وهبي يرفض تضخيم أرقام الطلاق بالمغرب.. ويطالب المحامين بالموضوعية    وزير الداخلية يكشف عن مشروع لتعزيز الشفافية المالية للأحزاب السياسية    "يوسي بن دافيد" من أصول مغربية يترأس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل                التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    قرض ب400 مليون أورو لزيادة القدرة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    إسبانيا تواصل عمليات البحث وإزالة الركام بعد أسبوع من فيضانات    أنفوجرافيك | أرقام رسمية.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.6% بالربع الثالث من 2024    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة    وزارة الاستثمار تعتزم اكتراء مقر جديد وفتح الباب ل30 منصب جديد    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزء الخامس من يوميات " السر " لمحمد الوحداني : عش الشياطين !
نشر في صحراء بريس يوم 03 - 09 - 2016

نشر المعتقل السابق ورئيس بلدية سيدي افني المعزول السيد "محمد الوحداني "مقالا جديدا على صفحته الشخصية من سلسلة يومياته التي اختار لها عنوان " السر " ننشر لكم الجزء الخامس من يوميات السر : عش الشياطين !
إبتسمت غيضا ، و الحنق قد أخد بمجامعي ، أفكار كثيرة جالت بخاطري ، أن أرفض الإدلاء باي تصريح و إلتزام الصمت ، طيلة مراحل التحقيق و التقديم و المحاكمة .و أن أدخل في إضراب مفتوح عن الطعام و الماء ، فكرت بأن أية مساهمة مني في هذه المهزلة ، هو إضفاء شرعية قانونية و تاريخية ، على هذه المؤامرة اللعينة . الهدف كل الهدف من هذه المسرحية المغبركة ، هو إزاحتي عن المشهد السياسي و الإنتخابي ، تيقنوا جديا أنني حجرة عثرة في طريقهم . كنت أول رئيس في تاريخ المغرب إستقدموا له اربع لجان تفتيش في مدة عام !!! حاولوا جهدهم إفشال تجربة رئاستي ، و إحباطي ، لكن التضامن الشعبي الواسع ، و خصوصا في السنتين الأخيرتين بعدما توضحت صورة المؤامرات المخزنية ضدي من جهة ، و تكالب اللوبيات الفاسدة ضد التجربة التي راهنت عليها الساكنة للخروج بالمنطقة من دائرة التهميش و الحكرة .... و بعد أن لم تنجح محاولات التصفية الرمزية لتجربة السكرتارية ، إذ أن النفس الإحتجاجي إستمر باشكال مختلفة ، و استمرت معه قوافل المعتقلين و أحداث نضالية في مختلف مناطق اقليم إفني ،بين الفينة و الأخرى ، و باءت بالفشل كذلك اوهام مريضة تريد إقبار إسم محمد الوحداني كمناضل و كأحد قيادات الحركة الإحتجاجية ، ومن بعدها جاءت محاولات التصفية الجسدية عبر حادثة سير في يوليوز 2014 ، و تهديدي عبر وسطاء لهم أنني إذا لم أنخرط في حزب البام ،وكما قال لي بعض وسطائهم : * غادي نطحنوك * ! ابودرار محمد الأمين الإقليمي لحزب الأصالة و المعاصرة ، كان ودودا في إقتراحه لي الإنضمام الى حزبه ، قلت له في نقاش جماعي ، حضره الأستاذ محمد انفلوس و السيد عمر أنجار و أخرون ، كيف تقترح علي أن أدخل فرع حزبكم بافني و أنت تعرف أن فيه رموز فساد و نهب مال عام ، أجابني و في عينيه نظرة تحد مازلت اتذكرها ، سنطردهم ! هو خبر طبعي ،أما الأخرون ولأنهم لا يعرفونني جيدا ، كانوا يظنون أنني بالتهديد سأخضع لتعليماتهم ،كانوا و لا زالوا واهمين ! افني كانت و لازالت بالنسبة لصناع القرار الإنتخابي رسالة رمزية ، و آيت باعمران كتحالف قبلي ، ومنطقة توتر ، يريد بعض مكونات الدولة العميقة ، أن يمرروا رسائل مشفرة للحاكم بانهم تحكموا فيها !
