من عجائب مصر الرسمية المضافة للسبعة، التخلي عن الأمة العربية والاتجاه لمقاسمة الصهاينة تطلعاتهم لتحقيق حلمهم القديم الجديد في التوسع بدولتهم العبرية كما يرسمون خريطتها حولا بعد حول وحربا عدوانية يشنونها مرة على غزة وأخرى على جنوبلبنان ومرات باحثين عمن لوطنه يبيع قطعة بعد قطعة ، وأغلب الأحيان بما رباهم رائدهم الشيطان على الاحتيال بدقة متناهية في الإتقان لجذب ضعاف النفوس مهما كان الثمن المُؤدَّى لهم مادامت الخلاصة تخطو بهم كمحتلين أرض الغير إلى الأمام حتى لا يدهمهم العدم والغرق في بحر من الدم يطاردهم منذ أَسَّسَ لهم الانجليز القاعدة التي يعربدون انطلاقا منها الآن إلى وقت آت لا ريب فيه لن ينفعهم ساعاته لا انحياز مصر الرسمية ولا حتى أمريكا شقيقتهم بالرضاعة . القضية لا تتعلق بالتدخل في الشأن الخاص لدولة مصر ، للأخيرة شعب عظيم قادر على حل مشاكله بنفسه ،منذ اجتياح الهكسوس أرض الكنانة ، وصولا لطرده موشي ديان وعصابته المرؤوسة من طرف جولدا مايير، وما دونها وما فوق جميعهم من مكر وخديعة مشهود لليهود المتصهييين التمسك العميق بهما كما يحكي تراثهم الملطخ بالدم الأسود لامتزاجه بالقار المطبوخ الواجد في أنوفهم الاستلطاف والتآخي الخارج عن طبائع العاديين من البشر، حيث نفس الشعب لأرض سيناء من خبث هؤلاء طهَّر ، كخيار لأقوم قرار، اتخذه بقيادة الراحل السادات في العاشر من أكتوبر، عن قناعة ، فتَّتت ما كانت إسرائيل تتبجح به أن جيشها المغوار، لن يُقهر، مُحصن بأشد مناعة ، لكن الأمر يتعلق بمصير أمة عربية وطنها ممتد من جبال الأطلس، في العمق المغربي ، إلى مَنْ كان لبيدائها كشعار للقوة السيف والفرس ، في الشق المُغََرَّب، محسوم إقدامها لا تنقصها متى جد الجد شجاعة ، تلك الأمة التي أراد "السيسي" تحطيم معنوياتها ، وتكسير مجاديف قواربها ، وتحقير مكانتها ،وتصغير قيمتها، وتقزيم حجمها، وترخيص ثمينها ، وإفراغ هيبتها ، وتدمير مقامها، وفسخ وحدتها ، وتأخير مسارها ، وترويع خاطرها، وهدم مقوماتها ،وتجميد كيانها ،وخدش جمالها، وتمزيق لباسها، والعبث بأسسها ، لمناصرة عدوها ، والاعتداء على غزة عزيزتها ، مَنْ بالنضال والصمود واسر ذاك الجندي الصهيوني كانت وأصبحت وستظل رغم "السيسي" رائعة . ما كنت "حمساويا" ولا "فتحاويا" بل مغربيا أمازيغيا عربيا كنت (ولحد الساعة أفتخرُ بما أفوه به ولا أخشي في ذلك لا "السيسي" ولا حبيبه "نتنياهو" وإن لم يعجبهما موقفي فليشربا من البحر الميت وليبللا ضميرهما الميت أيضا ، وهما يصحوان ويمسيان على تلك المجازر التي غطت غزة طرقاتها بأشلاء أطفال رُضَّع ونساء لا حول لهن ولا قوة وشيوخ لا يقوون على التحرك بسبب مذابح رهيبة غير مسبوقة واجب أن تُحاكم عليها إسرائيل ومَن ساعدها من قريب أو بعيد ممن أصبحوا معروفين على امتداد الجهات الأربع) ترعرعتُ محبا لفلسطين مضحيا من أجل نصرتها أسعى ما استطعتُ لذلك سبيلا ، لستُ وحدي هنا في وطني العزيز المغرب بل هم بالملايين من يتمنون مثلي