إن كلمة الحق قد تصيبنا أحيانا بالحساسية ربما لأنها عائمة،أولأننا نستخذمها بطريقة خاطئة،فكل النضم وضعت لحفض الحقوق،النضام بحد ذاته يفرض فيه أن يعزز احترام الحقوق ويفعل حمايتها،فمثلا القوانين التجريمية القضائية تجاه الشطط في استعمال السلطة أو ما يسمى ''تجاوز السلطة'' حسب الققه المغربي وضعت لحفض حقوق المعتدى عليه سواء عن طريق العقوبة في حالة حدوث الجريمة أو منع الجريمة في حالة وضوح العقوبة والصرامة في تطبيق النضام،فالعقود التي توضح واجبات والتزام كل طرف أو عقد عمل هي عقود وضعت لحماية الحقوق،حتى الأعراف التعاملية أساسها الأداب الحقوقية،فأحيانا نحتاج توضيح هذه الحقوق خاصة حين تكون لدينا فئة يشتبه أنها قد لا تحصل على حقوقها أو تجهل هذه الحقوق لضروف ما،فهناك فئات كثيرة في المجتمع المغربي تجهل حقوقها فرجال البحر قد يوقعون عقد عمل دون أن يقرأو تفاصيله وهي التزاماتهم تجاه جهة العمل وماهي حقوقهم تجاهها،وقد يستغل هذا الجهل أو الضعف من قبل بعض المسؤولين أو أرباب الشركات من ذوي النفوس الضعيفة وذلك تحت ضل القاعدة القانونية الجائرة القائلة أنه ''لايعذر أحد بجهله للقانون'' . إن ما تعرض له بحارة ''bulind ''بمدينة الداخلة التابعة لشركة أوتورينوس ينطبق عليه ما أشرنا إليه سالفا وهذا ما سوف نحاول في مرحلة أولى تأكيده من خلال سرد وقائع وحيثيات هذه القضية ،وتعليلها بالحجج والأدلة القانونية رغم يتمها في مرحلة ثانية وذلك في دائرة الحق والقانون اللذان يفرضان علينا الدفاع عن هذه الفئة العاملة التي تتقاذفها الأمواج في البحر والبر باحثة عن النجاة ،فهل هناك من مغيث؟ * الوقائع: ü إشتغال البحارة بالسفينة موضوع القضية لمدة سنتين تقريبا . ü بيع السفينة الأجنبية لمالك جديد ذو جنسية مغربية بتاريخ 29 دجنبر 2013 والذي تعهد بإبقاء كل البحارة . ü تسلم البحارة أجر شهر ونصف ابتداءا من تاريخ بيع السفينة 14 .02 .2014 ü أمر السلطة البحرية المعنية بالإقليم البحارة بمغادرة السفينة . ü وضع شكاية من طرف بحارة السفينة لدى السلطة البحرية المعنية دون أي اهتمام. ü انصاف صاحب السفينة الجديد لبعض البحارة لأسباب غامضة. ü طرد باقي البحارة من بينهم ثلاث أفراد وهم:محمد سالم حماد،شفقي حميد،عبد الفتاح الصباغ ،وذلك دون احترام للمقتضيات القانونية ''مسطرة الإبحار،تقرير الربان،عقد الإلتزام البحري شكلا وموضوعا،وصل الإنزال …. ü حصول البحارة المعزولين على جوازاتهم البحرية بعد مدة طويلة من تاريخ طردهم وذلك يوم 21 .03 .2014 من طرف أحد أصدقائهم خارج الإدارة المعنية في اطار ''تقريب الإدارة من المواطنين''. ü إلحاق القضية بمحامي بالإقليم قصد رفع دعوى التعويض. ü شكاية لدى وكيل الملك ضد مسؤول السلطة البحرية بالإقليم بتاريخ 08.04.2014 . بعد الإشارة الى حيثيات القضية والتي لا تعتبر سوى نموذج لشكل من أشكال الطرد التعسفي الفردي والجماعي الذي يعيشه البحارة المغاربة يوميا في دولة ما يسمى بالحق و القانون،سوف نحاول تحليلها ومعالجتها معتمدين في ذلك على الحجج والأدلة القانونية وذلك من خلال إبراز حالات الطرد أو العزل،مسطرة العزل،ثم أخيرا من خلال كيفية إثبات عقد الإلتزام البحري. أولا :حالات الطرد أو العزل حسب القانون البحري المغربي يعتبر الطرد أو العزل مشروعا في الحالات التالية المنصوص عليها في الفصل 198 من القانون البحري المغربي مادامت المادة 11 من الإتفاقية رقم 22 قد أعطت للقانون الوطني حق تحديد حالات العزل والتي لا يستحق فيها البحار أي تعويض إلا أنه قبل تنفيذ قرار المجهز فانه يتعين على السلطة البحرية محاولة الصلح بين الأطراف،وتتلخص حالات العزل فيما يلي: 1 عدم حضور البحار الوقت المعين للركوب على ضهر السفينة وذلك بعد استدعاء أول . 2 اذا كانت السفينة على أهبة الإقلاع ووقع القبض عليه بتهمة جناية أو جنحة أو اذا سجن لمدة تزيد عن خمسة أيام في الوقت الذي كانت فيه السفينة راسية في الميناء. 3 عدم الإمتثال لأوامر الرؤساء كلما اعتبر ذلك بمثابة مخالفة جسيمة لقواعد التأديب. 