بقلم : مولود حميدة - رئيس المجلس البلدي للزاك ماستر الحكامة وسياسة الجماعات الترابية يدخل العمل الجمعوي ضمن المؤسسات الاجتماعية والثقافية، ويشكل دعامة أساسية للمجتمع بخلق الأجواء الملائمة لتأطير الشباب لبناء مجتمع مسؤول يساهم في التنمية والتغيير والعمل على إدماج الشباب في عملية النمو الاجتماعي وفتح المجال للإبداع وإبراز قدرات الشباب على الخلق والابتكار لجعله أداة قوية للمشاركة ويتحمل المسؤولية مدركا لدوره في المجتمع بلورة إرادته للمشاركة في التطور والرقي وجعله مواطن محب لوطنه متشبع بقيم المواطنة. أهداف الجمعيات : أهداف جمعيات الشباب لا يمكنها أن تخالف الآداب العامة والأخلاق الحميدة فهي أهداف تسعى دائما إلى نشر الوعي الفردي والجماعي عن طريق فتح المجال أمام الشباب للتعبير عن رغباتهم والتعرف على العالم الخارجي، وصقل المواهب وتطوير المعارف أو المساهمة في التنشئة الاجتماعية وخلق روابط الصداقة بين الشباب المغربي. كما تساهم في التوعية بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلاد. وتختلف أهداف الجمعيات حسب نوعيتها أو تخصصها فجمعيات الأوراش تختلف أهدافها عن الجمعيات الثقافية أو الرياضية... وهكذا فكل جمعية تحاول الوصول إلى أهدافها عن طريق ممارسة نوع من التخصص الشيء الذي يميزها عن باقي الجمعيات الأخرى وهذا شيء طبيعي يدفع بالجمعيات إلى المنافسة البريئة والاجتهاد والعمل المتواصل. كما أن للجمعيات دور أساسي في تلقين الشباب روابط أخلاقية واجتماعية من خلال إفادتهم بأهدافهم الذاتية وهذا ما تسعى كل جمعية إلى تحقيقه خاصة الجمعيات الثقافية والفنية، فهي ايضا تساعد الفرد في نموه الفكري والعقلي حينما تنظم محاضرات وندوات ومناظرات ثقافية، فتلبي بذلك حاجات الشباب المتعطش للعلم والمعرفة. وكذلك بتحقيق أهدافهم الاجتماعية، فنظام الجمعية وعاداتها تشابه إلى حد ما نظام المجتمع مما يجعل الأفراد قادرين على الاندماج في المجتمع ونظامه بسهولة ليصبحون أعضاء نافعين يشاركون في التنمية. فإذا كانت الحاجة ملحة إلى إنشاء مؤسسات تنشيئية مكملة وموازية لمؤسستي الأسرة والمدرسة، ومزاحمة لتأثير الشارع على تربية الناشئ فإنه بات من الضروري ابتداع نوع مغاير من التعامل على ما هو الحال داخل الأسرة أو داخل المدرسة إنه نموذج العمل الجمعوي الذي يعتبر نوعا متقدما من أنواع التنشئة الاجتماعية. وبخصوص عزوف الشباب عن الانخراط في الجمعيات له أسبابه والمتمثلة في العديد من الإكراهات ندرج البعض منها: التخوف من العمل الجمعوي بسبب ما توصل به من انطباعات سيئة من خلال زملائه؛ الجهل بحقيقة العمل الجمعوي؛ - غياب برامج تستجيب لحاجيات الشباب في التأطير والتكوين والتأهيل؛ - ضعف التأطير وغياب الحوار واحترام رأي الآخر؛ - الافتقار للتجهيزات والإمكانيات الضرورية للإشتغال؛ - ضعف الموارد المالية . - قلة الحصص الزمنية المخصصة لنشاط الجمعية . - محدودية القاعات مع تحكم مجلس دار الشباب في توزيعها . - انعدام الإبداع والمبادرات . - تكرار نفس الأنشطة وعدم التجديد يخلق الملل لدى المنخرطين . - الحضور المتذبذب للأطر المسؤولة عن تطبيق البرامج أو التسيير . - عدم تقدير المسؤوليات . فإن العمل الجمعوي كمكون من مكونات المجتمع المدني لازال يفتقر إلى العديد من الدراسات والأبحاث السوسيولوجية التي يجب أن تجتهد قدر الإمكان في توجيه جانب من اهتماماتها في خدمة