"أسطورة الإطار" هي عنوان الفصل الثاني من كتاب المفكر النمساوي كارل بوبر و يقصد كارل بوبر بأسطورة الإطار "مجموعة من الافتراضات الأساسية و المبادئ الرئيسية و هذه الافتراضات الأساسية و المبادئ الرئيسية هي عبارة على شروط ضرورية للمناقشة". كارل بوبر يذهب حد إدانة هذا الإطار لأنه حسب رأيه ينطوي على خطورة و "يتلبس بالعقول". نفس التلبس بالعقول يحصل للمنظمات الدولية التي تتناول المملكة المغربية في علاقتها مع أقاليمها الجنوبية المسترجعة. لقد تم نسج أسطورة إطار حول مسألة الصحراء، و كل من يقوم من بين الأوساط الدولية بمناقشة هذه المسألة إلا و يستند على "افتراضات أساسية و مبادئ رئيسية و هذه الافتراضات و هذه المبادئ هي التي تحدد الشروط الضرورية للمناقشة". هذه "الشروط الضرورية و المبادئ الأساسية" التي يسميها المفكر الألماني كارل بوبر "أسطورة إطار" هي التي تعمل على تصنيف المملكة المغربية ضمن الدول المحتلة للأراضي؛ و لمن يريد أن يتلمس عن قرب هذه الأسطورة التي تصنف المملكة المغربية ضمن الدول المحتلة للأراضي ما عليه إلا أن يقرأ الفقرات الأخيرة لتقرير منظمة هيومان رايت ووتش حول أحداث الثامن من نونبر المرتبطة بمخلفات تفكيك مخيم اكديم ازيك؛ فهذه المنظمة حسمت في تاريخ المقاومة المغربية التي حاربت المستعمر الاسباني و حاربت المستعمر الفرنسي لاسترجاع أرض الصحراء و اعتبرتها جيش احتلال و كأن هذه المنظمة الحقوقية الدولية حسمت في نتيجة الاستفتاء و اعتبرت اراضي الصحراء اراضي محتلة و ضدا حتى على محتويات القانون الدولي الذي لا يسلم بمثل هذه الترهات. كذلك من يريد ان يتلمس عن قرب خطورة هذه الاسطورة التي تتلبس بالعقول ما عليه إلا قراءة الفقرة الحادية عشرة من تقرير الامين العام حول الصحراء الصادر يوم العاشر من ابريل لسنة 2014 و الموجه الى مجلس الامن ليتأكد له بأن حتى الامين العام للأمم المتحدة وقع ضحية لهذه الاسطورة حيث يعتقد كما جاء في صياغة التقرير بان جزء من الاراضي الصحراوية هو واقع "تحت السيطرة المغربية". هذه العبارة الوحيدة الواردة في التقرير هي لوحدها اسطورة اطار لانها تسلم بمبدا السيطرة و الاحتلال و يصعب على أي قارئ معالجة هذه القضية خارج هذا الاطار. ان الاراضي الصحراوية كما هي منصوص عليها في كل وثائق الاممالمتحدة هي اراضي تحت الادارة المغربية و ليست تحت سيطرتها و هنالك فرق شاسع بين استعمال مصطلح "سيطرة" و استعمال مصطلح "ادارة" الاول يحيل الى مجال الايديولوجية التي يعتقد فيها أصحاب الصياغة و الثاني ينتمي الى واقع المنطقة كما هي محددة في الاتفاقيات الدولية التي تخص المنطقة.
الأفعال اللاحقوقية التي عادة ما توردها المنظمة الحقوقية في تقاريرها حول الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية و التي تخص التجاوزات و التعسفات التي مست سكان المنطقة هي في غالبيتها صحيحة و موثقة و حتى إن لم تكن صحيحة فهي قابلة الحدوث بحكم انتشار الثقافة اللاحقوقية و اللامسؤولة عند كل الأطراف المتعايشة بداخل منطقة الصحراء. لكن، هذه الأفعال اللاحقوقية التي تمس حقوق المواطنين و التي تحدث في منطقة الصحراء تمس كذلك حقوق المواطنين في باقي الأقاليم الأخرى للمملكة المغربية و هذه الأفعال هي مرتبطة بعدم تجدر ثقافة حقوق الإنسان و ليست مرتبطة بموقف استعماري أو بوضعية احتلالية اتجاه المنطقة. أسطورة الإطار التي رسختها القوى الاستعمارية الكولونيالية بداخل الأذهان هي التي جعلت و تجعل المنظمات الحقوقية الدولية تكيف كل الأفعال اللاحقوقية التي تصدر عن السلطات المغربية المحلية بداخل الصحراء و تصنفها ضمن الأفعال الاستعمارية الكلونيالية. المملكة المغربية لا يمكنها أن تكون كذلك، أي دولة كلونيالية و استعمارية، لأنها حتى و إن أرادت أن تصبح دولة استعمارية و كلونيالية فهي ليست