ها هو موعدُ شَدِّ الرحال إلى البقعة المباركة يقترب .. فترى الأنفُس تستعد للرحيل ! والدموعُ تترقرق في المُقل خوفاً و طمعاً! و اللُّعابُ يكاد يسيل تحت الالسن يجْرِف الشفاه.. و رائحة الرَّفاه هناك تسبق الزمانَ و تخترق المسافات ، لتُنعِش أُنوفا قد أيْنَعَت و حان "انتِفاخُها" !! إلاَّ من رحم ربُك . بركات الولي الصالح بدأت تستولي على بعضِ النُّفوس "الزكية" التي شَمَلتها بَحْبوحات" التزكية " الحزبية ، فترى الشوقَ يحمل بعضَهم كالطير صافَّاتٍ لأَمَلِهم الكبيرِ في أوَّل زيارةٍ لهم لتلك القُبَّة الشريفة، عَلَّها تمسحُ عنهم متاعِبَ الحياة الدنيا البئيسةِ بَيْنَنا ،فيلتَحقون هناك بالحياة العليا و امتيازاتها .. وقد يُصبحون يوما من الخُدَّام "الأوفياء" ! البعضُ الآخر من طلاب الزيارة المَيَامين، يَملؤُهم الحنينُ لذكرياتِهم الجميلةِ القديمةِ هناك .. و رُؤاهم الصالحةِ في مَرَاقِدِه!! فكَمْ مِن رؤيا صادقةٍ هناك جَلَبَت البركةَ لأهلها و تَحقَّقت لهم ولأهليهم بها المعجزات " تْحْلَمْ أُ تْشوفْها ..بيهْ فيهْ " ... الله ارزقنا و إياكم سِنَة النوم هناك و لَوْ لثواني ، عَلَّنا نحلُم و نَرى رُؤى صادقةً مثلهم ! تَرفعُ عنَّا كَضَم " القناعة المزيفة " أو تدفع عنا إلى الجحيم دون رِجعة كابوسَ الخوف مِن تقاعدٍ يَتَهاوى مع الزمن ويشيخُ مع صاحبه ، حتى إن بعضنا تنازل عمَّا تبقى من سنوات عمله كُرْها (التقاعد النسبي) حتى لا يشيخَ تقاعدُه قَبل الأوان !! إن من غرائب بركات هذا الولي الصالح ، أن "المبيت" في مَقامِه خمسَ "ليال" إلا قليلا ، كاف ليُنسيك الهَمَّ والحزن وغلبة الدَّيْن وقهرَ الرجال!! و قد يُنسيك معه الوعدَ والعهدَ لا قدر الله إذا كان إيمانُك ناقصا ."نسال الله السلامة والموت على المبدأ " أعود إلى أصحابنا الحجاج الميامين للمرقد الأمين .. الكل في هذه الأيام المباركة من الموسم المبارك، يتعرضون لنفحات هذه الساعات المباركة من دَهْرنا، بخشوع وإخلاص، و صبر و إصرار كما يتعرَّضُ المؤمِنون لنَفَحَات رمضان أو ليلةِ القدر، ..فتراهم يشُدُّون مآزرَهم و يوقظون أهاليهم... و جنودَهم! و يستنْجِدون بمهاراتهم ، و يتضرعون إلى المعارف و الأحباب والأصدقاء الجدد و القدامى ، ويضيفون الأصدقاء دون شروط تذكر في لائحة صفحاتهم الفيسبوكية و الهواتف " الذكية" ... ومنهم من تجاوز أعدادُ اصدقائِه الافتراضيين الآلاف وقد يضيف صفحات أخرى ، و منهم من استأجر له أعوانا وخدما للإشراف على صفحاته وإرسال رسائل التهنئة و الإعجاب لأصدقائه الافتراضيين، لأنه لا يحسن الكتابة والقراءة بالطريقة التي تَليق بالمَقام ! وقد ينخرطُ في "القتالِ الأزرق" إذا لزم الأمر ... إنه الاستعدادُ الافتراضي الذي دخل بدوره مُعْتَرك موسمِ الولي الصالح سيدي البر.. لمان. هذه الأيام تنزل البركاتُ على بعض الأفئدة و تغْشاها كراماتُ الولي الصالح ، فترى طالبي الزيارة يُحْيُون الرَّحِمَ و رحمَ الرحمِ و جيرانَ الرحم ، وهُمْ مَن أَماتوهُ مند سنوات ! هذه الأيام يغشى المحظوظين الوقارُ ، فيتقَرَّبون إلى الناسِ ، عامَّتِهم و خاصَّتِهم مِن طلبة و تلاميذ و " طْلبا" (حفظة القرآن ) و أئمة بعض المساجد المَنْسية على هامش الحياة منذ سِنين ، سائلينهم الدعاء لهم بالتوفيق ، و التَبَرُّك بما يحفظونه من بعض الآيات المناسبة لمثل هذه المواسم و الأغراض! لعلهم يحضون بشرف الزيارة ، أو "تكليف" الزيارة ، أو حتى "ثقل" الزيارة كما يحب البعض تسميتَها !! فلا تستغربوا إن سمعتم هذه الايام أن فلانا "كيْجري جْهْدو" و يتدافع للفوز بشيء يقول إنه حمل ثقيل ! كأنما "مَكاين اللي اهنيه "! منهم من يتفنَّن في الأدب و الخطاب، و منهم من يتدربُ على التواضُع ، و منهم من يفتح مُؤقتا القلبَ و البابَ مَحبةً وكرَما .. و يَستعِد لنَصب الخيام ل"المعارف" (جمع معروف أي إحسان و أكل وشرب ) ليُكرم اليتيم ويُطعم المسكين ، ويَتَودَّد إلى المخالفين و يَهتَمُّ باللامباليين و يفتخر بالشباب و يُظهر حزنَه على حالِ المُعْوِزين ... نعم، وسيستمع للجميع .. و قد يعطيك الكلمة لتُقدِّم مطلبك، وأنت تستغربُ كيف يحدث فجأة كلُّ هذا وأنت لم تعرفه أبدا على هذه الحال من قبل ! سيُقدِّمُ لك وُعودا و عُهودا صغيرةً أو كبيرة ، و يُقسم لك بذكر اسمك الخاص عند أقدام الولي الصالح ، و مُستعِدٌّ ليذرف الدموع خشوعا و تضرُّعا بغزارة عليك أو بالنيابة عنك، و سيتمنى لك هناك ما تتمناه لنفسك، و سيذكر حَيَّك وقَبيلتَك و مدينتك هناك ... وسيُدَوِّن حالا كلَّ طلباتك ... ويَعِدُك بالوفاء و العطاء، ثم يختِم بأدبِ العارفين وهو في قِمَّة الخضوع و الخنوع ، طالباً من الجموعِ "السماحه" ، فقد يذهب دون عودة لا قدر الله .. إلاَّ في الموسم المقبل!!! كما فعل جُلُّ الأولينْ .. انتظروا الجزء الثالث بعنوان"ها أنت في القبة.." دمتم في صحة فكرية على الدوام .