جاء بعد ذلك ، قرار عزلي في 28 فبراير 2014 ، اعتمادا على حكم بالسجن ،صدر في حقي عام 2008 ، باعتباري المحرض الأول على أحداث كانت هي مقدمة احداث الربيع العربي ،عرفت باحداث افني ، او كما اسمتها قناة الجزيرة : من سيدي افني الى سبدي بوزيد( المدينة التونسية ، التي كانت بداية إنفراط عقد كثير من الديكتاتوريات العربية ، و التي عرفت احداث حرق الشهيد البوعزيزي لنفسه ، لتعرف شوارع كثير من البلدان اعتصامات سقطت على إثرها عروش حكام مصر و تونس و ليبيا و اليمن ....)
الغريب في الأمر ، أن قرار عزلي جاء بعد إنقضاء المدة القانونية لتقادم الحكم الصادر في حقي ، وتم التشطيب علي من اللوائح الإنتخابية في المرحلة الأولى لوحدي تحت ذريعة أنني محكوم باربعة أشهر سجنا عام 2008 ، بمؤامرة شارك فيها كثيرون ، بعض اصدقائي القدماء اعضاء المجلس البلدي بإفني، و العامل السابق ماماي باهيا ، و لوبيات عقارية و انتخابية بكلميم و افني ، و محامي باعمراني بالرباط ، نسق مع محام اخر هناك ، و صرح بانه يمثلني زورا كي يحصل على نسخة من قرار محكمة النقض ! وتم تقديمها الى لجنة مراجعة اللوائح الإنتخابية برئاسة قاض من محكمة تزنيت و محمد سالم الطالبي نائبي الأول في رئاسة المجلس البلدي ، و باشا مدينة سيدي إفني ، و المخزي أنه تم التشطيب علي في المرحلة الإبتدائية لوحدي ، بالرغم عن أن هناك أكثر من عضو في مجلس بلدية إفني اعتقل و حكمت عليه المحكمة بنفس الحكم الذي تم الإعتماد عليه للتشطيب علي من اللوائح الإنتخابية ! أحد إعمامي ( مبارك ) هو من وضع طلب التشطيب علي من المسجلين في اللوائح ، و احد اصهاري ( احمد بوفايم ) هو من نسق مع لوبيات من كلميم و افني و مع المحامي الباعمراني في الرباط كي يستخرجوا نسخة الحكم ، و صهر اخر لي موظف ببلدية إفني هو من زور تصحيح الإمضاء على طلب التشطيب ، بالرغم عن انه لم يكن له تفويض بتصحيح الإمضاء ( عالي بوفيم ، الرئيس الحالي لجماعة مستي ) ...... أطراف كثيرة كان من مصلحتها إزاحتي من الطريق ، باي وسيلة . .
تحرك المخزن و اللوبيات الفاسدة بقوة، كي يقنعوا المواطنين الإفناويين بالمشاركة في هذه المؤامرة ، و حاولوا اقناع اكثر المعارضين السياسيين لي بذلك ، لكن في أخر المطاف لم يقنعوا احدا غير بعض افراد عائلتي و اصهاري و اصدقاء لي و محامين إثنين ! خانني المقربون ،لأنني كنت عادلا و صارما مع عائلتي و المقربين لي اكثر من الأخرين ! و انا أيضا من ارسل لأبيه و أخيه مرارا لجان مراقبة من الشرطة الإدارية ، و الجبايات ، ورفضت طلبات غير قانونية لأعمامي..، في الحقيقة كنت سعيدا بان الشعب تضامن معي، و لا يهم إن خانني المقربون مني دما او علاقة مصاهرة او صداقة ، لأن قربهم مني، كان فقط استجداءا لمصالح فاسدة ! لم يحصلوا عليها في أخر المطاف ، فاعلنوا العصيان و باعوني للشيطان .
