في أول يوم من جلسات مجلس النواب، فوجيء أحد النواب بأن المجلس عبارة عن أراجوزات، وفي ذات الوقت، كان هو غريبا عنهم؛ فلذلك أطلقوا عليه "نائب الربع أراجوز"! سد السوبيا: صدح أراجوز1 بصوته المميز والمضحك وهو يقول: -لقد دخلت البرطمان لا للضحك كما تتوقعون مني، ولكني هنا لمراقبة الحكومة من داخل البرطمان ذاته. هز أراجوز1 رأسه يمينا ويسار ثم أكمل بصوت أراجوزي رفيع: -أنا هنا لي دور سياسي كبير. وواصل: -لإعادة حقوق الأراجوزات المهدرة. ضرب الأراجوز الكبير رئيس مجلس الأراجوزات بيده على المنصة وهو يقول: -يجب على أعضاء المجلس تصحيح كلمة (البرطمان) للسيد المحترم أراجوز1. فقال أراجوز2: -الصحيح هي كلمة (البرمالان) لا البرطمان. فاعترض أراجوز3: -لا. لا. الصحيح هي كلمة (البرنامان) لا البرمالان ولا البرطمان. واستكمل ساخرا: -أأنت يا أراجوز1 حاصل على ليسانس صلصة؟! فتضايق أراجوز 1 وقال: - الصحيح هي كلمة البرطمان. واتجه برأسه ناحية أراجوز3 وقال: -أنت أراجوز ميري لا تفهم في السياسة! ثم صرخ: -منْ الذي أتى بالأراجوزات الميري إلى داخل مجلس النواب؟! هز كثير من الأراجوزات رؤوسهم معترضين وقالوا بصوت واحد: -الأراجوز الميري مكانه بالجيش! وأردف أحدهم: -المفروض أن يوجد هنا أراجوز الحدائق والموالد. فهز أراجوز1 رأسه موافقا: -يعني الأراجوز المدني... صاح كبير الأراجوزات رئيس المجلس: -كفى. كفى. ولنبدأ نقاش مجلس اليوم. ثم صفر صفير الأراجوز وهو ينظر يمينا ويسارا ثم قال: -سنناقش سد دولة السوبيا لأن هذا الموضوع أمن قومي. فقال أراجوز 1: -يا ريس: دولة السوبيا هذه، هل هي سوبيا بيضاء أم سوبيا حمراء؟ فرد الربع أراجوز بغيظ: -سوبيا سوداء على أدمغتنا يا أراجوز1! ثم أردف: -كفى استخفافا يا أراجوز1! قال أراجوز2 بصوت أراجوزي جهير: -ربما شعب دولة السوبيا سيلعبون "عسكر وحرامية"، وسيختبأ الحرامية وراء السد. فرد رئيس المجلس وهو يهز رأسه رأسيا بالموافقة: -صحيح. صحيح يا أراجوز2. فقال أراجوز3: -أنا أرى أن سد دولة السوبيا سيمنع عنا محاربتها مباشرة؛ لأن جيشها سيختبأ وراءه. فهز رئيس المجلس رأسه موافقا: -عندك حق يا أراجوز3 . وأكمل بحماس: -وهذا يبين أهمية دخول الأراجوزات الميري لمجلس النواب... فهز أراجوز4 رأسه معترضا: -المشكلة ليست في الجيش المختبأ وراء السد، إنما المشكلة الكبرى أن السياح سيذهبون لمشاهدة سد السوبيا وسيتركون سدنا وزيارته! رفع الربع أراجوز يده ليستأذن في النقاش وقال: -سيلعبون عسكر وحرامية! جيشها سيختبأ وراء السد!... وأردف غاضبا: -ما هذه المسخرة؟! وواصل بحنق: -المشكلة في السد أنه سيمنع عنا ماء النهر! فعنفه رئيس المجلس: -اسكت يا ربع أراجوز، ولا تتكلم إلا لما تكمل إل 3/4 (أراجوزايا) الناقصة في جسمك. نظر كل الأرجوزات في المجلس إلى الأراجوز الربع بسخرية؛ فأمسك بتلابيب لسانه وأغرق نفسه في الصمت العميق!... وتعددت الآراء حتى قال أراجوز6 بصعوبة: -أنا غير قادر على الكلام بسبب الحبل الذي يشدني! فرد عليه رئيس المجلس: -كلنا أراجوزات ومشدودين بالحبال، وفي الوقت نفسه، نستطيع الكلام، فلماذا أنت عاجز عن الكلام؟! فرد أراجوز6 بهزة من رأسه