وقعت الصين والمغرب يوم الاثنين الماضي بالرباط ، اتفاقية يتم بموجبها إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة من التأشيرة، إضافة لاتفاقية أخرى تتعلق بمنح هبة صينية للمغرب بقيمة من 3 ملايين دولار. هذه الالتفاتة الصينية للمغرب في هذا الوقت بالتحديد تطرح أسئلة جدير ة للتمعن ومنها ، علاقة الصين بالصحراء ، ليس من باب كون الصين فقط ، يعتبر البلد المعروف بإنتاج الشاي الأخضر الممتاز للصحراويين ، ولان من عادة الصحراويين أيضا تخزينه واحتكاره نظرا لإدمانهم عليه خاصة النوع الذي انتهت مدة صلاحيته "بيرمي" أي الذي "يساوى" بفتح الياء وتسكين السين أي له ثمن محترم ، على غرار الخمر المنتهية الصلاحية أيضا في ثقافة " الكرابة" فهو الأجود أيضا ، فالقاعدة هنا كلما كانت المادة قديمة إلا ولها مفعول أقوى ، لدا فالصحراويين خالفوا الأسلاف عندما أوصوا بطلب العلم من الصين ، وأبلوا ببلاء الشاي الأخضر عوضه ، ولو كان تاريخ الشاي مرتبط هو الآخر في ثقافة الصحراء ليس فقط بالاستئناس عند كل حديث ، بل لمناقشة أمور القبيلة ، وهي خاصية أمازيغ الصحراء في " تمسراي " أي ما يمكن تسميته بالمقاهي الشعبية التي حاول الوزير الأسبق الاتحادي الكحص إسقاط نموذج أوربي للتثقيف على المغرب دون أن يدرك أهمية "تمسريت" التي لاتخلوا في كل تصميم منزل امازيغي بالصحراء ، فهي عكس النموذج ما نسميه اليوم بالسكن الإجتماعي أو غيره ...، وتبقى الخيمة أو الأصح" أخام "بالامازيغية ، رمزا لاستئناس بالشاي يفصل بينها وبين المبيت " الفريك" وبالأمازيغية " إفركان " ، فالمنتوج الصيني الأخضر ليس هو فقط أساس العلاقة التي تود الصين أن تربطها بالمغرب وبصحرائه ، ونحن نعلم أن منتوجاتها الصناعية وطريقة تسويقها يتخوف منها غالبا الاوربين ، لأنها تكون بأثمان اقل ، ولا أن السلعة تحتاج الى الإشهار ، فان المنتوج الصيني إدا استثنينا الشاي الأخضر الذي يدمن عليه الصحراويون، فإن باقي السلع الصينية تعرضت لتشويه أصلا من سوق "درب عمر" بالبيضاء ، فهي ضعيفة الجودة كما أرادها الاوروبين وأيضا الحرفيين المغاربة أن تكون ، لأنها تنافس منتو جوهم، بل تهدد مقاولاتهم بالإفلاس، ولأنها رخيصة الثمن الى درجة أن هذه السلع خاصة بفئات الباعة المتجولون ، فالأفارقة في الصحراء مثلا يتخصصون في بيع الهواتف النقالة من صنع الصين ولايهتمون بفكرة " نتايو" عند الصحراويون ، والعبارة يقصد بها تناول الشاي. وشجون الحديث في الصحراء بعد توقيع اتفاقية مع الصين ، سيكون لا محالة مستمرا في البيوت، رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تضرب في عمق التقاليد الصحراوية، ولم تعد بإمكان العائلات الاجتماع كعادتها على تناول الشاي إلا أتناء مناسبات خاصة تطرح فيها " الكيفان" ، و"الكيتار"..وحتى قضية الصحراء وتتبع مسارها مرتبط بالشبكة العنكبوتية ، فموقف الصين كما تناقلته المواقع الالكترونية من قضية الصحراء ، ليس شبيها بتعامل الاوربين الذين ظلوا مستغليين لثروات أفريقيا من منطق الاستعمار ، دون أن يحدثوا تغييرا ملموسا ، ولعل العبرة والمقارنة بين ما وصلته أوربا من تقدم صناعي على حساب استغلال خيرات الأفارقة ، فتصور الصين واضح ، الحزب الشيوعي اليوم رهانه الأكبر تنمية المجال الريفي وما الصحراء إلا جزء من عملية تدريب في صراع مع القوى الغربية ، مادام أن مشروع دولة الساحل والصحراء الذي اقترحته الأمانة العامة للحكومة المغربية في فبراير الماضي ، يوضح أن إستراتيجية تدبير الصحراء أشبه بوضع التقسيم على مقاس مؤتمر