أراد الله للشعب التونسي أن ينتصر , وأراد الله لزين العابدين أن يرحل و يهاجر في لحظة تاريخية بعد حكمه كرئسا للجمهورية التونسية منذ 1987 ( 23 عاما ) فتلاحم الشعب ونزوله إلى الشارع احتجاجا على ارتفاع الأسعار وأمام المحسوبية وخنق الحريات وفشل الحكومات في تكريس الديمقراطية الحقة كان ولابد من الإنتصار . إن صورة الرئيس زين العابدين وهو يغادر القصر الرئاسي و يجر وراءه زوجته الثانية وأولاده ليحط بالديار السعودية , صورة تثير الشفقة على حاكم عربي كان مسؤولا على أمانة عظيمة سيسأل عنها أمام الله , أما الذي بينه وبين الأمة فهناك مطالبة بمحاكمات ديمقراطية تحت اشراف منظمات حقوقية ودول ديمقراطية تحترم شعوبها . المهم من الحكاية أن الحكومة المغربية الوحيدة في العالم العربي والدولي التي أعطت الأوامر لوزارة الداخلية بمنع الإحتجاجات أمام السفارة التونسية في الرباط تضامنا مع الضحايا التونسيين الذين خرجوا عن صمتهم ضد ارتفاع الأسعار وسوء تدبير الشأن العام بالجمهورية التونسية , فلماذا تعطى الأوامر لتتحرك الأجهزة الأمنية المغربية من صد هذه الإحتجاجات السلمية التي تتطلب تأسيس هيئة انصاف جديدة من شدة التهجم على المواطنين وتخويفهم بالعصي وإنزال الهراوات والسب تحت الحزام . والله العظيم أن المشاهد لا تبشر بالخير والصورة يعتقد أن ما يجري ويدور حرب طاحنة ضد العدو (...) وكقلم صحفي أبرئ ذمة الإدارة العامة للأمن الوطني لأنها تنفذ اوامر الوزارة الأولى غير أنني لست مع بعض رجال الأمن - المعقدين والمكردين - الذين يعتقدون أنهم أقوياء وأن لهم السلطة الكافية التي تخولهم الإقدام على تكسير أطراف النساء وجماجم الرجال والبصق على الشيوخ والتلاعب بعوراتهم أمام الملأ , إن الإحترام الواجب الذي يؤمن به الشعب هو الذي يمنع الطفل الرضيع من إعطاء الدرس لهؤلاء الإنتهازيين والأسف منتمين إلى رجال الأمن . هذا الموضوع أكبر مما أتصوره ويتصوره الوزير الأول وحكومة أحزاب الأغلبية , ويتطلب حوارا مشتركا مع الفاعلين الجمعويين والحقوقيين والأكادميين والنخبة المثقفة والقانونيين إلى جانب الصحافة بغية تدارس ما يتضمنه الدستور في هذا الباب أي الإحتجاج والإضراب والمسيرات السلمية لأن الدول الديمقراطية تسخر رجال الأمن لحماية المسيرة او الإضراب حتى يتسنى له النجاح وليس تسخير رجال الأمن ليتحولوا إلى جلادين في الشارع العام ضد حق من حقوق المواطنة . فالأحزاب التي تشارك في الحكومة هي مسؤولة أمام الرأي العام الوطني والدولي , مسؤولة على الجرائم التي تقترف باسم الشغب مع العلم أن الإحتجاجات تمر في جو سليم ومؤطر , فإلى متى سينتهي السوط الرهيب والماء القذر كلما أرادت الأمة التعبير عن مواقفها من سياسة الإرتجال والرهان على مهر أعرج لتقود المسيرة التنموية والحقوقية ؟ المغرب ليس حكرا على أحد , فالمغرب للمغاربة أولا ثم الضيوف ( ) والشعب المغربي هو الذي قاد المقاومة ضد الإستعمار لينعم بالإستقلال فحين كرم الشعب بالتهميش والتفقير والتجويع وحظيت الأحزاب بالمناصب والمشاريع والسلطة (...) لست ناقما ولا حاقدا فأنا مغربي وملكي حتى النخاع كما يقال , لكن كما يقول المثل الشعبي ( حتى حد ما كيهرب من دار العرس ) فهذه الحكومة تكرهنا في البلاد وفي الوطنية وتقول ما لا تفعل وتصرح بما ليس على أرض الواقع وتتكلم باسم الشعب على أساس أن كلشي فرحان وسعيد لكن ما وجب قوله أن كتابات التقارير المغلوطة هي التي تتطلب لجنة تقصي الحقائق لأن الأمة المغربية مع العرش فهي – الامة – التي خرجت تبكي الملك الراحل الحسن الثاني إلى متواه الأخير وخرجت النساء والرجال والشباب والشيوخ راجلين اتوا من كل المدن المغربية مشاركين موكب الحزن والأسى مع العلم أن الأنباء التي وصلت للجمهور فأغنياء البلد وأصحاب المحسوبية والزبونية سافروا خارج البلاد وهربوا الأموال خوفا من أن يطالهم السؤال في العهد الجديد (...) عندما يكون الخبز في متناول حكومة أحزاب الأغلبية ومن يدعمها فقط هذه هي الطامة الكبرى , فرغم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي قادها الملك محمد السادس فنتائجها لازالت تتطلب مجهودات كبرى حيث لن تتحقق بنسبة أوفر إلا في حالة إبعاد بعض الوجوه التي فاحت رائحتها ولازالت تمارس عملها دون أن يلحقها العقاب فمن هو الأخطبوط الذي يحميها ويعرقل المسيرة التنموية ؟ فحكومة الدين الخارجي والإعتمادات والخوصصة وبيع ممتلكات الدولة تعني الإفلاس , فما شاء الله جل وزاراتنا لا تملك شيئا يحاسب عليه لأن التدبير أصبح بيد الدول الأجنبية ومصير الشغيلة واليد العاملة بيد الاجانب مادام اقتصادنا يدار بخبراء أجانب و ضعف احتمال الميزانية، وضعف التنافسية الاقتصادية، وتفاقم العجز التجاري، وضيق السوق الداخلية و رغم الهم والنكد هناك مهرجانات الرقص والغناء يبدر خلالها المال العام بدلا من إضافته إلى ميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لحلت بعض الملفات العالقة وخاصة منها محاربة الفقر بتوفير شغل للمواطنين . ولاية حكومة أحزاب الأغلبية وحصيلتها تتطلب إقالة جماعية لوزراء أحزاب الأغلبية والبرلمان بغرفتيه وحل المجالس المنتخبة وإلغاء العمودية من المدن الكبرى وإرجاع وزارة الداخلية للتسيير بدلا من التسيب الحاصل باسم الإنفتاح والديمقراطية والحمد لله أن الملك بيده اختصاصات واسعة فلو أسندت للأحزاب سيبقى مصيرنا مجهول .