و حينما لم تفدهم كل هذه المناوشات البئيسة ،في عزلي عن جماهير الشعب ، بدؤوا في البحث عن طريقة أخرى لتوريطي في ملف قضائي ما يكون حاسما في عدم ترشحي مرة أخرى ، خصوصا بعد صدور حكم نهائي لصالحي في قضية التشطيب علي من اللوائح الإنتخابية ،و قضت المحكمة بان قرار التشطيب غير قانوتي ، وقضت باعادة تسجيلي ! بل أكثر من ذلك حصلت على قرار قضائي برد الإعتبار يوم الجمعة التي كانت قبل اعتقالي في مؤامرة بوليد التي كانت يوم الإثنين 15 ديسمبر 2014 ! مما جعل هذه اللوبيات امام أمر واقع جديد هو أنني اصبحت من الناحية القانونية ، مسموحا لي بالمشاركة و اصبح من حقي رفع قضية ضد وزارة الداخلية في شخص عامل الاقليم ، لأن قراره كان قرارا اداريا مشوبا بالشطط . كان الوقت يزاحم كل المفسدين في مواقع شتى .
التحقيق :
كان علي أن أتخد قرارا مصيريا في حياتي السياسية و النضالية ، إما أن اشارك في هذا التحقيق ،و ذلك يعني شرعنة اعتقالي ...أو ابدأ المعركة من هنا و الآن ! وذلك كان قراري . لكن الأقدار كان لها مسار أخر .وقبل أن أجيب كما كان ينتظر الكوميسير طارق و من كان يحرك خيوط التحقيق ...
المحقق طارق : أنا مافهمت والو ! هاد النهار طاح عندنا فاكس تاع رد الإعتبار تاعك ، و من بعد طاح فاكس تاع الإعتقال تاعك ! على أي المعلومات تاعك كلها كاينا هنا ( اسمي و اسم امي و ابي ...الخ ...) غادي نبداو بالسؤال الأول . في هذه اللحظة تحركت يد القدر ، ليتغير كل شئ ، كان يحمل بيده صورا تفحصت فيها جيدا ، صور نيران و قنينات غاز مشتعلة ! قلت له : سي طارق ممكن نشوف .قال لي : هاك . رأيت مشاهد مروعة ، أول ما تبادر الى ذهني أنذاك هو سؤال صادم إقشعر له بدني و مازال : كان من الممكن أن تسقط أرواح ! أنا المؤمن بالدفاع عن حق الناس في الحياة ، أنا المؤمن بالسلم قناعة و مبدأ ، لا يمكن ابدا أن اقبل لنفسي أن اتحمل مسؤولية ولو أخلاقية عن حصول حادث يؤدي الى موت او عنف . الله يشهد أنه لا علاقة لي بما وقع في بولعلام من اضرام نيران او احداث . و لا يمكن ابدا ابدا، ان احرض أيا كان على ذلك . قررت في تلك اللحظة أن اتحمل مسؤوليتي الاخلاقية و التاريخية و النضالية ، افني مدينتي و هذا الوطن وطني ، بما أن الأمور وصلت الى حد مثل هذا ، و تجرأ و لو قلة من الساكنة على اجتراح هذا السلوك العنيف ، فانه هناك خطأ ما نتحمل مسؤوليته جميعا .... حدثث نفسي بان اي تصعيد مني سيفتح باب جهنم على المنطقة ، و قد تسقط ارواح ما ، ذلك لن أقبله ابدا . أقبل أنا أن أسجن أو حتى أن أموت ، و لا يمكنني ان اقبل نهائيا ان يموت احد اخر او يصل ضرر ما الى بلدتي .
قلت للكومسير : أنتم تعرفون جيدا أنني لم أكن هناك ، و انتم لديكم وسائلكم الخاصة للتأكد من ذلك . واكثر من ذلك كيف يعقل اتهام مثلي بانه يحرض الناس على اضرام النار في قنينات الغاز ، و في الممتلكات العامة و الخاصة . عار مايقع، ويوما ما سنقف جميعا أمام الله ، و ساخاصمكم امامه ، أ من أجل انتخابات عابرة يفبرك كل هذا الملف ؟!! .