بيرن بسويسرا سنة 1885 عندما أقدم الأوربيين على تقسيم النفوذ في ما وراء البحار، فتجمع دول الساحل والصحراء ركز على اللغة الفرنسية والانجليزية والعربية دون الإشارة الى الاسبانية والامازيغية المرتبطتين بخصوصيات المجال ، ربما تكون صفقة اسبانيا مرتبطة بأمريكا الإتنية صديقة الصين من حيث التصور والايدولوجيا ، بل حفاظا على مصالحها الاقتصادية في المحيط الهادي اليوم ، لكن تهميش أمازيغ الصحراء حامية الطرق التجارية البرية منها والبحرية عبر التاريخ ، يحتاج الى بلورة تصور هوياتي مع الصين مادام أن هذه الأخيرة لها قواسم مشتركة منها لغتها التي تشبه أحرفها لغتنا الامازيغية ويضطر منافسيها من الأقطاب الاقتصادية تعلمها إلزاميا لفهم إستراتيجيتها الاقتصادي وتصورها للمجال الحيوي ، دون أن يفهم رئيس الحكومة بن كيران الذي حضي بشعبية استغلال حركة 20فبراير على أحرف تفيناغ ليرد على أنها أشبه باللغة الصينية وهو لايعرف بعد أن الصين دولة يحسب لها ألف حساب في الصحراء ، كما أن عاداتها وتقاليدها أشبه الى الامازيغ، فيكفيك أن ترى ملامح أهل تزنيت من تجار بلدة –انزي" بالخصوص ليظهر إليك معنى العلاقة بين الصين والامازيغ في العمل والتجارة وحتى في اصفرار الوجه والشبه في العينين وفي القامة القصيرة أيضا والمعروفة ب " اكيزولن " أي أمازيغ الصحراء ، وحينها تسال عن اوراغ ومعناه عند الامازيغ . لدا فإلغاء تأشيرة الدخول المغاربة الى الصين هو بداية العد العكسي للصراع المحتمل في الصحراء وتضارب المصالح بين القوى الكبرى ، فالصين تجربة مهمة في الحكامة الجيدة مادامت تحكم مليار ونصف من البشر ، وما بالك أن نقارنها بتوجه يريد أن يحكم بنظرة ضيقة عروبية، عدد سكانها أشبه باجتماع عادي لبلدية محلية في بكين عاصمة الصين ، لدا فالصين يفهمون في سياسية إنماء الأرياف ، و هي المعجزة بكل المقاييس ، ومصدر الحل كما روج لها في المدرسة المغربية فاطلبوا العلم ولو كان في الصين. علاقة الصين بامازيغ الصحراء ، تبداء من الحملة التي شنها فرانكوا من افني عاصمة الصحراء وجند من خلالها الألالف ومنهم الأطفال تحت ذريعة القضاء على الموالون للصين "الرخو" أي الشيوعيون ، حيث أجج عواطف الناس بالمقابل وإقناعهم على أنهم كفار ويجوز قتلهم مستغلا بدالك أفيون الشعوب . خطة فرانكوا في القضاء على الشيوعية أو "الرخو "تخللتها الخيانة حينما رفض كباس الجنرال الخضوع للأوامر ، بالمناسبة فكباص ، هو الذي وقع اتفاق" امزدوغ " مع أمازيغ الصحراء سنة 1934 ، وعندما فطن لوقاحة سياسية فرانكوا تمرد عليه مستعينا في ذالك بجيوش الطوابير المرابطة بسيدي افني مستغلا عناصره الامازيغية التي لايفهم الإسبان لغتها لتنفيذ انقلابه لكن باء بالفشل فقتل بتطوان وكلما يتذكره اليوم أمازيغ الصحراء في سيدي افني ذاكرة أفلام "الشينوا " التي تعرض في سينما " افيندا ، مواضيع مرتبطة بفنون الحرب ، فيعرفون الممثل " بريسلي " أكثر ما يعرفون شيئا عن رؤساء الصين . اليوم استقبال الصين من طرف مسوؤلين مغاربة أنما إشارة واضحة لصراع القوى الامبريالية حول مصالحها بإفريقيا ، فهي تتجاوز ضغوطات اسبانيا وفرنسا بل حتى أمريكا ، لكن هي الدولة الجامعة لتصور دول أمريكا اللاتينية أكثر من اسبانيا التي استعمرتها، فالصين جزء من المعالجة وقد يكون تبرعها بالشاي الأخضر المنتهي الصلاحية ، كافيا لإقناع أهاليها ، و ستكون الصحراء خليطا لأجناس قصر القامة هدفهم استغلال ثرواتها ، أنداك فالصحراويون ملزمون بالكتابة "بالشينوية" كما أنهم ملزمون باثقان الأمازيغية.