حمزة الشافعي- افانور/ تنغير-المغرب رجال امن الحضارة الإنسانية رجال من نوع خاص. هم طبعا ليسوا كما قد يُعتقد من العنوان رجال الأمن العاديين الذين ينتشرون في التخوم لحماية الأوطان من أطماع التوسع الخارجية و الإرهاب و التهريب أو الذين يرابطون بمحاذاة كل تجمهر أو احتجاج شعبي لقمعه و فضه و اعتقال و تعنيف قيادييه مرتدين أزياء بشتى الألوان: خضراء و زرقاء و مزركشة و مدنية غامضة. رجال امن الحضارات يدافعون عن الإنسان و قيمه النبيلة و تراثه المادي و اللامادي في إطار وطن واحد و شاسع اسمه الإنسانية (Humanity). انه وطن لا يعترف بتاتا بالحدود السياسية الضيقة أو الاقتصادية البراجماتية أو الجغرافية و الإستراتيجية المتغيرة. الانتماء إلى هذه الفئة من رجال الأمن لا يتطلب التوفر على جنسية دولة (State) محددة أو عدم استيفاء سن معينة أو امتلاك بنية جسمانية بمواصفات دقيقة أو بلوغ مستوى دراسي خاص. كل ما في الأمر هو القدرة على الدفاع عن الحضارة الإنسانية أينما وجدت و كلما دعت الضرورة لذلك دون نرجسية (narcissism) و تعصب و تحيز لأي قطر مهما كانت قوة أسطوله من رجال الأمن العاديين و عتاده العسكري وبالرغم من تطوره و امتداده الجغرافي. رجال امن الحضارة الإنسانية لا ينتظرون تشجيع أو وسام أو تصفيق أو اعتراف الزعماء السياسيين و غيرهم داخل أو خارج دولهم لان التاريخ الذي يكافئ المخلص و يكشف عورة الخائن و المزور وان اخذ ذلك عقودا و قرونا من الزمن بلا شك سيمنحهم وسام الوفاء و الخلود في ذاكرة الإنسانية جمعاء. رجال امن الحضارة الإنسانية شعراء ملتزمون ارتموا تضحية و إيثارا في بحر الكلمة الصادقة و المعبرة و أحسنوا استعمالها كوسيلة موضوعية (objective) مجردة من النمطية (Streotyping) و الأحكام القبْلِية الجاهزة (prejudice) من اجل بناء أو إعادة بناء بقايا متفرقة من الحضارة الإنسانية. بقايا تنتظر الترميم و الإنقاذ من براثن الإهمال و لعنة النسيان و شدة هول الهجران و أخرى تتطلع للبعث و الإحياء جراء موت عانت ويلاته بعدما كانت في ماض غابر تعج بالحياة و الإبداع و الإشعاع الحضاري و الثقافي الإنساني. رجال امن الحضارة الإنسانية كتاب و باحثون و مثقفون اتسموا بالعضوية (organicism) و الموضوعية (objectivity) همهم الوحيد تدوين و حفظ تاريخ الحضارة الإنسانية العالمية 'كَكُلية' (As an entity) في ملكية الإنسان العالمي (global Man) دون قرصنة أو خلق تمايز أو احتقار لمكون واحد من مكونات الحضارة الإنسانية على أساس جغرافي و لِسني و عقائدي و فِكري و ثقافي و عِرقي الخ. هم حقا رجال متنورون و متحررون أماطوا و لا زال شق منهم يميطون اللثام عن حقائق و أحداث و جوانب عدة تهم الحضارة الإنسانية و ذلك بالنبش المُعقلن و المنهجي بواسطة أدوات الحياد (neutrality) و الموضوعية و الدقة (exactitude) و العلمية scientificity)) و 'التسييق' (contextualization). رجال امن الحضارة الإنسانية رسامون و نحاتون وظفوا كل طاقاتهم الإبداعية (creative) و التخيلية (imaginative) لخدمة الحضارة و الثقافة العالميتين سعيا منهم لإظهار و الاحتفال بالكوني (universal) المشترك بين كل شعوب الأرض سواء الحاضرة و الغابرة كما نقبوا بطرقهم الفذة و اشتعلوا بوسائلهم البسيطة و المشكلة أساسا من ريشة و صباغة و زيت و طين و ألوان و خشب و أحجار لكشف 'المحلي' (Local) لدى تلك الشعوب المتعددة و المتفرقة في الزمان و المكان قصد نقله و التعريف به على نطاق اشمل ليُسجل و يُحفظ في رصيد التراث الحضاري الإنساني العالمي بُغية 'كَوْنَانِيتِه' (universalization/ worldization) بعدما كان يرزح تحت قيود 'المحلية' (localness) و 'الانحصارية' ( limitedness/restrictedness) و التقوقع و 'التصدف' . رجال امن الحضارة الإنسانية 'دََعَوَات' و 'ابتهالات' (supplications) تُرفع في الصلوات اليومية المفروضة و في النوافل و في جوف الليل من طرف بنيات تفكير مختلفة و هائلة بواسطة كل اللغات الوطنية المعترف و غير المعترفة بها و المعروفة و المجهولة و المُنْكرَة لحفظ الحضارة الإنسانية من جبروت و تسلط المخربين و دعاة العنف و معتنقي مذهب القضاء على الإنسان و الحياة و الإبداع و العقل و التعايش (cohabitation). إنها دعوات تُرفع على رجال "لا امن الحضارة الإنسانية" و الذين يدورون في فلك الجهلة و الساديين و الاقصائيين و الأنانيين و اللاحضاريين اللاإنسانيين (anti/non-civilizational, anti/non-humanist(ic))... ختاما, رجال امن الحضارة الإنسانية ينتشرون في كل الأزمنة و الأمكنة (Across all times and places). كما ينتشرون داخل أقطارهم و خارجها على حد السواء غير أبهين بالحدود السياسية التي تفرق البلدان ماداموا ينتمون لوطن أرحب و اشمل و ارحم اسمه 'الإنسانية'. هم أيضا رجال لا يمكن التعرف عليهم بلون البدلات التي يرتدونها و القبعات والشارات و المراتب التي يحملونها أو بأماكن وجود و رباط محددة أو بطرق تدريب خاصة. إنهم رجال امن من نوع خاص غايتهم هي الدفاع عن الحضارة الإنسانية العالمية بأكملها و عن مهندسها و صانع أمجادها الذي هو الإنسان (Man) داخل وطن يحتضن الجميع اسمه الإنسانية.