المكان، القاعة الكبرى للاجتماعات، بمقر وزارة العدل والحريات بالرباط، الزمان، صبيحة الثلاثاء 14 ماي الجاري. وزير العدل والحريات، وطاقمه الإداري، خلف منصة، وخلفهم تنتصب شاشة كبيرة أمام 150 شاب وشابة من الناجحين في مباريات توظيف المنتدبين القضائيين المُنظمة من طرف الوزارة برسم السنة المالية 2012. يُرحب مصطفى الرميد، بالناجحين والناجحات، ويخاطبهم "لقد مرت جميع مباريات التوظيف التي اجتزتموها، في أحسن الظروف، وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة، والآن نستكمل معكم، ومعكن نفس العملية، عبر اعتماد هذه التقنية تعتمد مَعايير محددة، في تعييناتكم وفق المناصب الشاغرة لدى الوزارة، والتي يأتي على رأسها معيار الاستحقاق". وأضاف الرميد، وسط هدوء يطبعه الاطمئنان في القاعة "لا تنفع سوى النزاهة، والشفافية، وغيرهما يجعلنا خارج التاريخ، وسنكون بدونهما مسيئين إلى الشعب المغربي التواق إلى العدالة، الشعب الذي يُعلق آماله الكبيرة عليكم". يُنْهي الرميد كَلمته، ويُعطي الإشارة ليَبْدأ الناجحون الخمسون في تخصص الاقتصاد، اختيار المحاكم أو المديريات المركزية وفق المناصب الشاغرة، وطبعا حسب المعدلات التي حصلوا عليها في الامتحان، الأول ثم الذي يليه. يُنادي مُوظف بوزارة العدل والحريات، على الأسماء تباعا، ليقف كل من يسمع اسمه، ويختار المنصب الذي يُريده، لتتم، مباشرة بعد ذلك، عملية الحجز للمعني بالأمر، واخفائه من الشاشة، ولا تظهر سوى المناصب الأخرى. إلى حدود الساعة العاشرة و 45 دقيقة، الأمور تسير بطريقة عادية، يَسْتأذن الرميد موظفيه الجُدد، بالانصراف بالنظر إلى ارتباطه بموعد سابق بمَكتبه، وقبل أن يغادر يطلب من الناجحين، ما إذا كانت لأحدهم أي ملاحظة على طريقة الاشتغال، يترددون قبل أن ترفع إحدى الناجحات، يدها، يطلب منها الرميد أن تتحدث، فتثير مُشكلة الناجحات المتزوجات، لتأخذها الوزارة بعين الاعتبار، معيارا في التعيين، يُجيبها الرميد "أتفهم هذا الأمر، غير أننا اعتمدنا معيار الاستحقاق بالدرجة الأولى"، مردفا "عند التحاقكم بعملكم، ستصبحون، مثل باقي موظفي الوزارة، حينئذ سنُعالج هذه المشكلة وفق معايير واحدة تساويكم مع باقي زُملائكم وزميلاتكن". وتَابع الرميد، في سياق جَوابه على ذات المتدخلة "ليس بالامكان ادارج مُعطيات اجتماعية مُنذ البداية، فقد اعتمدنا هَذه المَعَايير المَوْضُوعية، المتعلقة بالاستحقاق والسن، وعند انخراطكم في عملكم، وانضمامكم إلى شغيلة العَدْل، بعدها ستتم مُرَاعَاة الجَوانب الاجْتماعية، ضمْن أُخرى جوانب أخرى". "هل من مُتدخل أو متدخلة ؟" يُردد الرميد، هذه العبارة أكثر من مرة، قبل أن يغادر القاعة، فترفع احدى الناجحات يديها، يأذن لها الوزير، فتحتج على عدم احترام معيار السن في بعض الحالات، موضحة بأنه تم اعتماده فقط في الاقصائيات، تظهر علامات الغضب على قسمات الرميد، فيلتفت إلى المكلف بالرقابة في مديرية الميزانية بالوزارة، فيُجيبه بأنه تم اعتماد ذلك للذين احتلوا آخر اللائحة، فيلح الرميد بالسؤال، وتتشبث "المتضررة"، برأيها، فيطلب منها الرميد، التريث، ويخاطبها مازحا "أنا مُحاميك آش بغيتي؟"، فتبتسم، ويعدها المكلف بالرقابة بوضع جميع الملفات بين يديها، لدراستها، ورغم ذلك، تواصل احتجاجها، مستدلة على ذلك بكونها حاصلة على "الديزا"، ولديها نفس المعدل الذي حصل عليه ناجحون حاصلون على الماستر، مما يعني أنهم أصغر منها، وتم ترتيبهم قبلها، فيطلب الرميد، من اللجنة المكلفة بعملية التعيين، التوقف وتصحيح المشكل ومعالجته بسرعة، بما يتماشى مع المعايير المعلن عنها، وعلى رأسها ضمان النزاهة، والشفافية، "أنا حريص على أن تكون جميع الأمور مضبوطة"، يقول الرميد، قبل أن يؤكد "الأخت معها الحق"، ولا يمكن أن نتجاوز عن سلوكات نستنكرها من قبيل المحسوبية وغيرها. كلمات الرميد، تبعث الارتياح في نفوس الناجحين الذين أشرفوا على تعيييناتهم بأنفسهم، إلى جانب حضور الوزير، في سابقة من نوعها، يقول موظف اشتغل 32 سنة بوزارة العدل والحريات، قبل أن يضيف في السابق "كانت الأمور تتم بعيدا عن الناجحين، الذين يتسلمون قرارت تعيينهم، وهم لا يعرفون المعايير التي تم اعتمادها في ذلك". يُعيد الرميد طرح سؤال"هل من متدخل؟"، فيتحدث أحد الناجحين في آخر القاعة، عن بعض التقنيات التي يمكن اعتمداها في النظام المعلوماتي الذي يظهر على الشاشة، مُقدما بعض مؤهلاته في هذا المجال، فينادي عليه الرميد، ليلتحق بالمنصة، وهو يبتسم "أجي السي الخبير، نبداو معاك الخدمة من دابا". فتهتز القاعة بالضحك. تتوقف العملية، ليتم اعتماد معيار السن إلى جانب معيار الاستحقاق. يُغادر الرميد القاعة، قبل أن يدلي بتصريح صحفي للموقع الالكتروني "pjd.ma" قال فيه "الحكامة الجيدة تقتضي تنظيم الامتحانات بطريقة نزيهة وشفافة، كما تتطلب أن يتم اعتماد ذلك في التعيينات أيضا، ولهذا حرصنا على أن يطال ذلك جميع الامتحانات أو تلك الامتحانات الداخلية المتعلقة بالترقية، يجب أن يراعى في ذلك النزاهة والشفافية، لأن ذلك يبعث الاطمئنان في النفوس، ويحس الموظف بأن ادراته تعاملت معه بالانصاف، فيتعامل بنفس الطريقة مع المواطنين". حسن الهيثمي