الكوميسير : حنا دابا ماقلنا كاين او ماكاين ، كاين اسئلة يلزم تجاوب عليها و تصريحات تاع شهود ، و الجواب اللي قلتي غادي نكتبوه ، بلا زيادة او نقصان . و قبل ماتوقع على المحضر قرا التصريحات تاعك ، حنا را في دولة الحق و القانون ! هنا دخل الكوميسير المسعودي ، ووقف من وراء المحقق طارق قائلا وهو يحاول أن يظهر صرامة مفتعلة ،و بدون مقدمات : انت را عارف آ الوحداني انك من حرض على احداث نوفمبر ، و كاين شهود على أنك كنت في بولعلام !
الوحداني : ياك اودي لاباس ! شفتك جاي سخون ، و كتكلم معيا بطريقة تاع تازمامارت ، اوا الى كنت اعطيني شي دليل او محضر معاينة او صورة تاعي وانا في احداث نوفمبر ، اما القصة تاع الشهود انت را عارف وانا عارف انه هنا كان اللي كيقول ليهوم الى بغيتو تخرجوا قولو را الوحداني كان في بولعلام . و الله يجازيك بخير ، حنا باقي ماوصلنا في التحقيق لهاد المرحلة ، و توجهت للكوميسير طارق : شكون دابا غادي نجاوب واش انت او هو ؟ هنا قام و ترك كرسي التحقيق للمسعودي ، وقال لي وهو يهم بمغادرة الغرفة : كيف كيف ، كمل معاه مون كوميسير !
المحقق المسعودي : هل كنت في الوقفة التي دعوت اليها بحي للا مريم ، و مامضمون البيان الذي وزعته ... قاطعته
الوحداني : اولا ان لم ادع الى اي وقفة بحي للا مريم او بولعلام ، وثانيا لم اوزع اي بيان ، و اذا دعوت او وزعت اي بيان فلديكم الف جهاز بالمدينة كي تؤكدوا به هذا الإتهام !
في هذه اللحظة دخل الكوميسير طارق ، و توجه الى المسعودي : لقد جاءت عائلته . حينها قال لي الكوميسير : غادي تشوف عائلتك و نتم التحقيق ، و لكن بسرعة فنحن مطالبين بتتمة الاستماع و الإتصال بالنيابة العامة ...
دخل بعدها أخواي عزيز و جمال ، كان أثار الدمع باديا في عيون عزيز ، مقلتاه حمراوين ، و أوداجه منتفخة ، و جمال متأثر بانفة ، لكن سحنة وجهه يبدو عليها حزن دفين يحاول ان يغالبه ! أخداني باحضانهما ، كم هو دافئ حضن الإخوة ، و آمن حينما تجرب طعنات الغدر مرارا . أحسست بالدم الفوار يغلي في عروقي ، تذكرت في لحظات خاطفة ، ذكريات إعتقالي عام 2008 ، و كيف دافع عني إخواتي عزيز و جمال و يوسف المعتقلون ايضا معي ، حينما كان البوليس و المخازنية و قوات التدخل يضربونني بعصيهم و خوداتهم ، فارتمى إخوتي من فوقي كي يردوا عني ضربات كلاب مسعورة ، كلما تذكرت تلك اللحظات أشكر الله على نعمة الأخوة . همست في أذن خويا عزيز : أمي و أبي كيف حالهما ؟ أجابني : بخير غير أنت ماتدير والو فراسك من ناحيتهما . را جابنا لك 2 مانطات و وسادة و العشا هاهو ، و المونادا را صفتها لك با ! هي و الحلوة اللي عزيزة عليك ! أبي كان في أغلب الأحيان ينهرني لأني أكثر من شرب الليمونادا ، و لكنه يعرف انني مغرم بشربها ، و لكنه الآن امرهم باحضارها لي . اما الحلويات فمنذ صغري والى حدود اليوم مازال يحضرها لي ! غالبت دمعي ليس ضعفا، و لكني في تلك اللحظات كنت في حاجة ان اراه ان ارتمي في حضنه كطفل لا يهرم ابدا ، كما افعل حينما يأتي لي بحلوى الفتها منه منذ عهد الصبا ، أن اشكو له كما دوما طعن الغدر الذي حاق بي مرة أخرى ! احسست ان حالته النفسية و الصحية لم تسمحا له بالحضور لزيارتي . علمت فيما بعد انه غادر افني لم يتحمل ان ينام في مدينة ينام ابنه البكر على حصير ارضها معتقلا ! ذهب عند اختي لطيفة بميراللفت و جلس القرفصاء مثل طفل على سرير ، و انهمرت دموعه اول مرة مدرارا كما لم يراها احد !