لديها الثروات و القوات العسكرية لتحقيق ذلك، إنها دولة ضعيفة و فقيرة بل و حتى متخلفة و لا تقوى حتى على الدفاع عن حقوقها التاريخية فما بالك أن تصنف ضمن الدول الاستعمارية الكلونيالية. المملكة المغربية لا زال جزء من أراضيها التاريخية مستعمر(بفتح الميم). جزء من هذه الأراضي يوجد تحت الاحتلال الاسباني و الجزء الأخر يوجد تحت الاحتلال الجزائري. و هذا الاحتلال هو الذي يدفع هذه القوى الإقليمية الكلونيالية إلى نسج أسطورة إطار حول المملكة المغربية. الأحداث التي بدأت تعرفها مدن مغربية عدة منذ سنة 2010، بما فيها مدن الصحراء، تكمن في معظمها في مخلفات وصفة ديمقراطية تم الاهتداء اليها كتمرين ديمقراطي من اجل التعود على ممارسة عملية تعايش السلط على المستويين المحلي و الجهوي. و لكن المجتمع المغربي هو مجتمع غير متعود بتاتا على عملية تعايش السلط، لأنه مجتمع شمولي و تعود عبر تاريخه المعاصر أن يمزج الكل في الكل. التمرين الديمقراطي البسيط المقتصر على تعايش السلط على المستوى المحلي و الجهوي لازال لم يستطع الخروج من عنق الزجاجة، لأن السلطات المركزية و السلطات المحلية و الجهوية لم تستطيعا إيجاد أرضية واضحة للتفاهم يتم تضمينها في قانون عضوي جديد يخص تنظيم الجهات و تنظيم السلطات. السلطات المركزية لديها التزامات دولية مع شركاء دوليين في ما يخص احترام الديمقراطية و مبادئ حقوق الإنسان، و السلطات المحلية لديها هي الأخرى التزامات سياسية مع قاعدتها الانتخابية المحلية، و لديها التزامات حتى مع السلطة الإدارية المحلية. هذا الالتزام المحلي من طرف السلطات التمثيلية المحلية يدفع القاعدة الانتخابية المتنفذة و الموالية لقوة سياسية محددة إلى ممارسة عملية الابتزاز بشكل مستمر. و هذا الابتزاز هو الذي يكون عادة وراء تفجير مجموعة من الأحداث على المستوى المحلي بما فيها الأحداث الأليمة التي عرفتها مدينة العيون المرتبطة بمخلفات تفكيك مخيم اكديم ازيك. دائما هذا الابتزاز المحلي يتم على حساب الديمقراطية و حقوق الإنسان، و تتشكل حوله علاقات قوة أشبه بعلاقات القوة التي تميز الاوليكارشيات المحلية في بلدان أمريكا اللاتينية و بلدان الشرق الأدنى من اسيا، لأن القاعدة الانتخابية المحلية المتنفذة تصبح رهينة بين يدي السلطة المحلية المهيمنة، وليس بين يدي كل مكونات السلطات المحلية. القاعدة الانتخابية المستفيدة بشكل كبير و حتى ممثلي السلطات الإدارية المستفيدين بشكل كبير كذلك، بمجرد ما يجدون أنفسهم مهددين في مصالحهم يتحولون إلى محرضين و إلى تجار إشاعات و مروجي قيم الفوضى ألاجتماعية و هذا ما حصل بالضبط في مجموعة من الاحداث بما فيها أحداث الثامن من نونبر بمدينة العيون. الأسباب التي كانت وراء بناء مخيم اكديم ازيك ليست أسبابا شخصية تعود إلى العلاقة المتوترة بين الوالي، ممثل السلطات المركزية، و رئيس المجلس البلدي، الممثل للقاعدة الانتخابية المحلية المهيمنة، بل هي أسباب وليدة العلاقات المصلحية التي تم نسجها عبر ثلاث عقود من الأداء اللاديمقراطي المحلي و هذا الأداء اللاديمقراطي كما خلق مستفيدون كثيرون خلق كذلك ضحايا كثيرون أصبحوا يهددوا وجود الدولة في المنطقة. التعارض الذي بدا يظهر منذ سنة 2010 في جميع مناطق المملكة المغربية بين ممثل السلطة الإدارية في الإقليم، أي الرجل القوي الممثل للدولة، و ممثل السلطة المحلية أي الرجل القوي الممثل "للشعب" بدأ يعرف انحباسات كثيرة و تترتبت عنه أحداث غير ديموقراطية. هذا ما حدث حتى بداخل القرية الشمولية الصغيرة لحاضرة الصحراء، حيث المؤمنون بصراع الأضداد كتمرين ديمقراطي على تعايش السلط كان مآلهم الفشل لأن أحداث الثامن من نونبر لسنة 2010 كشفت عن عدم قدرة أصحاب هذا الإيمان اختراق الواقع القبلي المحلي لهذا تحولت أحداث الثامن من نونبر إلى نوع من نفي النفي.