لو انتقلنا دفعة واحدة لتلك الديار المرصعة بالشهامة الحقة، المزينة بالشرف الأشراف من الشرف ، المجملة بالكرامة المصانة بعزة غزة ، لندافع بصدورنا ولحومنا ودمائنا عن فلسطين بكل شبر فيها وعاصمتها القدس الشريف. ... مصر الشامخة ليس من شيمها ما تجرأ " السيسي" وأمر بتنفيذه وقد وجدها مناسبة تَقَاسَمَ التخطيط لحدوثها مع نتنياهو لأسباب لم تعد خفية على أحد وبمباركة محمود عباس الذي من المفروض أن يقدم استقالته ويذهب مرفوقا بماء وجهه ليعيش في مملكة الأردن كما رسم خريطة طريقه صوبها من مدة ، محمود عباس هذا الذي اسقط القناع وأظهر أن مراوغاته بما سماها سياسة الاعتدال والدفع بالمفاوضات تحت مسميات تفرضها ظروف متفق على خلقها مع الكيان الصهيوني ، والتفرغ لسياحة على حساب الداعمين لخزينة دولة فلسطين ، لا فائدة منها على الإطلاق سوى المساهمة المباشرة في تضييع الوقت على أحرار فلسطين والإبقاء على الآلاف من خيرتهم في السجون لسنوات طوال لا أمل لهم في استنشاق هواء الأرض التي ضحوا وآباءهم لترفرف فوقها ألوية الانعتاق والتحرر والعيش كبقية الخلق في أمان وسلام . محمود عباس الذي صرح متحديا شعور ما يقارب المليار مسلم وعربي بأنه الذي طلب " السيسي" التقدم بمبادرة وتسميتها بالمصرية ، إلى هنا الصورة واضحة تعكس لكل متمعن فيها ذاك الارتماء بين قدمي "نتنياهو" مستعطفا الإبقاء عليه حتى تحقيق معاقبة "غزة" لتطرد المقاومة من وسطها وجنباتها وكل شبر حفرت فيه نفقا أو أخفت فيه معداتها الحربية ، هكذا بكل بساطة ، وما الوحدة وحكومة منبعثة عنها وتعانق الأخوين الحاكمين في رام الله والقطاع سوى مسرحية مثل فيها عباس دور البطل وظله الظاهر والخفي ، ليبرع في تقمص الشخصيتين المتناقضتين ، ولو لوقت قصير حتى تتهيأ الحكومة الصهيونية من ترتيب إمكاناتها والخروج بخطة تفرغ تلك الوحدة المعلنة من فحواها وتضع عملاءها بين خيارين الانحناء عن مذلة لإسرائيل أو الاحتراق حتى الذوبان . كنا نعلم بأصالة المعدن الطيب لدى الشعب الفلسطيني ، ولاستئصاله عمدت إسرائيل بشن غارات متبوعة باجتياح بري مسخرة فيه أحسن ما عندها من عساكر مدربين وعتاد فتاك بالأرض والعباد ، وبالرغم من ذلك لم تحقق ولو نسبة ضئيلة من نجاح ذهب خبراؤها العسكريون أنها حاصدة إياه ، الواقع كذب تلك التكهنات الإسرائيلية جملة وتفصيلا ، وحتما المقاومة ستنتصر ، وإن قدمت الثمن غاليا في الأرواح والبنيات التحتية . المقاومة ستنتصر وسينقلب السحر على الساحر وليفكر السيسي في مخرج ينأى به عن جر مصر وشعبها العظيم لأي حرج وينتبه في المقام الأول لانجاز ما وعد به الشعب إبان حملاته الانتخابية ، مع إنهاء الحرب التي تزعمها داخليا لسحق جماعة الإخوان المسلمين الذين ما كانوا يستحقون كل هذا التنكيل وهذا العذاب المسلط عليهم من أجل التربع على كرسي ما دام لأحد حتى تراق من أجل التشبث به كل تلك الدماء الطاهرة النازفة من جثامين الشهداء المصريين نساءا وأطفالا رجالا وشيوخا . (وللمقال صلة)