سلمت اخواي نظارتي و مفاتحي و عانقتهما عميقا ، و اوصيتهما بوالداي ، و كذلك بابنتاي . وودعتهما بحرارة، و خرجا وهما يغالبان دمعا كسيرا .فتحت قنينة الليمونادا ، و ارتشفت جرعات ، انها من ابي ، وتوجهت الى المحققين : على بركة الله ، فلتتما مهمتكما !
مرت أطوار التحقيق عادية ، مجرد اسئلة و اجوبة لا دليل يدينني فيها ، حتى ما ادعاه الكوميسير المسعودي من انه هناك شهود ، تبين ان ماورد في كل تصريحات المعتقلين على ذمة القضية ،ليس الا اقوالا من باب : سمعنا و تناهي الى علمنا و يشاع في المدينة أن الوحداني كان يحرض المحتجين على اضرام النار ، حينها قلت للمحققين اللذين كانا يديران التحقيق على الطريقة الأمريكية و بتنسيق تام ، طارق باسلوب لبق و المسعودي باسلوب جاف تاع لعياقة د البوليس تاع الثمانينيات مرة مرة ! قلت لهما : دخلت عليكوم بالله واش كاين شي قضية في العالم تبنى على تناهى الى علمنا و سمعنا و يشاع . انتهى التحقيق ، الملف فارغ اصلا !
بعد هنيهة جاء الكوميسير طارق و قال لي : سيتم تقديمك غدا .... الآن ستظل في الحراسة النظرية ، قاطعته مبتسما : قل اوا يلاه تكلاصا هنا فوق الضس .
نادي بوليسيا ،لما جاءه أدى له تحية على اصولها : نعم سيدي العميد .
الكوميسير : خد معك سي الوحداني ، و اعطيه فراشو ينعس ، ثم انفرد به واعطاه تعليمات اخرى !
كنت تعبا غاية التعب ، اردت فقط ان انزوي لوحدي و استريح من عشرين سنة من الاحلام و الأوهام ، عشرين سنة من النضال و الحروب و المناورات و الخيانات ...
توجه أمامي البوليسي المكلف بالمداومة ، كان شابا خلوقا ، متوسط الطلعة ، بشوشا ، ضعيف البنية ، تبعته و انا اجر الخطو صوب القفص .... سلمني الغطاء و الوسادة ، و طلب مني بأدب ان اسلمه مابحوزتي فقلت له ضاحكا : ليس لدي الا ملابسي اتريدها ؟ اجابني محرجا : لا ، لا اذا كان لديك شئ ما في جيوبك ، قلت له : الهاتف سلمته لكم منذ البداية ، عندي فقط البطاقة الوطنية ، و مبلغ 120 درهم . فأنا افقر رئيس في العالم ، ضحكنا و تسلم مني المبلغ و البطاقة . ثم نظر الى حذائي الرياضي ، و قال لي : دوك السيور ! قلت له : صحيح ممكن ننتحر بيهوم ياك ؟! قال لي : هناك اخرون في الزنزانة ممكن اديرو اكثر من الانتحار ، اما انت السيد الرئيس نحن متيقنون من انك عاقل ! سلمته ما طلبه مني ، فإذا بي اسمع صوتا يناديني من داخل الزنزانة الرئيسة : و الرايس و الرايس ، توجهت نحوه . تعرفت عليه كان صديق طفولة ، اصاحبي صيدوك ، كنا ننتظر سماع حوارك على راديو Mfm من خلال الأنترنيت ، ساعة داك بوليد طلق غار ناس الغيوان نص ساعة وحنا غار مع الهمامي ابابا الهمامي ، حتى نشرت مواقع اخبارية و الفايس بووكات خبر اعتقالك عاد قالها هو !
