها أحدهم، وطانطان لها نصيبها الوافر من هذه الكارثة فعلى مر السنين عانى القطاع ولا يزال يعاني من التخبط و الارتجال، وما هذا الموسم باستثناء فقد جاء في بيان لفرع إحدى النقابات التعليمية بطانطان:" لعل ما يميز الدخول المدرسي 2011/2012 بنيابة طانطان هو حالة التخبط والارتجال في التدبير" وشاهد هذا التخبط حالات الخصاص المفرط في أساتذة التعليمين الإعدادي والتأهيلي ( اللغة الانجليزية اللغة الفرنسية، اللغة العربية، الفيزياء، الرياضيات، التربية البدنية...) مقابل الفائض في التعليم الابتدائي،مما ينتج عنه التدبير العشوائي للموارد البشرية داخل النيابة، ليلجأ المسؤولون كعادتهم إلى الترقيع من خلال التكليفات التي يستفيد من أغلبها بعض النقابيين، الذين تمرسوا على فبركة محطات "نضالية"مصلحية عوض الدفاع عن كرامة رجل التعليم،( مع تقديرينا للشرفاء منهم) ولا أحد ينكر ما فعله المخزن في تمييع العمل النقابي. مع العلم أن هناك من الموظفين أو لنقل الموظفات(خصوصا زوجات بعض المسؤولين) الأشباح و شبه الأشباح ما يمكنه أن يسد بعض الخصاص...ويؤكد ذلك ما ورد في بيان فرع آخر لإحدى النقابات ما سماه " تستر الإدارة الوصية على العديد من الموظفين الأشباح، والنائبة الإقليمية لا تحرك ساكنا". واللامبالاة هي أقل ما يمكن أن يقال عن هذه النائبة المشغولة بأشياء أخرى هذه الأيام. ناهيك عن الارتجال في مجال التكوينات الشكلية التي لا هدف لها إلا كتابة التقارير الرسمية لصرف الميزانية المخصصة؟ أما سؤال التسيير فلا أحد يعرف مصير الميزانيات التي تفوح منها رائحة الاختلاس ،فعلى سبيل المثال لا الحصر: أين تذهب اعتمادات مواد النظافة الخاصة بالمتعلمين ؟ قطاع الصحة: لطالما عاث بعض المسؤولين فسادا بالمستشفى الإقليمي لسنين خلت ليستبشر الناس خيرا بسقوط المفسد الأكبر بقطاع الصحة بإقليم طانطان ،إلا أنه لا يسقط المفسد إلا ويترك وراءه جيوب مقاومة... فما تزال ساكنة طانطان تعاني الأمرين مع قضية التطبيب ، فأغلب الأطباء المتخصصين لا يشتغلون خلال الأوقات المخصصة لهم، وكل همهم انتظار موعد الطائرة لأن هناك من ينتظرهم في العيادات الخاصة. ولكل مواطن ذاكرة سيئة مع المستشفى في قاعات الانتظار لساعات يعد فيها الأنفاس، ليضطر أغلب المرضى للانتقال إلى المدن الأخرى لغياب أغلب التخصصات بالإقليم:طب العيون ، طب الأطفال، التخدير و الأشعة... إضافة إلى وجود معدات تقنية لا أحد يعرف كيف يستعملها وربما فعلت فيها الرطوبة فعلتها. أما مشاكل قسم التوليد فلا يعرفها إلا من ذاق مرارتها.