في البداية وقبل الخوض في تفاصيل تحليلنا لهذا الحدث الأليم، ندين هذا العمل الإرهابي الجبان، ونترحم على المسلمين الذين قضوا في هذه الحادثة المروعة.. ونعلن أن من قام بهذا العمل ليس له أدنى إحساس بالإنسانية ولا يمت إلى الدين الإسلامي بأي صلة، فلا شيء يبرر قتل الناس الآمنين مهما كانت الظروف... الكل يتساءل : من وراء أحداث مراكش 28 أبريل؟؟ للجواب عن هذا التساؤل يجب أولا طرح السؤال التالي: بل من المستفيد منها؟؟ إن توقيت هذا الحدث الأليم جد حساس، فهو يأتي في ظرف يتميز بحراك عربي نحو التغيير، وفي وقت بدأ الشارع المغربي يستفيق من غفلته ومن سباته الذي دام طويلا.. هذا التحرك الذي جعل النظام يحسب ألف حساب لكل ما يجري حوله من تغيرات فأٌعلن (بضم الألف) في المغرب عن إصلاحات تهم مسار التحول الديمقراطي، فالتوقيت غير برئ حيث جاء بعد الإعلان عن سلسلة من الإصلاحات: كطي ملف الاعتقالات السياسية والإفراج عن بعض معتقلي السلفية الجهادية وإغلاق ملف بلعيرج، وكذا بعض الإصلاحات في ميدان حقوق الإنسان... تنظيم القاعدة وفرضية المؤامرة ولعل تصريحات وزير الداخلية ليومه الجمعة 29 أبريل تدل على أن التوجه العام للتحقيق يصب في تحميل القاعدة مسؤولية الاعتداء ، ليجعل من فرضية كون التنظيم وراء هذا الحادث الأليم، رغم أنه لاشيء إلى حد الساعة يثبت ذلك، وهذا الشيء يجعل الداخلية تعيد سيناريو أحداث 16 ماي وما يمكن أن يترتب عنها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خاصة إن لم تكن هناك تحقيقات نزيهة في الأمر.. ولعل فرضية المؤامرة التي يمكن أن تحاك ضد أقرب الناس فكرا لتنظيم القاعدة والمعنيين بذلك هم السلفية الجهادية، ولكن هناك عدة أمور تجعل من السلفية الجهادية بعيدة عن هذه الأحداث ومنها : 1- ظروف الحركة لا تسمح بذلك لأنه لأول مرة استطاعوا أن يستقطبوا تعاطف الشعب المغربي مع قضيتهم في الانتهاكات التي طالتهم في ما يسمى بالحرب على الإرهاب خاصة بعد أحداث 16 ماي والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.. 2- مراجعة أفكارهم التكفيرية خاصة بعد التصريحات لبعض شيوخهم مثل الفيزازي .. 3- تنديد جمعية" النصير"لمساندة المعتقلين الإسلاميين والتي تتبنى الدفاع عن معتقلي التيار السلفي،على لسان رئيسها عبد الرحيم مهتاد، باعتداء مراكش، حيث دعا إلى تفادي الربط بين الأحداث الإرهابية ومسارات التنمية والانفتاح ، وأكد على صعوبة تكرار أخطاي ما بعد 16 ماي.. 4- تنديد بعض المنتمين لهذا التيار، وشجبهم لهذا العمل التخريبي، من داخل السجون ، على أنهم أول المتضررين من هذا العمل. كما جاء في تصريح لبعض المعتقلين وهو على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=mhA5IBA20eA
المؤامرة الخارجية إن الحالة المغربية ولعدة قرون كانت استثناء، وهي الآن استثناء في عيون المراقبين الدوليين والمحللين السياسيين والاجتماعيين . فما شهده العالم العربي من ثورات والتعاطي الأمني الشديد معها كما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ، وما نهجه المغرب من سياسة الحذر واتخاذ خطوات استباقية من خلال تدابير إصلاحية سريعة كما أسلفنا ، وتجاوب فئات عريضة بحذر مع هذه الإصلاحات رغم تحفظ البعض عليها.. جعل من المغرب بعيدا عن الحالة –اللا أمنية- كما حصل في دول الجوار كليبيا وبعدها الجزائر.. فهذه الأخيرة لن تقف مكتوفة الأيدي خاصة بعد إجهاض المغرب لمشروع بوليزاريو-الجزائر ومن ورائها اسبانيا وجنوب افريقيا في تطبيق مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، وكذا دعوة مجلس الأمن الجزائر بالسماح بإحصاء المغاربة في تندوف، وكذا فشل المخطط الذي كان يستهدف خلق حالة دائمة من الفوضى في مدينة العيون أثناء "مخيم اكديم إزيك" ، هذا الأمر لم تستسغه الجزائر.. مما يجعلها في حالة توتر دائم خوفا من أن تطالها رياح الثورة بعد سقوط القذافي وخوفا من إمكانية هروب المغرب إلى الأمام ومحاولة تخطيه لهذه المرحلة من خلال الإصلاحات المعلن عنها والتي لم تستطع الجزائر مجارات المغرب في ذلك وهذا الأمر لا يمكن أن تسكت عنه الجزائر إطلاقا، فمخططاتها على مر التاريخ كانت ضد وحدة المغرب وضد تقدمه .. مما يثير الشك حول إمكانية تورط الجزائر ولو بطريقة غير مباشرة حول أحداث مراكش..ومحاولة الدفع بالشعب المغربي إلى الاحتقان الداخلي من خلال التصادم الدموي بين الأمن والمواطنين من اجل استنساخ النموذج التونسي والمصري و الليبي والسوري في شقه الأمني الدموي..
