يحتفل المشارقة باليوم العالمي للغة العربية في 18 دجنبر من كل سنة. ونظرا لكون هذا الإحتفال لا علاقته له بقيمة اللغة العربية في العالم كما يتصور البعض، كما لايرتبط أيضا بسياسية تعريب شمال إفريقيا التي تمول من طرف دول شبه الجزيرة العربية ، ولا بإجبارية الإقتداء برواسب الحضارة الفقهية التي تكتب بالحرف الآرامي ، لكن الاعتراف باليوم العالمي للغة العربية في 18 دجنبر ، ارتبط أصلا بمصالح الإمبريالية خلال القرن التاسع عشر، خاصة في المغرب في فترة الخمسينات من القرن الماضي ، بحيث أن المغرب كان له السبق في جعلها كذلك، ويعود الفضل الى مايسمى ب"الحركة الوطنية " التي كانت تقودها نخب متشبعة بالفكر السلفي ، لدى فالمغرب كان يريد لوثائقه أن تحرر باللغة العربية، لكي يتم استغلالها سياسيا بالدعاية لها ولو بمضامين مخالفة للواقع ، ونظرا لكون الوثيقة المحررة بغير العربية تعتبر في تلك الفترة إنتاج الخونة أو المحميين ، بل الكفار كما يصفهم السلفيون آنذاك ويجوز فيهم القتل في إستغلال لسوء فهم الدين ، وهنا نتذكر لعبة "الظهير البربري" 1930 ، وقراءة اللطيف في المساجد ، وأسطورة ما عرف بعريضة " التجنيس" أيضا في عاصمة الصحراء سيدي افني سنة 1947 ، وغيرها من للأساطير التي يراد منها طمس الحقائق وإقبار خصوصية الحكامة المغربية . وهكذا فبرك رواد " الحركة الوطنية "، حيلة أخرى لتوهيم الشعب بتحقيق إنتصاراته على الفرنسيين في المحافل الدولية ، حينما أقدمت بالدفاع عن اللغة العربية والإعتراف بها بالأممالمتحدة بهدف مسايرة عودة السلطان محمد الخامس ، و ساهم استعمال اللغة العربية في الخطاب والرسائل والبيانات... في توهيم الناس برؤيته في القمر ، و كان اللعب على وثر الاستقلال يعبئ باللغة العربية الأقرب إلى الاستغلال الديني والوجداني للمغاربة، لقد كان السبق في الاعتراف باليوم العالمي للغة العربية ، حينما تقدَّمت المملكتان السعودية والمغربية باقتراح عاجل إلى المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو، في دورته 190، في شتاء العام 1954 لإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، قبل أن يحصل المغرب على استقلاله الشكلي، لكي تبقى لغات العمل في الأممالمتحدة، مادام أن وثائق الأممالمتحدة تعني حق وحدة قبائله الخاضعة لمناطق النفوذ الاسباني ومنها الصحراء ، فكانت الاستجابة أيضاً عاجلة، في قرار صادر عن الجمعية العامة، حمل الرقم 878 الذي يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية، ففي عام 1960 تتخذ اليونسكو قراراً يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية، وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية. ومنذ هذا التاريخ تَقرر الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأممالمتحدة و اتخذ القرار خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو. وإذا اعتبرنا أن التسلسل الزمني للأحداث وعلاقته بالنفوذ الامبريالي خاصة الاسباني في الصحراء ، بداية من العام 1966، والذي اعتمد فيه قرار يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية في الترجمة الفورية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة. وتلاه بعد ذلك عام 1968 قرار اعتماد العربية تدريجياً لغة عمل في منظمة الأممالمتحدة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية. ولعل 18 ذجنبر 1968 ، يرتبط بإصدار توصيات الأممالمتحدة بشأن فتح المفاوضات مع أمازيغ الصحراء من أجل التسوية النهائية لملف ما يعرف بقضية افني والصحراء. وكان من الصعب الترافع بهذه اللغة بأسلوب القانون الدولي ، إلا أن رغبة الإسبان أنفسهم في التخلي عن افني ، مقابل إقناع المغرب لدول الخليج خاصة منها العربية السعودية من أجل دعمها في قضية جبل طارق بالأممالمتحدة في صراعها مع بريطانيا ، سهل مأمورية حسم ملف أمازيغ الصحراء دون حضور ممثليهم في الأممالمتحدة وحتى ممثل الحكومة المغربية نفسه أثناء النطق بالتوصيات ، بحيث أن معظم زعماء قبائل أمازيغ الصحراء ظلوا رهن الإعتقال التعسفي بسجن الداخلة بينما آخرين فرضت عليهم الإقامة الجبرية بجزر الكناري، في الوقت الذي كانت فيه الجزائر تساند الموقف المغربي والاسباني على حد سواء في فصل قضية افني عن قضية الصحراء. بسبب المد الإشتراكي البعثي الذي يهدد نظامها. حكام الربوني، اليوم يحتفلون باليوم العالمي للغة العربية في مواقعهم الالكترونية ، وهم يؤكدون بذلك أن لغتهم غير الحسانية كما يزعمون ، فهي نتاج مرحلة من إبداع الملك الراحل الحسن الثاني ، على غرار فبركته لأشبال الحسن الثاني، وامتد الأمر الى تسمية المدن ، بل الفرق الرياضية كحسنية أكادير وغيرها . يبقى الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية ، حدثا مرتبطا بأسلوب إدارة ملف الصحراء رعيت فيه مصالح الغرب بالمشرق ، وكان للمغرب ونخبته العروبية سبق في جعل هذه اللغة عالمية بمنطق الحفاظ على مصالحها مع الغرب وكانت من أكبر المستفيدين من اقتراحها سنة 1968 ، وهي سنة إجهاض على حقوق أمازيغ الصحراء ، لصالح دعاة العروبة الذين أداروا ملف الصحراء بالمليارديرات وانتهت أعمالهم إلى الفشل.