جاء البوليسي و امرني بالإتجاه الى زنزانة منفردة ، دخلتها ، رائحتها عفنة ، كانت ضيقة و بها مرحاض ظاهر ، تنبعث منه رائحة القئ و الخمر و القاذورات و البول ... حصيرة بالية القيت فوقها غطاءا .و وضعت الوسادة جهة باب القفص و تمددت التحفت بالغطاء الثاني ، فالجو كان باردا ، في الجهة العليا كانت ثقبة المرحاض بادية ولا تبعد الا بمسافة قصيرة عن قدمي ! احسست بالغثيان الشديد ، حاولت ان انام لكن الأرق استبد بي . فبدأ شريط الحكاية يعود بي الى مكالمة كانت جزءا مهما من مؤامرة اعتقالي !
المكالمة :
كنت في الدار البيضاء مع بعض الأصدقاء ، كانت الساعة تشير الى الخامسة و نصف زوالا ، هاتفي يرن ، نظرت الى شاشته ، اسم صالح الداحا هو من يتراقص ، تعجبت و تسألت عن سر هذا الإتصال ، فله مدة لم يتصل بي ، فقد انقطعت اتصالاته بي منذ عزلي ! قررت أن لا أجيبه ، لكني قلت مع نفسي ، سأجيبه وهي مناسبة لكي أسمعه بعض ماكنت اريد قوله له ، خصوصا وانه قد بدأ في شن حرب كلامية ضدي ومن داخل مكتبه .
صالح الداحا : مرحبا السيد الرئيس
محمد الوحداني : مرحبا السيد العامل ، غير انا را مابقيت رئيس ( ظننت حينها أنه ربما اراد الإتصال برئيس بلدية افني و أخطأ في الرقم )
الداحا : الرئيس كيبقى رئيس ، و الوزير كيبقى وزير ، و العامل كيبقى عامل ، واخا مايبقى في المنصب ... على أي را غبرتي علينا ، انا قلت نخليوك ترتاح شوية ، ودابا را صافي ارتاحتي ، الاقليم را محتاج التجربة تاعك و هادي را بلادك ممكن تخدمها ماشي غار من خلال موقع الرئاسة ، انا سولت عليك خوك قال ليا بانك مسافر ،
الوحداني محمد : صحيح السيد العامل ماشي ضروري نكون في الرئاسة باش نفيد بلادي ، و داكشي اللي عطيت لبلادي من خارج الرئاسة وقبل منها اكثر بكثير من موقع المجلس البلدي . غير انا عييت بغيت نرتاح شوية ،عاد نفكر في الصيغة تاع بحالاش نفيد المنطقة .
الداحا : شوف اسي محمد ، أجي لإفني ، انت راكمت تجربة كبيرة في التسيير ،و انت فاعل مدني ، و قوة اقتراحية مهمة الكل باغي يستفاد منها ، ضروري تجي تدير معنا ايديك في ايجاد حل للمشاكل ، بلادك هادي ناضلت و ضحيتي من اجلها ، حنا كنبقاو موظفين غدا نمشو . الكلام ماشي تاع التليفون ، هنا لا المجلس البلدي و لا المجلس الاقليمي خدامين ، وانا خاصني اللي اعطيني اقتراحات ، كل شئ كيقول ليا ، الوحداني من الناس اللي باغي المصلحة للإقليم . المهم انا نتسناك
محمد الوحداني : على أي السيد العامل ، أنا ساعود قريبا و نتشاوفو ان شاء الله . انتهت المكالمة الفخ ............ يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.