وبين أنه لا يستطيع الكلام... فقال الربع أراجوز في سره: أكيد هذا الأراجوز غبي وسيفضح الذين وراء الأراجوزات... قال أراجوز7 بحماس: -أنا أرى أن نسرق هذا السد بالليل ودولة السوبيا نائمة. فهتف الأراجوز رئيس المجلس: -اقتراع. اقتراع. وبصوت عالٍ: -الموافق على سرقة السد يرفع يده. ثم هتف: -موافقة... ***** الشركة الأمنية الإفرنجية: وبعد الانتهاء من اقتراع سد دولة السوبيا، قال رئيس المجلس: -أي أراجوز عنده طلب إحاطة للحكومة فليتقدم به. تساءل الربع أراجوز: -كيف نستورد شركة أمنية إفرنجية لتراقب أمن المطارات؟ أليس فيه تبديد لميزانية الدولة؟! وأليس فيه أيضا نقص لسيادة الدولة؟ قام أراجوز3 ليرد: -ليس فيه نقص للسيادة؛ لأن أي حادث لأي طائرة سنقول بأن المسئولية تقع على الشركة الأجنبية، والذنب ليس ذنبنا! فهتف رئيس المجلس: -تمام تمام يا أراجوز يا ميري. فقال الربع أراجوز في غضب: -أنا أعترض لأن وجود هذه الشركة الأجنبية يقلل من سيادتنا على دولتنا. وأردف بحماس: -وما موقفنا ونحن نرى ميزانية الدولة سيتبدد جزءً كبيرا منها على هذه الشركة الأمنية؟ وتساءل بحماس أكثر: -وهل توجد دولة محترمة في العالم كله تستورد شركة أمنية أجنبية لتدير مطاراتها؟! فصرخ رئيس المجلس وأعضاء المجلس ليشوشروا عليه ليصمت. وأخيرا، استسلم الربع أراجوز للصمت وقال في سره: المجلس نصفه أراجوزات مخمورة والنصف الآخر مجانين!... ***** الكانون: وبعد صمت الربع أراجوز، قال رئيس المجلس: -سنكمل طلبات الإحاطة للحكومة. فتساءل الربع أراجوز: -كيف تفرط الحكومة في حقول الغاز في البحر الأخضر المتطرف لصالح دولة عزرائيل المجاورة؟ فقال رئيس المجلس: -ألا يوجد غيرك يا ربع أراجوز؟! قام الأراجوز وزير الطاقة ليرد: -إن دولة عزرائيل المجاورة تصرف على ميزانية التعليم سبعة أمثال ما نصرف؛ فإذن هي تستحق حقول الغاز الطبيعي عن جدارة... فاعترض الربع أراجوز: -ولماذا لا نستفيد من هذا الغاز ونصرف على التعليم مثل عزرائيل؟! ضحك وزير التعليم ساخرا: -يا ربع أراجوز، نحن لا يوجد لدينا تعليم أصلا حتى نصرف عليه! وقبل أن يرد الربع أراجوز على وزير التعليم ويسأله عن دوره في الوزارة إذا كنا بلا تعليم، شيع أعضاء المجلس الأراجوز الربع بنظرات السخرية والهمز واللمز، حتى قال أحدهم بصوت عالٍ: -منْ الذي جاء بالربع أراجوزات إلى مجلسنا الموقر؟! فغمم أكثر من صوت أراجوزي: -هذه مهزلة! -منْ الذي سمح للربع أراجوز أن يدخل إلى مجلسنا المحترم؟! -هذا مخالف للدستور الأراجوزي! -كان من الواجب أن يكبر ويتم إل 3/4 أراجوزايا الناقصة في جسمه حتى يدخل مجلس النواب... طلب أراجوز2 الكلمة، فقال: -أنا أقترح على الحكومة أن ترشد مصادر الطاقة. فقال وزير الطاقة: -بأي طريقة نرشد الطاقة يا سيد أراجوز2؟ فرد أراجوز2 بحماس: -بأن نعطي ما تبقى لدينا من الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة كلها حتى الطاقة الشمسية لدولة عزرائيل لأنها تستحق هذا الغاز، وفي ذات الوقت، ستكون هذه الطاقات المتنوعة في ميزان حسناتنا يوم القيامة وتعتبره صدقة جارية عن شعبنا العظيم كله... فهتف رئيس الحكومة بقوة: -لا فُض فوك، أقصد زمارتك، يا أراجوز2. فتحمس أراجوز1: -وطالما أعطينا الغاز ومصادر الطاقة للدولة التي تستحق، فيجب أن نعود لعصر الكانون، ويكون شعار العصر "كانون لكل مواطن"! فهتف رئيس المجلس: -اقتراع. اقتراع... وبعد موافقة الأغلبية على مشروع الكانون لكل مواطن، هتف رئيس المجلس: موافقة... فقال الربع أراجوز في سره خوفا من بطش أعضاء المجلس به: وتصبح الدولة "دولة سيادة الكانون"! ***** الحمار: رفع أراجوز1 يده ليستأذن للحديث وقال: -أنا أقترح أن نركب الحمير بعد تحويل مصادر الطاقة المتبقية لدينا إلى دولة عزرائيل. وشرح رأيه أكثر: -والحمار سلس القيادة ولا يحتاج إلا شوية برسيم. قال أراجوز8: -أنا موافق على هذا الاقتراح لأن حوادث السيارات ستختفي. وانبرى أراجوزات كثيرة للكلام: -وستختفي عوادم السيارات والقطارات الضارة بالصحة. -وسيتنفس الشعب هواءً نقيا لأول مرة منذ سنين طويلة. -وستباد الفوارق الاجتماعية بين طبقات الشعب؛ فالكل راكب الحمار، فلا مرسيدس هناك ولا فيات. -ولن يكون عندنا ركاب قطار مكيف وركاب قطار درجة ثالثة بلا شبابيك ولا مقاعد أحيانا. -وسنوفر وظيفة "جر الحمار" لأيد عاملة كثيرة... اعترض الربع أراجوز بكل قوة: -لا أوافق على هذه المهزلة؛ وإلا كيف ننقل مريضا في حالة حرجة إلى المستشفى وحالته تحتاج إلى أقصى سرعة؟ وكيف سندير المستشفيات وخاصة قسم العمليات؟ وكيف سيذاكر الطلاب؟ وكيف نلاحق العالم ونحن سنكون في عزلة عن كل شيء؟ وو...؟؟؟ ثم أخذ نفسا عميقا بغيظ واستكمل: -وكيف سنرد على أعدائنا الذين يحاربوننا بالصواريخ والطائرات النفاثة؟ فقال أراجوز1: -سنرد عليهم بالمبة. وفسر أراجوز3 الميري: -عندك حق يا أراجوز1، فالمبة لو ضربناها في عين كل جندي عدو، فلن تكون له قائمة بعد ذلك!... حاول أراجوز6 أن يتكلم ولكن الحبل المشدود به منعه مرة أخرى فصمت بامتعاض، وحاول أكثر من أراجوز الكلام أيضا ولكن شدة الحبال منعتهم، حتى أراجوز1 عجز عن الكلام بعد ذلك بعد الفضائح التي زمر بها!... هتف رئيس المجلس: -اقتراع. الموافق على تحقيق شعار "حمار لكل مواطن" يرفع يده. وبعدها هتف بكل قوة زمارته: -موافقة... ***** وقبل انتهاء الجلسة، طلب الربع أراجوز الكلمة وقال: -عندي ثلاثة اقتراحات أظن أنها ستعجبكم جدا. فرد عليه رئيس المجلس: -تفضل يا ربع أراجوز. فقال بكل قوة وهو ينظر يمينا ويسارا: -أولا يجب التصويت على مشروع محاربة التعليم والفهم والعقل في المدارس والجامعات. ثانيا، قبل إلغاء مترو الأنفاق ليحل الحمار محله، أرجو أن نضع شخاليل في أذني مترو الأنفاق حتى ندخل البهجة في نفوس الكبار قبل الأطفال. ثالثا يجب أن نضع ذيلا في خلف كل مواطن انتخبكم حتى يصبح الإمساك به سهلا حتى لا يقع على أم رأسه من الضحك في دولتنا العريقة "دولة الأراجوزات"... فانفرجت أسارير رئيس المجلس وهو يعقب: -أول مرة تتكلم بما فيه إفادة يا ربع أراجوز. ثم هتف: -اقتراع على طلب الربع أراجوز. ولما تمت الموافقة، هتف بأعلى صوته الأراجوزي: -موافقة. موافقة... فقال الربع أراجوز في سره: لكي تستطيع أن تعيش في دولة الأراجوزات، يجب أن تعيش مسطولا، أو مجنونا، أو أن تسلف مخك وتمشي حافيا!...