المؤامرة الداخلية
من المعلوم أن تحرك الشعب المغربي بعد 20 فبراير ، كان من مطالبه الإصلاحات في كل المجالات ، وكذا محاسبة ومحاكمة كل المفسدين وناهبي المال العام، والتحقيق حول أحداث 16 ماي ومن كان وراءها والمتسبب في تشريد مئات العائلات المغربية من خلال القانون الجائر قانون الإرهاب الإرهابي.. ومن المعلوم لدى القاصي والداني أن هناك فئة ليس من صالحها أن يسير المغرب في ركب الإصلاحات لأن مصالحا ستنهار مع أول لبنة للإصلاح.. كما أن في التحقيق النزيه لأحداث 16 ماي وما بعدها سوف يكشف عن مخططاتهم الخبيثة في محاربتهم للإسلام ومحاولتهم تخويف الشعب المغربي من الإسلاميين خاصة بعد أن أحسوا أن "حزب العدالة والتنمية" ذو المرجعية الإسلامية سيسحب البساط من تحتهم وسيخلط أوراقهم ومصالحهم الاقتصادية خاصة.. ولعل الجميع يعلم ما أقدم عليه -صديق الملك –''الهمة'' بعد ذلك من خلق حزب ''التراكتور'' الذي كان يعد له من اجل التحكم في الساحة السياسية للمغرب، وذلك ليعبد الطريق أمام الماجدي وغيره من أجل التحكم في البنية الاقتصادية للبلاد خدمة للوبيات الاقتصاد وللعائلات المتنفذة والتي لا تخفى على احد.. وأمام اشتداد الطوق حول أعناق هؤلاء، خاصة بعد دعوة شباب 20 فبراير إلى مساءلتهم وتقديمهم للعدالة.. فإنه يمكن طرح فرضية إعادة سيناريو أحداث 16 ماي المفبركة من طرف المخابرات المغربية وذلك من أجل العودة بالمغرب إلى ما قبل 9 مارس في محاولة للضغط على الملك لكي لا يذهب بعيدا في خياره الإصلاحي ... وهناك فرضية أخرى، خاصة أن هناك أطرافا ليس من صالحا حل قضية الصحراء، والذين يستفيدون من هذا الوضع ،حيث بنو إمبراطورية للتهريب وللاغتناء على حساب الشعب المغربي. فبعد التقارب المغربي الجزائري مؤخرا والذي سيكون من نتائجه حل توافقي حول قضية الصحراء.. لن يبقى هذا اللوبي مكتوق الأيدي وسيعمل جاهدا على عرقلة مسار التقارب بين المغرب والجزائر. ولهذا يمكن أن نطرح فرضية تورطه في أحداث مراكش من أجل أن تنسب الأحداث إلى الجارة الجزائر وبالتالي عودة التأزم إلى العلاقات كما كانت وبقاء الوضع على ما هو عليه من الاستمار في حلب بقرة الاقتصاد المغربي من خلال استغلال قضية الصحراء .. وأيا كان صاحب هذا العمل الجبان، فإن الرسالة قد وصلت وبأقوى عباراتها.. لا توقيتا ولا مضمونا ولا تعبيرا... والتحدي هو: هل ينجر المغرب وراء هذه الفئة الضالة مهما كانت مشاربها، وبالتالي العودة إلى سنوات انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات السياسية؟؟ .. أم أن المغرب سيجعلها بداية للكشف عن حقائق لطالما حلم المغاربة بمعرفتها.؟؟.. ونذكر هنا بما وقع في مصر من تفجير للكنيسة على يد المخابرات المصرية وبإيعاز من وزير الداخلية ، وما حصل بعدها من محاكمات بينت تورط النظام في أعمال نسبت قصرا إلى مظلومين وهاهم يحاكمون ظالميهم ..فهل من معتبر؟؟؟؟؟ "وَسيعلمُ الذِينَ ظلموا أَيَّ منقلبٍ ينقلبونَ"