بحسب مصدرٍ في الجيش الجزائري، وافقت روسيا على تسليح اللواء المُنشَق خليفة حفتر، أحد اللاعبين الرئيسيين في الحرب الأهلية الليبية. وقال المصدر لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن الجزائر، وهي أحد الوسطاء الرئيسيين في المنطقة، ألقت هي الأخرى بثقلها خلف حفتر. وأضاف المصدر: "علينا أن نواجه الحقائق. لن ننتظر الفرقاء السياسيين الليبيين إلى الأبد حتى يصلوا إلى توافقات. تحتاج ليبيا إلى فرض القانون عبر كامل أرجاء البلاد، وتحتاج إلى جيشٍ قوي قادر على ضمان تأمينها للحدود. ونتشارك الرؤيةً مع روسيا". ويقود حفتر الجيش الوطني الليبي شرقي البلاد، وهو حليفٌ مُقرَّب من مجلس النواب الليبي المُنعَقِد في طبرق، المجلس المنافس لحكومة الوفاق الوطني التي تتَّخذ من طرابلس مقراً لها، والتي فقدت السيطرة على كامل البلاد فيما عدا العاصمة الليبية، وذلك على الرغم من الدعم الدولي. ويُعتَقَد أنَّ حفتر، مدعوماً بالعربات المُصفَّحة، والذخيرة، وأجهزة التنصُّت والمراقبة المعقَّدة الروسية، سيكون الآن قادراً على ترسيخ صورته باعتباره رجلاً قوياً في بلدٍ مُنقسِم بوتيرةٍ متزايدة. وقد يمنح الاتفاق روسيا في النهاية موطئ القدم الذي كانت تسعى وراءه لسنوات في شمال إفريقيا. وقال مصدرٌ عسكري جزائري لموقع "ميدل إيست آي" إن "الروس طلبوا من الجزائر في 2010 إمكانية الوصول إلى قاعدة مرسى الكبير البحرية بالقرب من وهران غرب البلاد". وأضاف: "لكن بالعودة إلى ذلك الحين قلنا لا. والآن بإمكانهم الوصول من خلال الساحل الليبي". وأكد المصدر أن الاتفاق قيل إنَّه تم التوصُّل إليه خلال زيارة حفتر لحاملة الطائرات الروسية، الأميرال كوزنيتسوف، في 11 من يناير/كانون الثاني الجاري. استعادة النفوذ وأرادت روسيا كذلك استعادة النفوذ الذي تمتَّعت به في ليبيا قبل سقوط القذافي. إذ قيل إنَّ عقد تسليحٍ مُربِحاً بلغت قيمته 4 مليارات دولار قد وُقِّعَ قبل الإطاحة بالزعيم السابق في 2011، في حين أنَّ التدريبات العسكرية التي قدَّمتها لقواته قد منحتها حليفاً مخلصاً في المنطقة. وقال عقيدٌ في ظل حكم القذافي إنَّه "سيكون هناك تنسيقٌ أعمق على مدار الأشهر المقبلة". وأضاف: "سيُسهِّل حفتر وصول الروس إلى موانئ في ليبيا، بالإضافة إلى أنَّه سيفتح لهم مدارج مطارات". وقال مصدرٌ دبلوماسي إنَّ اتفاق يناير/كانون الثاني تم التوصل إليه بعد سلسلةٍ من الاجتماعات في الجزائر العاصمة وموسكو. وأضاف: "هذا هو ما ذهب حفتر ليطلبه في موسكو نوفمبر/تشرين الثاني، ثُمَّ بعد ذلك في الجزائر ديسمبر/كانون الأول". وجاء ذلك في أعقاب اجتماعٍ عُقِد في موسكو سبتمبر/أيلول الماضي بين المبعوث الخاص للواء حفتر، السفير الليبي لدى المملكة العربية السعودية عبدالباسط البدري، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ونائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف. ولا تستطيع موسكو بيع الأسلحة إلى حفتر مباشرةً لأنَّ حظر الأسلحة الذي فرضته الأممالمتحدة على