بوانو: وزير الصحة يسعي للتعامل مع شركة أمريكية لوضع المعطيات الصحية للمغاربة لدى الإسرائيليين    لماذا تخسر قضيتك رغم أنك على حق؟ . . . تأملات قانونية    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر    الدولار يتراجع وسط ترقب البيانات الاقتصادية الأمريكية    الاكتواء بأسعار الدواجن النارية..يدفع المستهلك المغربي للمطالبة بالتدخل الحكومي    تقرير يتوقع استقالة رئيس وزراء كندا    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يبلغ ربع النهائي بفوزه على مضيفه الملعب المالي (1-0)    الشعباني: حققنا المطلوب وحسمنا التأهل أمام الملعب المالي    بعد تتويجه رفقة سان جيرمان.. الجامعة المغربية تهنئ حكيمي    ما حقيقة "فيروس الصين الجديد" الذي يثير مخاوف العالم؟    الكونغو تنهي معاناتها مع قطاع الطرق بسلسلة من الإعدامات    ساركوزي يمثل أمام المحكمة بتهمة تمويل الراحل القذافي لحملته الانتخابية    عملية إطلاق نار تقتل 3 إسرائيليين    الجمهورية ‬الوهمية ‬الدولة ‬النشاز ‬التي ‬أطبقت ‬عليها ‬العزلة ‬القاتلة    مصالح ‬المغرب ‬تتعزز ‬في ‬مجلس ‬الأمن ‬الدولي    قضية "بوعلام صنصال" تزيد من تأزيم العلاقات الفرنسية الجزائرية    سعيد الناصري يقوم بتجميد شركة الوداد من قلب سجن عكاشة    عرس بضواحي القنيطرة يتحول إلى مأتم    كيوسك الإثنين | التمويل التشاركي يستقر في 24,5 مليار درهم نهاية نونبر    رثاء رحيل محمد السكتاوي    جون أفريك تكشف أسباب التفوق الدبلوماسي المغربي في الساحل    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    اندلاع حريق مهول بغابة موكلاتة ضواحي تطوان    وضعية القطارات المتهالكة التي تربط الجديدة والبيضاء تخلق الجدل    معرض "سيرا 2025".. المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات، وكأس العالم للطهاة    أبرز المتوجين بجوائز "غولدن غلوب" الثانية والثمانين    الصين: البنك المركزي يحدد أولوياته لسنة 2025    شركة "ميتا" تعتزم إطلاق أدوات ذكاء اصطناعي جديدة على (فيسبوك) و(إنستغرام)    آية دغنوج تطرح "خليك ماحلّك" باللهجة لبنانية    السعودية .. ضبط 19 ألفا و541 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    ارتفاع أسعار الدجاج الحي إلى 30 درهماً للكيلوغرام    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة بسبب الثلوج    تراجع سعر صرف الدرهم المغربي أمام الأورو والدولار    نهضة بركان يفوز على الملعب المالي في رابع جولات كأس الكونفدرالية الإفريقية    حكيمي يتوج بلقب "السوبر الفرنسي"    "حماس" تستعد لتحرير 34 رهينة    زخات رعدية مهمة وثلوج مرتقبة بالمغرب    الزمامرة تنتصر بثلاثية في الجديدة    أزمة إنتاج أمهات الكتاكيت بالمغرب .. شركة أمريكية مرشحة لبناء ضيعات    تفاصيل حكم فرنسي يقضي برفع ساعات العربية بمدارس البعثة بالمغرب    درك سيدي إفني يفكك عصابة للهجرة    تلقت ما مجموعه 7 آلاف و226 ملفا : مؤسسة وسيط المملكة ترى الإجراءات الإدارية المرتبطة بالتسجيل والحصول على الدعم الاجتماعي معقدة ومضيعة للوقت    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    الحسيمة.. سيارة تدهس تلميذة صغيرة وتنهي حياتها    تيزنيت:"تيفلوين" تفتح أبوابها الأربعون لاكتشاف الموروث الثقافي والفلاحي والاجتماعي والتقليدي للساكنة المحلية    مسرحية "هم" تمثل المغرب في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي    انطلاق أشغال مؤتمر الألكسو ال14 لوزراء التربية والتعليم العرب بمشاركة المغرب    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحراء..مسألة حدود أم قضية وجود؟

في خضم التجاذبات الأيديولوجية لستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وفي مرحلة حساسة من مراحل فك الربط بين المستعمَرات والمستعْمِر، ظهرت مسألة الصحراء الغربية (المغربية) إلى الوجود الإقليمي ثم الدولي؛ كساحة للصراع بين الأيديولوجيات القائمة آنذاك، والمتمثلة دوليا في الصراع بين القطبين الغربي والسوفييتي، وعربيا في الصراع بين الأنظمة القومية والأنظمة الملكية. وكانت كذلك شكلا من أشكال خلق اللاّ استقرار في المستعمرات السابقة.