هذا القطاع. ونجاح عملية التطور رهين بمدى وعي الجمعويين بمسألة تقييم المشاريع والتجارب السابقة وإعادة النظر فيها، كما أنها مرتبطة بمدى نجاحهم في تحسين صورة العمل الجمعوي أمام المجتمع لتليين موقفه تجاه الجمعيات، إضافة إلى محاولة تلبية جميع طلبات الطفل والشاب، الشيء الذي يستحيل تحقيقه إلا إذا نجح الطرفان (الجمعيات والقطاع الوصي) في إيجاد صيغة للاتفاق والعمل على أرضية موحدة هدفها الأول خدمة الصالح العام ؛ حتى لا يبقى العمل الجمعوي عملا يؤطر الوقت الثالث ويسعى إلى خلق فضاء متواضع يجد فيه الشاب والطفل متعته فحسب، وإنما ليصبح عملا يدخل في إطار ثورات المدن، وهو المنظور الجديد الذي يجب أن تتأقلم معه الجمعيات (لأنه دورها الحقيقي في المجتمع المدني)، ليس بدعوى الحداثة والشعارات الرنانة المرفوعة ولكن بما توجبه لنا من ثقافة تؤهلنا لمستقبل متعدد وديمقراطي الشباب و مشاكل العمل الجمعوي : من الرهانات الأساسية التي يجب كسبها في كل مجتمع يريد الرقي و الازدهار و التقدم نخو الأفضل في المجال الاجتماعي , هو ضمان مشاركة الشباب في الميادين الحيوية التي تشكل الأساس الرئيسي لأي مجتمع . العمل الجمعوي بالمغرب وخاصة بالريف بالأقاليم الجنوبية يعاني من عزوف الشباب عن المشاركة الفعالة رغم ان العمل الجمعوي في منطلقاته و أهدافه شكل وعاء لصقل إبداعات الشباب و مده بأسس ثقافية هامة , ليس فقط لكون العمل الجمعوي يهدف الى تغيير بنيات الواقع فقط , و انما احداث تغيير على مستوى أشكال التفكير فيه و طريقة تصريف المعرفة المكتسبة لبناء النموذج المرغوب فيه و تأطير الأداة البشرية المزمع تأهيلها لتحقيق ذلك البناء , فالعمل الجمعوي هو حقل متميز ومجال خصب تنتعش فيه روح تحمل المسؤولية بشكل جماعي و يتم فيه الدفع بالشباب نحو تحرير طاقاتهم و إمكانياتهم الإبداعية و خلق أفراد يحكمون ضمائرهم الحية في الإنتاج و الإبداع و النقد . و نظرا لأهمية التي يحتلها العمل الجمعوي من حيث التأطير و تعبئة إمكانيات الشباب و لكون هذه الفئة الشابة تشكل دعامة أساسية للدفع بالعجلة التنموية إلى الأمام على غرار الدول المتحضرة, يتوجب الاهتمام بهذه الشريحة و تشجيعها ماديا و معنويا و قانونيا من أجل ضمان مشاركة فعالة لهم و إعطاءهم فرصة لتفعيل قدراتهم المعرفية . و على غرار ما سبق يتوجب البحث في نقطتين هامتين : المشاكل التي تعرقل الشباب دون المشاركة الفعالة في العمل الجمعوي والحلول المقترحة لها. 1 المشاكل : - الخلط بين ما هو سياسي و ما هو جمعوي يطرح لبس لدى الشباب والإرتماء في ميادين دون إختصاص - تدبير الشأن داخل مكاتب الجمعيات بطريقة غير ديمقراطية و إقصاء الشباب - كثرة الجمعيات ذات التوجه السياسوي و استغلال الشباب لهذا الغرض - التغاضي عن دعم الجمعيات ذات المؤسسين الشباب من طرف الدولة و الهيأت الأخرى - غياب الحوار داخل الجمعيات لاعتبارات عديدة و كذا عدم اتساع دور الشباب و عدم تلبيتها لطموحات الشباب للابتكار و الإبداع و الخلق -2الحلول : ومن بين أهم الحلول التي ستمكننا الخروج من هذا المأزق يجب التعبئة و تحفيز الشباب و تعريفه للعمل الجمعوي المتقدم إليه قبل انخراطه . - غرس ثقافة العمل الجمعوي و روح المبادرة - خلق قنوات بين الشباب للتواصل و تقاسم القضايا و المشاكل بينهم - النظر في هيكلة الجمعيات و تشبيبها - عدم استغلال الجمعيات في الانتخابات السياسية و استعمالها