"الثورات يخطط لها الأذكياء وينفذها الشجعان ويستفيد منها الانتهازيون"هذه مقولة تاريخية جاهزة للاستدعاء دوما للتعامل مع الحالات البشرية التي تتمكن منها عادات الغباء السيئة، وتدفعها لتكرار الخطأ نفسه عشرات المرات في ظروف مختلفة، وكأنهم لم يسمعوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين". التذمر طال الصغير قبل الكبير والجدال أصبح سمة من سمات المجتمع الوادنوني بدرجة كبيرة، وغالبية رواد مواقع التواصل الاجتماعي تدور بينهم أحاديث عن ما يحدث في حاضرة وادنون وخاصة ما يتعلق بأحوال الاقتصاد والتنمية وسوء العمل في المؤسسات التمثيلية والصفقات التي تذهب إلى (الحبايب) المقربين من أصحاب القرار والنفوذ، وأحاديث كثيرة يشيب منها الرأس عندما تتداول بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والخافي طبعا أعظم.اليوم لا يخفى خاف على أن التذمر زاد في أنفس أهل كليميم الذين لديهم من الصبر والحكمة وحب أرضهم ووطنهم وأهلهم ويرون الغبن الشديد، حيث يمارس ضعفاء النفوس والقلوب أعمالهم في نهب المنطقة من خلال سطوتهم على مقدراتها من مشاريع وقرارات في هذا الشأن.. قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} وهذا هو حال هؤلاء الطامعين في السيطرة على الدولة ونهب ثروات الساكنة الوفية المخلصة لوطنها والتي لن تضرها التقارير المغلوطة التي تهدف المس بوطنيتها والتشكيك في ولائها. لكن كل هذه الظروف التي تمر منها كليميم لن تزيدنا إلا إصرارا على قول الحق،فقد نبهنا في مقال سابق تحت عنوان:"يا أهل كليميم احذروا المتلونين" بتاريخ:05 اكتوبر 2014،أن هناك فئة من المفسدين ممن قفزوا من سفينة ابونهب يحاولون ركوب موجة التغيير في محاولة إعادة التموضع بما يسمح لهم بأن يجدوا لنفسهم موطئ قدم على الساحة السياسية بكليميم،وإنه لمن المؤسف حقاً أن يقع ما حذرنا منه،فالانتهازيين والأصوليين ممن لم نرى لهم أثرا أو بصمة أو إسهاما في ساحة الصراع المرير مع الفساد في لحظات المواجهة التي تفترض التضحية والعطاء والمخاطرة هم أنفسهم الذين تغص بهم ساحة السطو على جهود وتضحيات الثائرين الحقيقيين على رموز الفساد وهم ذاتهم الذين سيصطفون تباعا في صف المستفيدين من المواقع التي سيخلفها عراب الفساد وراءه. والغريب في أمر الحراك بكليميم هو انتقاله المفاجئ من الحرب على الفساد والمفسدين إلى تزكية بعض المفسدين(أعوان سابقين لابو نهب) وتلميع صورتهم وتقديمهم إعلاميا في صورة مناضلين ومكافحين سياسيين ضد الفساد،والأغراب من ذلك هو استغلال شباب نقي وطاهر لشرعنة هذه العملية،ولتتأكدوا من صحة هذا الكلام انظروا من يتصدر موقع القرار في هذا الحراك،ومن سيشارك في ندوة الرباط المزمع عقدها نهاية الأسبوع،وأين تعقد لقاءات ساكنة كليميم؟ليتضح لكل ذي عينين أن ما يحدث في كليميم ليس فقط محاولة للركوب على موجة التغيير بل هو عملية سرقة مكتملة الأوصاف لحراك الشباب وتضحياته من طرف شرذمة من الكائنات الانتخابية وسماسرة السياسة. الحقيقة إذن مرة ومرارتها تزيد من انحسار خط التغيير بسبب انسحاب عدد من الشباب من هذه المعركة نظرا لما ذكرناه أنفاً من التحاق بعض المفسدين بها وتصدرهم للمشهد،زد على هذا تراجع حجم الكتابات الصحفية التي كانت سبب رئيسي في إرباك عراب الفساد،وتحفظ بعض المواقع الالكترونية التي كان لها شأن كبير في هذه المعركة عن نشر بعض التقارير الصحفية والمقالات الإخبارية لما تحمله من تزكية واضحة لمفسدين كانوا إلى الأمس القريب أدوات تافهة في يد ابونهب. ختاماً،مأساة حقيقية بكليميم تكشف عمق الصراع القائم بين خطين متوازيين لا يلتقيان أبدا خط النضال الذي يقوده شبابنا وبعض الشخصيات الحزبية التقدمية،وخط الانتهازية والأصولية الذي يقوده فاسدين يلبسون عباءة محاربة الفساد وإن كانت لا تخفي عورتهم وحقيقتهم التي يرأها الأعمى فضلا عن من له عينين. آخر الكلام:يقول روبيسبير أحد منظري الثورة الفرنسية "إن الخونة موجودون هنا مختبؤون تحت مظهرهم الكاذب الزائف...إنهم سيتهمون من يوجه لهم الاتهامات وسيضاعفون خداعهم ليضربوا وجه الحقيقة..."قال روبيسبير ذلك بعد أن كان شاهدا وشهيدا على سقوط رموز الثورة الفرنسية وقادتها ومفجريها واحدا تلو الأخر. والعاقل من أتعظ بغيره والأحمق من أتعظ بنفسه.