4 إذا ثبت على البحار أنه كان في حالة سكر ثلاث مرات على الأقل. 5 إذا تغيب البحار عن السفينة بغير موجب أو إذن لمدة ثلاثة أيام أيا كان الميناء الذي تغيب فيه. 6 إذا تغيب البحار طيلة المدة الفاصلة بين الوقت اللازم للبدئ في عمليات الإقلاع ووقت الإنتهاء منها،واذا غادر السفينة وهو محكوم عليه فيها . 7 اذا تعذر على البحار استئناف أشغاله عند الإقلاع نتيجة إصابته بجروح أو مرض أيا كان سببه اذا لم يكن للادارة دخل في هذا المرض وعلى أن لايتجاوز هذا الأمد 26 أسبوعا طبقا لمرسوم 26 يناير 1970 8 اذا تم اغتنام السفينة أو غرقت أو أصبحت غير صالحة للملاحة مالم يوجد اتفاق مخالف تطبيقا لمقتضيات الفصل 198 من القانون البحري المغربي. إنطلاقا مما سبق يتضح لنا أن هذه الحالات لا تنطبق على القضية التي نحن بصدد الحديث عنها وبالتالي نجد أنفسنا أمام قضية أخرى تدخل في نطاق دعوى الإلغاء لعدم مشروعية قرار الطرد أو العزل . ثانيا:مسطرة العزل لقد ألزم النضام النموذجي في مادة قانون الشغل رب العمل بتوجيه رسالة مضمونة الوصول بل ويتعين عليه أن يسلم الأجير نسخة منها وأن يخبر مفتش الشغل بذلك داخل ثمانية أيام من تاريخ ثبوت الخطأ على أساس أن يكون للأجير حق طرق باب القضاء داخل أّجل شهر واحد من تاريخ تسلمه الرسالة أو من تاريخ تسلمه نسخة منها على أن يعزز برسالة الطرد وللمحكمة كامل الصلاحية لتحديد ما اذا كان الطرد تعسفيا أم لا مع ما يترتب على ذلك من اثار بما في ذلك الحكم بإعادة الأجير الى عمله ابتداءا من تاريخ الطرد أو الحكم بالتعويض في الحالة الثانية،وغالبا ما تعتمد المحكمة لهذا الغرض الإحتماء بالقوانين الجاري بها العمل و بتقارير الخبرة الحسابية والغالب ما يتم الحكم لفائدة المدعي ''البحار''بالمبالغ التالية: ü تعويضات الطرد التعسفي على أن يحدد ذلك على أساس سن البحار و نوع العمل والمدة التي قضاها في الخذمة والأجر الذي كان يتقاضاه وأهمية الضرر اللاحق به من جراء هذا الطرد. ü تعويضات عن الإشعار أو مهلة الإخطار. ü تعويضات عن الإعفاء،وهذا ما أكدته محكمة الدارالبيضاء ''الغرفة الإجتماعية ''بتاريخ 22 مارس1995ملف عدد 1706.91حكم عدد897 وفي عام 1997 ملف عدد 93.1074 حكم عدد 1944 والتي قضت فيه بالإضافة الى هذه التعويضات بتسليم البحار المدعي شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية عن كل يوم تأخير ابتداءا من تاريخ الإمتناع . وعليه وانطلاقا مما سبق فان هؤلاء البحارة المعزولين سوف يستفيدون لا محالة بقوة القانون إما من إمكانية الحصول على شغل اخر مع احترام مدة العمل السابقة و إما أن يستفيدوا من مقتضيات العزل بالنسبة لعقد الإلتزام البحري غير المحدد المدة . ثالثا: إثبات عقد العمل إن عقد الإلتزام البحري المبرم بصورة سليمة بين أطراف النزاع موضوع مقالتنا هذه والمؤشر عليه من طرف السلطة البحرية المختصة بمدينة الداخلة ينبغي لزوما أن يكتب أو أن يلحق بسجل البحارة لأغراض الرقابة والحراسة تحت طائلة البطلان،مع ذلك نبقى متسائلين عما إذا كان بالأمكان التمسك بشروط وبنود هذا العقد في مواجهة المجهز الذي تخلف عن القيام بهذه الإجراءات طالما أن هذه الشروط تخذم مصلحة البحارة المعزولين أو انه بالإمكان في حالة انعدام مثل هذا العقد أن نطبق مقتضيات القانون العادي ؟علما أن عقد الإلتزام البحري يخضع لبعض إجراءات الشهر والعلانية بما في ذلك تعليق هذا العقد على ضهر السفينة لتمكين البحارة من معرفة كل شروط وبنود العقد وذلك تحت طائلة مسؤولية المجهز تطبيقا لمقتضيات الفصل 172 من القانون البحري المغربي . ختاما وحتى إنصاف البحارة ذوي الحقوق وجبر الضرر الذي أصابهم نقول لمن يهمهم الأمر أن اقتناعهم بأن الحقوق ليست وليدة الفكر التمردي ولا الإنفلات الاخلاقي،يجعلها تعزز ثقافة الحقوق التي تحقق الإنضباط والنضام وتعزز فكرة العدل والمساواة وتبعدها عن تصنيف أي شخص يطالب بهذه الحقوق أو يطرحها للنقاش بأنه يملك لسانا طويلا،أويوصف بأنه شخص مزعج أو شخص يبحث عن المشكلات فتصبح ثقافة الحقوق سائدة وتكون جزءا من الوعي الإجتماعي .