إن ما يهمنا في هذا المقال ليست مسألة التأريخ لمشكل الصحراء، بل مسألة إدارة وتدبير الصراع في مرحلة السلم. ففي مرحلة وقف إطلاق النار، يبقى الصراع قائما ويكون من المحتمل جدا أن تعود الحرب في أي وقت، وفي كل وقت. فإدارة الصراع في مرحلة السلم تكون أخطر منها - ربما- في وقت الاقتتال. ففي مرحلة الاقتتال يكون الحسم رهنا بالجيوش والترسانة الحربية لأطراف الاقتتال والتحالفات، أي أن التفاوض السياسي يصبح نوعا من الترف في إدارة الصراع. لكن في مرحلة السلم، فالسياسة والمال والترسانة الحربية والتحالفات الإقليمية والدولية والتدبير الداخلي والخارجي للمشكل، تصبح في نفس مستوى الأهمية في تدبير الصراع. فلا أحد يشكك في أن مرحلة السلم التي تأتي بعد الحرب، هي مرحلة تسليح وتعزيز للترسانة الحربية للدول والتنظيمات على حد سواء. وهي كذلك مرحلة البحث عن الولاءات الجديدة وتعزيز الولاءات القديمة. وأخيرا وليس آخرا، هي مرحلة الدسائس ومحاولة توريط الآخر في ظل وضع يحتفظ بكل مقومات الصراع، باستثناء وقف إطلاق النار، وهذا ما يجب على المغرب أن يدرك أهميته واستمراريته في تدبير المشكل. وسواء تعلق الأمر بمسألة حقوق الإنسان في الصحراء، أو الاغتناء من المساعدات الدولية في المخيمات، أو استغلال الثروات المعدنية والبحرية للمناطق الصحراوية، أو التحالف مع التنظيمات الإرهابية وشبكات ترويج المخدرات في المنطقة، أو سعي الجزائر للحصول على منفذ بحري لها على المحيط الأطلسي...فهي تدخل في إطار كسب الدعم الدولي لطرفي النزاع.
إن على المغرب أن يعزز قوته العسكرية، كنوع من الردع القائم على الترهيب، بحيث يكون الطرف الآخر في وضع لا يمكّنه بأي حال من الأحوال من التفكير في التهديد برفع السلاح كنوع من الابتزاز. وتعزيز القوة العسكرية يمر عبر عدة مدخلات. أولا: بتوفير العناصر البشرية اللازمة لإدارة الصراع ولتكوين جيش قوي بالمنطقة.
ثانيا: تعزيز الترسانة الحربية النوعية للجيش المغربي، سعيا لامتلاك أسلحة رادعة ومتطورة.
ثالثا: البحث عن تحالفات وشراكات استراتيجية عسكرية، إقليميا وقاريا ودوليا.
رابعا: السعي نحو الاستفادة من الأطر المغربية المتفوقة دراسيا في المجال التقني العسكري والاستعلاماتي.
ولمن يدعو لمناقشة ميزانية الجيش في البرلمان، فنقول أنه لا يتمتع بأي حس وطني ولا يدرك الصراع الجيوستراتيجي بالمنطقة وفي العالم. فالقوة العسكرية لا بد منها تحسبا لكل طارئ.