ليبيا منذ 2011 لم يُرفَع بعد. "دعم يناسب الجميع" وقال المصدر: "كان بإمكان حفتر الاعتماد على حليفتيه، مصر والإمارات، لكنَّ معظم أسلحتيهما أميركية. فكان الحل الأمثل، آنذاك، هو الجزائر، والتي تحصل على 90% من أسلحتها من روسيا. وكانت الفكرة هي أنَّ بعض هذه الأسلحة قد تُنقَل إلى ليبيا". وقال الدبلوماسي مبتسماً إنَّها "ما كانت لتكون عملية بيعٍ حقيقية". وأضاف: "دعونا نقول إنَّها أقرب إلى صورةٍ من الدعم كانت تناسب الجميع". وبحسب مصدرٍ مدني مُقرَّب من المفاوضات التي عُقِدَت في العاصمة الجزائر بين اللاعبين الليبيين المختلفين، فقد تلاقى دعم روسيا لحفتر مع مصالح الجزائر. وقال المصدر: "حتى على الرغم من أنَّ الجزائر لا تثق به - أي حفتر - تماماً، كانوا يعرفون أن ما من أحدٍ سواه يستطيع أن يضمن حداً أدنى من الاستقرار في ليبيا في الوقتِ الراهن". وفي ديسمبر/كانون الأول، كشف موقع "ميدل إيست آي" أنَّ الجزائر وافقت على تقديم أسلحةٍ لحفتر طالما أنَّها لن تُستَخدَم للسيطرة على السلطة بطريقةٍ غير شرعية، أو في محاربة الليبيين الآخرين من غير مسلَّحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". وارتفعت أسهم خليفة حفتر ليصبح لاعباً رئيسياً في ليبيا بعد حربٍ شعواء قادها ضد الجماعات الإسلامية المتحالفة مع حكومة الوفاق، وكذلك بعد عددٍ من التحرُّكات السياسية، بما في ذلك الاستيلاء على موانئ الهلال النفطي. وأصبح حفتر، أحد الموالين السابقين للقذافي، رمزاً بارزاً في الحرب الأهلية ضد الزعيم السابق، واليوم يُقدَّر عدد المسلَّحين الذين يتبعونه ب60 ألفاً. وقال مصدرٌ مقرَّبٌ من أجهزة المخابرات الجزائرية إنَّ حفتر "استُقبِل كزعيمٍ في الجزائر العاصمة وموسكو، واتَّفق مع صانعي القرار السياسي والأمني الجزائري على تعيين مبعوث شخصي للإبقاء على خط مفتوحٍ للتواصل حول مسائل مكافحة الإرهاب". اعتراف روسي وأضاف: "لكنَّ الأمر الأهم هو أن السماح له بالصعود على متن حاملة الطائرات كان طريقةً من الروس للاعتراف به قائداً وحيداً للجيش الليبي". وبحسب المعلومات التي جمعها موقع ميدل إيست آي، وصل أكثر من 150 من مقاتلي داعش بالفعل إلى منطقة فزَّان جنوب غربي ليبيا، والتي تقع على الحدود مع الجزائر، والنيجر، وتشاد. وبسبب مخاوف تشاد من مواجهة المسلَّحين الآخرين المرتبطين بداعش ومسلَّحي بوكو حرام في غرب إفريقيا، أغلقت حدودها مع ليبيا منذ 5 يناير/كانون الثاني. وقال المصدر العسكري الجزائري: "سترغب روسيا هي الأخرى، إلى حدٍ ما، في جعل هذه المنطقة آمنة"، مُضيفاً أنَّ الجزائر تخشى تدفُّق ما يصل إلى 3 آلاف مقاتل هارب من مناطق سيطرة داعش والمعارضة الآخذة في التقلُّص في سوريا والعراق. لكنَّ الجزائر لا تزال متمسِّكةً بالتوصُّل إلى حلٍ سياسي رغم اتفاقها مع حفتر، وفقاً للدبلوماسي الجزائري، الذي قال: "لا نزال نعتقد أنَّ أرضيةً مشتركةً يتعين إيجادها من قِبَل جميع الأطراف، لكن في الوقت نفسه، علينا أن نجعل من بناء الجيش الليبي أولويةً".