و نحن على بعد شهر من إنتصاف الولاية الإنتخابية و بدأ العد العكسي للمجلس الجماعي للشاطئ الابيض، يصبح من الضروري الوقوف على ابرز المحطات التي مر منها هذا المجلس و تقييم العمل الذي قام به خلال الثلات سنوات الماضية. بدءا من تشكيل المجلس سنة 2015 و اللغط الذي صاحب ذاك، مرورا بمختلف التصدعات و الإختلالات التي عرفها تدبير اموره و انتهاءا بتشخيص الوضعية الحالية لجماعة تعد من افقر الجماعات بالمغرب على الرغم من مؤهلاتها الطبيعية الفريدة. مجلس هجين واغلبية غير متجانسة في عز الخصام و التنافر السياسي و الاديولوجي بين أحزاب الأصالة و المعاصرة و الإتحاد الإشتراكي من جهة و حزب العدالة و التنمية من جهة اخرى، إستطاع 11 من اصل 15 منتخبا خلق تحالف سمح لهم بضمان تشكيل مجلس مسير. بالرغم من أن التباين في التوجهات كان باديا منذ البداية ،و لو بطريقة أقل حدة مما هو عليه الآن، إلا أن الهدف الذي كان يوحد الأغلبية آنذاك هو الرغبة الحثيثة في الإطاحة بالرئيس السابق الذي كان لهم معه الكثير من الشد و الجذب لدرجة اتهامه بإختطاف زوجة احد اعضاء التحالف في قضية اتخذت صدى وطنيا، لكن سرعان ما فندت ولاية الامن الإتهام بعد ان تبين أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد قضية خيانة زوجية لا علاقة لها بالصراع الإنتخابي. غياب التجانس هذا سيكون له تبعات عجلت بظهور تصدعات بين اطياف المجلس. تغييب عنصر قبلي مهم بالمنطقة خلال تشكيل المجلس كما هو معروف في منطقة الصحراء عموما، لم يكن في منأ من التجاذبات القبلية،من المعلوم ان المجال الجغرافي لجماعة الشاطئ الابيض يمتد على النفوذ الترابي لثلاث قبائل هي قبيلة الشرفاء أولاد بوعيطة، قبيلة الزكارة و قبيلة أيت ساعد. هذه الأخيرة التي تم حرمانها من تمثيلية مهمة بالمجلس بعد ان تفردت قبيلة الزكارة بالرئاسة في حين عادت النيابة الأولى فالثانية ثم الثالتة لأعضاء من قبيلة أولاد بوعيطة. الإقصاء لم يتوقف عند التمثيلية فحسب بل ايضا من خلال عدة برامج ركزت على مناطق بعينها في حين تم تجاوز دوائر بأهمية رأس الطارف. الإستياء الذي تعرفه ساكنة رأس الطارف ظهر جليا من خلال التفاعل و التعاطف الكبير الذي ابدوه اتجاه احد العضوات "مريم البرديجي" المنتمية لها في خرجتها الأخيرة ردا على محاولات تغيبها. سنتطرق لهذا الموضوع في ما يأتي بمزيد من التفاصيل. رئيس ضعيف و نواب متنفذين يكاد لا يخفى على احد من متتبعي الشأن المحلي بجماعة الشاطئ الابيض كيف ان الرئيس "حمدي العمري" كان خاضعا بشكل كامل لإملاءات نائبيه الاول "عبد الله مومو" و نائبه الثالت "الطيب،ظويف" اللذين جعلا منه رئيسا صوريا لا يملك من امور تسيير جماعته شيئا، ساهم في ذلك أيضا ضعف تجربته و درايته بشؤون المنطقة. استمرار الأمر على هذا الحال لم يدم طويلا خصوصا بعد الطعنة التي تلقاها سنة بعد ذلك و بالضبط بعد خروج نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2016 و التي فيما يبدوا شكلت صدمة للرئيس الذي كان يتوقع من حلفائه بالمجلس الدعم في سباقه الى البرلمان، إلا ان هؤلاء آثرو السمسرة لمرشح الإتحاد الإشتراكي بكل من دائرتي الفيجة الشرقية و الغربية. ردة فعل الرئيس حينها كانت في ان سحب منهم جميع صلاحيات تمثيل المجلس بمختلف الإدارات بالإضافة إلى القطيعة التي تلت الحادث. حاول بعدها النائب الثاني "أحمد الشناوي" سد الفراغ و لعب دور الفاعل الرئيسي الى جانب الرئيس إلا أن افتقاده للكاريزمة اللازمة سرعان ما أكد للرئيس صعوبة استمراريته في تسيير المجلس بدون دعم نائبيه القويين، فتدخلت اطراف من كلا الجانبين لحلحلت الخلاف و ارجاع المياه لمجاريها مع اعطاء بعض الإعتبار للرئيس. مجلس موسمي لتدبير الاصطياف يعود الفضل للمجلس الجماعي للشاطئ الابيض