للحملات الانتخابية لحزب ما - بناء الجمعيات على اسس ديموقراطية دون إقصاء - عدم احتكار المناصب داخل مكاتب الجمعيات مع التأكيد على أحقية المؤسسين و توفير الحماية القانونية لتجديد النخب بطريقة ديمقراطية و التحلي كذلك بالثقة الكاملة في قدرات الشباب لتسيير الجمعيات - محاولة التغلب على الاكراهات المادية و تمويل الجمعيات من قبل الدولة بطرق موضوعية مع اعطاء أهمية للجمعيات الشابة - ضرورة استعادة دور الشباب لمكانتها و مصداقيتها - ضرورة النضال داخل الجمعيات حتى لا تهدر حقوقها - دعم مبادرات الشباب الجمعوي - نبذ الأفكار السياسوية داخل الجمعيات و شحن الشباب بها - المرور إلى الاحترافية في العمل الجمعوي ضمانة لدينامية الشباب - يجب خلق شراكات مع القطاعين العام و الخاص لتفعيل مشاريع الشباب - يجب وضع برنامج عمل لتكوين شباب جمعيات الأحياء للعمل عن قرب لقد أثبت العمل الجمعوي الجاد والفاعل جدارته ونجاعته قي خدمة التنشئة الاجتماعية في ظل الاضطراب والتراجع الذي عرفته معظم القنوات العاملة في هذا الشأن، فهذه القناة التي تتسم بطابع التطوعية والإنسانية في مباشرة مهامها، يمكن أن تؤدي وظائف جليلة وحيوية إذا ما توافرت لها الشروط الذاتية والموضوعية، خاصة وأنها تستهدف بخدماتها وتأطيرها بشكل خاص فئة الطفولة والشباب رمز المستقبل، ومن تم فبإمكانها من خلال أنشطتها الداخلية والإشعاعية في بعدها التنموي والاجتماعي والفني والرياضي والثقافي… في أن تسهم في خلق جيل قادر على تحمل المسؤولية ورفع التحديات ومواجهة الصعاب. ولعل الرهانات المطروحة حاليا أمام الفعاليات الجمعوية تكمن بصفة خاصة في حماية القيم والعادات والموروث الثقافي أمام تحديات العولمة بكل أشكالها ومظاهرها والعمل على تكوين مواطن خلاق مبدع يتفاعل مع محيطه بشكل إيجابي وفاعل، ومؤمن بمبادئ الديموقراطية والحرية والإبداع، مع المزج بين الثقافي والتنموي، إذ أن العلاقة بين هذين الهدفين تكاملية بشكل جدلي، وتحقيق هذه الأهداف ومن تم تكريس تنشئة سليمة يظل متوقفا على نجاعة وفعالية الأنشطة التي تقوم بها هذه الجمعيات، وفي هذا الصدد، فالتخييم – على سبيل المثال – ينبغي أن يسهم في خلق جو من الانفتاح على الآخر والتواصل معه والإبداع والابتكار والترفيه، والأنشطة الداخلية ينبغي أن تصب أيضا في هذا السياق لتكرس ثقافة دينية وحقوقية وبيئية سليمة، وتكرس أيضا ثقافة المنافسة الشريفة وتشجع على الإبداع والتجديد والاختلاف البناء والتضامن والتسامح باعتبارها قيما سامية وأساسية في مجتمع كثرت فيه الإحباطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. والانفتاح كذلك على تجارب الفعاليات الجمعوية الأخرى، مع تشجيع النشء على التحصيل الدراسي، فيما ينبغي أن تكون الأنشطة الإشعاعية الكبرى في خدمة نشر الثقافة الجادة والتواصل والانفتاح. ولعل تحقيق ذلك يظل رهينا بمدى قدرة هذه الجمعيات على تأهيل وتأطير أعضائها نحو بلورة عمل جمعوي احترافي يختصر الوقت والجهد وقادر على بلورة مشاريع تنموية في مختلف القطاعات الثقافية، التربوية و الاجتماعية، مع استثمار الفرص التي تتيحها المرحلة الراهنة وطنيا ودوليا، والتي تم خلالها إعادة الاعتبار للعمل الجمعوي الشريف، وكذا بدعم الجهات الحكومية لهذه الفعاليات واعتبارها شريكا استراتيجيا في التنمية، وبمساعدتها على فتح علاقات وشراكات مع بعض الفعاليات الجمعوية الدولية