لا يخفى على كل متتبع للأحداث التي تقع في مدينة العيون حاليا في ما يخص جانب النقل والذي يسميه البعض " بالنقل السري " وهو على النقيض من ذلك المصطلح فهو وإن صحت العبارة نسميه : " بالنقل المكمل "، والذي بدوره يساهم في تصريف أزمة التنقل الذي تعاني منه المدينة وخاصة في ما يتعلق الأمر بالأحياء البعيدة المسافة عن مكان النقل العادي ك : { 25 مارس، 84،... }، والتي لا يمكن للنقل العادي الوصول إليها ربما لظروف عديدة يجهل مكنونها كل من هو بعيد كل البعد عن العمل في هذا الميدان، "فالنقل المكمل" هو وسيلة يمكن من خلالها تصريف أزمات يجهلها المسؤولون من جهة، لغيابهم عن حال الساكنة واهتمامهم بالهدم والبناء والجلوس على موائد الحوار والنقاش الشخصي الذي يخدم مصالحهم ...، ويتغاضى عنها كل من يملك وسيلة نقل لنفسه، وكما يقال : " فالبطن الممتلئة في غفلة عن البطن الفارغة "، فمن يملك وسيلة نقل لنفسه وقد تكون كل مصاريفها مجانية، ويسكن قريبا من الأسواق أو لديه من ينقل إليه كل مقتنياته ...، ليس كالذي لا يملك وسيلة نقل والذي يبعد مسافات عن الأسواق ... فمصطلح " النقل السري " يحجب عن العامة أو الرأي العام خلفيات من يعنيهم الأمر " المسؤولون " الساعين إلى محاربته في إطار إستثمار إيجابي تستفيد منه الهيئات المختصة أو مؤسسات القطاع العام، والغريب في الأمر وما يحز في النفس هو أن هناك تغليب الجانب المؤسساتي على الجانب الإنساني للأفراد أو الساكنة، وكأننا في كيان تحكمه المؤسسات بالدرجة الأولى وننفي أن قيام هذه المؤسسات يعتمد على الأفراد بالدرجة الأولى، فبدون أفراد تنعدم المؤسسات، وكذلك بدون مجتمع يختل عنصر من عناصر هذا الكيان الذي يعد المكون الرئيسي لها في جل الميادين. والذي لا بد من خلاله السعي وراء تمكين كل فرد من حقوقه كاملة كما خولها الدستور له جملة وتفصيلا، ولعل المعنيين بالأمر يسعون لمحاربة " النقل السري " من أجل وضعه في إطار قانوني تستفيد منه الجهات المختصة، ولا يهمم نسبة الأسر التي ستتضرر من ذلك والتي عانت الأمرين بين الوقوف في الشوارع وأمام أبواب الولاية ولا تجد بين هنا وهناك إلا عصي وهراوات رجال السلطة وأنواع السباب والشتائم...، أو نسبة المعطلين الذين سعوا إلى التنازل عن المطالبة بحقوقهم علنا لما يتلقونه من تنكيل وتعنيف أمام العامة والنتيجة لا شيء، ولا يخفى علينا أن هناك ثلة من المسؤولين وإن لم نقل جلهم يعتبرون أنفسهم فوق القانون أو إن صح التعبير هم القانون نفسه وبهذا نكون أمام " القانون الشخصي " وليس " التشخيص القانوني " فإذا كان من هم فوق القانون أو القانون نفسه ينفون وجود حقوق مشروعة ومقننة في الدستور لصالح عامة المجتمع سواء بالنسبة : { لمن يعاني البطالة ويتلقى التعنيف المادي والمعنوي لإسكاته }، أومن يعاني الأمرين : { كالأرامل، والمطلقات، والأيتام، والمعاقين ... }. فلا داعي للتدخل أو إقتحام حريات الأشخاص في خلق مجال للكسب الطيب والبسيط ، أو التدخل بين الحريات المخولة لهم في ما يرضونه لأنفسهم عبر التعاون في ما بينهم. فكفاكم من التطفل على الغير لا لشيء إلا لأنهم رضوا بالقليل البسيط، فما تسمونه " نقلا سريا " ليس أكبر معضلة مما هو مسكوت عنه من فساد إداري وإجتماعي ...، ولا نجد تحريك أي ساكن إتجاهها لا لشيء إلا أنها متعلقة بأناس تحميهم السلطة والمال والجاه، فتحية لكل من تشبث بمبدأ العيش الكريم، فالحياة كفيلة بكل عصامي يريد بناء نفسه بنفسه في إطار كسب حلال ومشروع المراد منه هو التكافل الإجتماعي فقط بعيدا عن باب ساحات الفوضى والعنف والتفكير في حلول تصعيدية قد يتحمل تبعاتها السلبية كل من هو مسؤول وبالتالي تفتح ملفات وملفات... وترفع مذكرات ومذكرات... يتعرض فيها الكل للمسؤولية والمحاسبة وأخير المطاف يؤولون إلى ما أل إليه الوضع في المدن الأخرى، والتي سحب البساط فيها عن العديد من المسؤولين، ولا ننسى بأن ما نلحظه من تغليب للجانب البيروقراطي على الجانب الديمقراطي الذي يعطي الغير شرعية التصرف حسب ما أراد وبأي وسيلة أراد، لنصير أمام ديمقراطية اللعب والتلوين بالمصطلحات وتزييف الأفكار وكذلك الأشخاص، ديمقراطية تعود بنا إلى عصر الجهل والاستعباد... وبالتالي عصر الفوضى والطغيان...، فقد إنتهى عهد البيروقراطية وحل محلها عهد الديمقراطية التي تعطي الإرادة للشعب الرد بحرية على كل ما يمس حقوقه سواء منها الطبيعية أو المدنية. فالنقل المكمل أو السري ضرورة تكيفت معه جميع الشرائح ولا مهرب منه رغم الجهود المبذولة من طرف المسؤولين للحد منها، فبدلا من أن تبحث عن الآليات للتقنين إلا أنها تستعمل أسلوب الزجر والمطاردة المافيوية في الشوارع مستهدفة السائق وكذلك المارة، وصدق من قال: " بأن واضع القانون خارقه "، فبدلا من فتح حوار مع المعنيين وإيجاد حلولا تضمن لهم العيش لهم ولأسرهم ...، نتفاجأ بالنقيض المتمثل في تفادي الحوار وتفعيل أسلوب المطاردة وعدم الإكتراث بالأسر التي تعيش على ذلك المكسب...