في خلق مفهوم جديد ينضاف لقاموس العمل السياسي بالمغرب، ألا و هو المجلس الجماعي الموسمي. يرجع السبب في هذه التسمية الى ان عمل المجلس يصبح مقرونا بموسم و نشاط معين، وبما ان الشاطئ الابيض يتوفر على ساحل يمتد على ما يزيد عن 50 كيلومتر فهذا الموسم هو موسم الاصطياف الذي تحج فيه ساكنة وادنون الى الشاطئ هربا من لهيب الصيف، فيوقظوا منتخبي المنطقة من سباتهم الشتوي حتى يهيؤوا اجواء الإصطياف. من الجميل جدا ان يمر الإصطياف في احسن الأجواء و أن توفر جميع الإحتياجات لزائري المنطقة من ماء و مرافق و ان لا يدخر جهد من اجل راحتهم و سلامتهم، لكن الخلل يكمن في ان يتمحور عمل المجلس على هذا و ان لا يتم مراعاة متطلبات الساكنة التي تحتاج بدورها إلى التزود بالماء و ان تحظى بشيئ من الإهتمام على غرار ضيوفها الكرام. العمل من أجل توفير شاطئ لائق لإستقبال مصطافين لا يجب ان يكون شهر قبل انطلاق الموسم بل هو عمل متواصل تكون الغاية منه خلق بنية تحتية دائمة توفر على المجلس نفقات الحفر و البثر و الجرف كل سنة، كما تمكنه من خلق موارد تستفيد على إثرها الجماعة و تعود بالنفع على الساكنة. أغلبية هشة و السبب انفراد بالقرارات بعد ان كان الخلاف الحاصل بين اعضاء المكتب المسير لجماعة الشاطئ الابيض مقتصرا على التلميح في تدوينات فيسبوكية هنا و هناك بالإضافة إلى شيئ من القطيعة، طفا مؤخرا الى السطح الشرخ الكبير الذي يفصل بين مكونات الاغلبية و بشكل صريح أعلن عضوان هما النائب الثاني للرئيس "أحمد الشناوي" بالإضافة الى عضوة اخرى "مريم البرديجي" باعتبارها رئيسة احد اللجان عن انسحابهم من اجتماعات المجلس اعتراضا على الإختلالات التي يعرفها التسيير ناهيك عن غياب الشفافية و انعدام التواصل بين مكونات الأغلبية الشيئ الذي جعل القرارات محصورة بين الرئيس و نائبيه الأول و الثالث . حسب تصريح النائب الثاني فالإنفراد بالقرارات و الإقصاء الممنهج اتجاهه هو ما دفعه الى الخروج عن صمته. في تعليق على احد منشوراته وجهنا له السؤال عن سبب سكوته طول هاته المدة عن تجاوزات المجلس، خصوصا وقد عرفناه ايام العمل الجمعوي يقيم الدنيا و لا يقعدها لأتفه الاسباب، فكان رده ان قام بمسح التعليق، في سلوك لا نستطيع إلا ان نصفه بالجبان و الذي ينم عن ضعف الشخص و غياب الحجة. التفسير المنطقي لهاته الضجة التي اثارها و التي للأسف لم تلقى اي صدأ من طرف حلفائه في المجلس هو عدم اشراكه في تقاسم كعكة الدعم الموجه لتنظيم موسم الإصطياف و المتمثل في 180 مليون سنتيم. بإعتباره رئيس احدى الجمعيات التي دأبت الاستفادة منه. لنا عودة بتفاصيل مثيرة عن كيفية صرف هذا المبلغ المهم و الإختلالات الفاضحة التي رافقت ذلك. اما بخصوص الخرجة الإعلامية للمدعوة " مريم البرديجي" احتجاجا على احد النواب باعتباره انتقص من قيمتها كمنتخبة جاءت لتمثيل الساكنة، فهي لا تعدو ان تكون فقاعة لا طائل منها, اذ نعلم جميعا ان التمثيلية النسوية طيلة الثلات سنوات الماضية لم يكن لها ادنى دور في اتخاذ القرارات، مساهمتهم تقتصر على رفع اليد من اجل التصويت على النقاط المدرجة في جدول الأعمال او لتأثيث المشهد خلال بعض الانشطة. تواجد قطري فعال و مثمر في ظل كل هذا التخبط الذي يعيشه المجلس و إفتقاده لاستراتيجية تنموية واضحة. برزت المؤسسة العالمية للمحميات الطبيعية و الفطرية و التي تتوفر على محمية تابعة لها بالمنطقة، كفاعل رئيسي في خلق التنمية، إذ تكاد تنفرد بتمويل جل المشاريع المقامة و التي كان آخرها تمويل مشروع تعبيد طريق رأس الطارف إلى مصب وادي اساكة. تنضاف الى مشاريع تزويد الدواوير بالماء و الكهرباء بجانب الدعم السخي الذي تخصه للمبادرات الانسانية. على الرغم من كل الإيجابيات التي صاحبت تواجد المؤسسة القطرية بالجماعة، إلا