كما أن على المغرب أن يركز في تدبيره للصراع على الوضع الداخلي، والقائم على الريع الاقتصادي والسياسي في المناطق الصحراوية. فالريع السياسي والاقتصادي يضمن الولاء المؤقت لبعض النخب الصحراوية، وليس بالضرورة الولاء الدائم. بل إن البعض يستعمل نفوذه داخل القبيلة لافتعال مشكل، من قبيل مظاهرات في المناطق الصحراوية سعيا لابتزاز الدولة، عبر الحصول على امتيازات اقتصادية مقابل التدخل لدى المتظاهرين الصحراويين.
وبما أن المغرب مستقر في صحرائه، فإن الاستثمار في البنيات التحتية بامتياز، لا بد منه لإزالة كل لبس قد يستحضر الشك في مصير المنطقة. فلا ينبغي التهاون في هذا المجال، ولتكن المحاسبة الصارمة في تنفيذ المشاريع الكبرى بالمنطقة بعيدا عن الريع السياسي والاقتصادي. فالطريق السيار والسكة الحديدية أصبحتا ضرورة ملحة بالمنطقة لما لهما من أهمية في تعزيز الاقتصاد والسياحة وسرعة التنقل وسعيا للانفتاح على دول الساحل الغربي لأفريقيا. كما أن التسهيلات الضريبية لا بد منها لتشجيع الاستثمارات الوطنية والدولية في الاستقرار بالمنطقة، وكذلك إقامة مناطق للتجارة الحرة سعيا لتعزيز قطب اقتصادي بالأقاليم الصحراوية، وهو ما يتطلب استراتيجية شاملة واستثمارات هائلة.
وعلى الدولة المغربية كذلك، أن تنتبه باهتمام لاغتناء بعض الصحراويين من توليهم رئاسة جماعات حضرية أو قروية أو مجالس إقليمية، ما يشكل نوعا من الاحتقان الاجتماعي الناتج عن الفساد في إنجاز مشاريع التهيئة الحضرية للمدن الصحراوية، حتى بات البعض في المناطق الصحراوية يتبجح بحقه في سرقة أموال الدولة، بدعوى أنها أموال الفوسفاط والثروة السمكية للمنطقة.
إن الصرامة مع كل أشكال الفساد السياسي والإداري والاقتصادي بالأقاليم الصحراوية، هو الحل الوحيد الذي سيجعل المواطنين يشعرون بنوع من الرضى في تدبير الشؤون الاقتصادية والسياسية والإدارية بالمنطقة. فما نراه في الواقع هو نوع من الاستعلاء على الدولة وأجهزتها المختلفة. فالثروات الهائلة لبعض الصحراويين ناتجة عن التهريب والاتجار بالمخدرات والريع الاقتصادي والفساد المالي الناتج عن التسيير السياسي للجماعات والمجالس الإقليمية...أي أن الثروات ناتجة عن طرق غير قانونية بالدرجة الأولى؛ بمعنى أنها انتزعت انتزاعا من الدولة أو رغما عنها في أقل تقدير.
فالصراع القائم الآن في الصحراء، هو بالدرجة الأولى صراع إقليمي بين المغرب والجزائر، لكن له تداعيات إقليمية وامتدادات دولية تدخل في إطار زعزعة الاستقرار في مناطق استراتيجية من العالم، القصد منها خلق أوراق ضغط للتحكم بهذه المناطق. ولا بد أن المغرب يدرك ذلك إدراكا جيدا. وهنا تكمن ضرورة تنويع الحلفاء الاقتصايين والسياسيين وكذا العسكريين. ويمكننا أن نتساءل فيما إذا كان السلاح الجنوب إفريقي مثلا في صالح المغرب، طبعا إذا ثبتت قوته؛ وهذا يرجع للعسكريين بالدرجة الأولى. ولنا أن نسائل دبلوماسيتنا حول قضية الصحراء وموقعها في أجندتها الإقليمية والقارية وكذا الدولية. فنحن نلاحظ أن الجزائر نشيطة دبلوماسيا في ملف الصحراء رغم أن القضية ليست قضيتها، بينما لا نرى للمغرب أثرا يذكر إلا لرد الهجوم مرة، مرة من السويد وأخرى من جنوب أفريقيا أو من بانكي مون أو من دينيس روس أو من البرلمان الأوروبي...وهنا سؤال صريح يحتاج عملا لا أقوالا وردودا: هل تشك دبلوماسيتنا في عدالة قضية مغربية الصحراء؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.