أن الساكنة لم تكن دائمة الثناء عليها و بالخصوص الشباب المعطل منها. اذ شهدت اعتصامات مفتوحة قادتها "تنسيقية شباب الشاطئ الابيض" اعتراضا على استقدام يد عاملة من خارج المنطقة. التدخل السلبي للمجلس الجماعي آنذاك ضدا في المطالب العادلة للشباب المعطل، شكل سابقة أثارت سخطا كبيرا، إذ إنصف بعض المنتخبين عكس ارادة ناخبيهم عوض الإسراع لإيجاد حلول. انتهى الإعتصام بعد تدخل الوالي الناجم بهي و استقباله لممثلي التنسيقية بمعية بعض الاعيان و الذي قدم لهم ضمانات ساهمت في تهدئة الإحتقان الحاصل. تهميش ممنهج في ظل توفر مؤهلات سياحية واعدة اصبحنا اليوم أكثر يقينا بأن المشروع السياحي الواعد الذي تم التسويق له قبل ما يزيد عن عشر سنوات باعتباره سيجعل من منطقة الشاطئ الابيض محطة سياحية مهمة بمنتجعات و فنادق فاخرة و مصنفة، لا يعدو ان يكون مجرد وهم إستطاعت الدولة به أن تستولي على وعاء عقاري مهم تناهز مساحته 700 هكتار. فبعد مفاوضات مطولة مع صاحبة الأرض، أي قبيلة أولاد بوعيطة، تنازلت هاته الأخيرة عن واحدة من اجمل القطع الأرضية حتى تكون حاضنة للمشروع، متوسمين في ذلك ان يخلق فرص شغل و رواجا اقتصاديا تستفيد على اثره جهة وادنون ككل. لكن للأسف وبعد تعاقب ثلات مجالس منتخبة لم يتم تحقيق اي خطوات في اتجاه خلق استثمارات او حتى تحرير العقار و تمكين الخواص من خلق مبادرات تنموية من شأنها تحسين المستوى المعيشي للساكنة. يبدو ان المجلس يكتفي بترقب مراسلات بعض برلماني الاقليم للادارات المركزية و التي لا تأتي بأي جديد او حتى تلمح لإنفراج في قابل الأيام. الأكيد أن الساكنة و الفاعلين المنتمين للمنطقة أصبحوا و أكثر من أي وقت سابق يعيشون احتقانا كبيرا جراء التهميش الذي طال اراضيهم و الذي يحول دون تمكينهم من الإستفادة منها و تثمينها على غرار باقي الجماعات الساحلية، خصوصا مع توفرهم على واحد من اكبر و اروع الشطآن الرملية بالمغرب. معارضة يقضة تراقب في صمت رغم الإختلاف الكبير بين فريق المعارضة المتمثل في أربعة أعضاء هم" الطيب الموذن " " بوبكر باريك " " عبد السلام حميدوش " " السالك بعيريس " و المجلس المسير، إلا أنهم و منذ انتخابهم سنة 2015 أبانوا عن مستوى كبير من الوعي و فسحوا المجال للأغلبية للإشتغال في جو سليم بدون أي عرقلة أو تشويش يذكر، و هو ما لم يتم إستغلاله من طرف الفريق المسير من اجل المجيئ بمبادرات وازنة. فحتى موسم الإصطياف الذي كان بمبادرة من المجلس السابق، الذي أشرف على انجاز أول نسخة منه سنة 2014، جعلوا منه فرصة للنهب و السلب بشكل فاضح. في نسخته الحالية توصل المجلس الجماعي للشاطئ الابيض بدعم قيمته 150 مليون سنتيم من طرف ولاية كليميم وادنون بالإضافة الى الدعم المجحود الذي خصصه المجلس الإقليمي و المتمثل في 25 مليون سنتيم، هذه المبالغ المهمة تم التصرف فيها بشكل مثير للجدل من طرف المجلس المسير، هنا أخص بالذكر رئيس المجلس و بعض نوابه، الذين تعاملوا بتكتم كبير مع طريقة صرف هاته المبالغ و معايير تفويت صفقات تهييئ موسم الاستطياف. ففي خرق سافر لمبادئ النزاهة و الشفافية تم تفويت تسيير موسم الإصطياف لجمعية يرأسها إبن أخ الرئيس الذي بدوره وزع مهام التنشيط و التنظيم على أقاربه حتى تشمل اكبر عدد من ذوي الرئيس، ناهيك عن التلاعبات الخطيرة التي تشوب عملية تهييئ مكان الإصطياف و تفويته لمقاولة تابعة للرئيس نفسه عبر أحد أقاربه. في ظل هذه الإختلالات اصبح من الواجب على المعارضة و الفاعلين الحقوقيين و السياسيين بالمنطقة التدخل بشكل جدي من أجل الوقوف عن كثب على هاته التجاوزات و رفع طلبات و ملتمسات إلى المجلس الجهوي للحسابات بكليميم للمراقبة و افتحاص ميزانية الاصطياف التي صرفت من قبل المجلس الجماعي بطريقة تشوبها الكثير من الخروقات.