" طاحت الصومعة – علقو الحجام " … " فشلت المنظومة التربوية – علقو الأستاذ " معادلة غريبة هاته التي يلجأ إليها المسؤولون عن قطاع التربية و التكوين كلما ساءلتهم الخطابات الملكية السامية عن تدبير قطاع استراتيجي كالتعليم أو حاصرتهم تقارير دولية بأرقام و معطيات تعري واقع التدريس ببلادنا و تعيد عقارب إصلاحه إلى نقطة الصفر. أن يصرح المسؤول الأول عن تدبير قطاع حيوي بكل حمولاته و إشكالاته , واصفا الأساتذة ب " غير المؤهلين " جرأة تستوجب من كل غيور على القطاع أن يفكر فيها مليا , كما تستوجب من النواب البرلمانيين – ممثلي الشعب – مساءلة السيد الوزير عن هكذا تلميحات و تصريحات كما انتفضوا عندما وصف زميل لهم ب " غير المؤهل " خلال جلسة علنية لمجلس النواب مؤخرا. هي تساؤلات تحتاج كل واحدة منها إلى صفحات من الطرح و النقاش , لكنها تبقى حارقة لكل من أتى هذا القطاع بقلب سليم : * فمن المسؤول المباشر عن المنظومة التي أفرزت هؤلاء الأساتذة ‘ الفاشلين و الكسالى ‘ ؟ * من يحدد الإختيارات الكبرى مستحضرا كل الحيثيات الدولية و الإقليمية و المحلية في نسجه لسياسة تربوية مندمجة ؟ * من قام بتسليع التعليم و جعل منه بضاعة تباع و تشترى ؟ * من جعل من المدرسة مركزا للتلقين الببغاءي بدل أن تكون مشتلا لزرع القيم و الأخلاق و مستنبتا لتطوير الذكاءات و الكفاءات ؟ * من قام بجرف جسور العلاقة بين المشروع التربوي-المعرفي و بين المشروع المجتمعي-الهوياتي ؟ * أصلا , من قطع أوصال الهوية الوطنية للمدرسة العمومية ؟ * هل من استشراف لجهوية تربوية متقدمة , ستقودنا لا محالة إلى مزيد من العبث في ميدان التكوين إن لم نعد لها العدة بكل احترافية و مهنية ( و ما أدراك ما بعض النخب و الأعيان إذا ولوجوا قطاع التعليم ) ؟ * من أتلف الملايير من أموال الشعب على تجارب و مقاربات و مخططات و مواثيق هلامية ؟ أو ليس هذا بهدر مدرسي بامتياز؟ * من يفكر في عصرنة التعليم و تحديثه بأنساق فكرية تقليدية و منهجية هجينة ؟ * من دمر أركان المدرسة العمومية و كرس الارتجالية في سوق التعليم الخصوصي ؟ * من قتل روح الإبداع لدى المدرسات و المدرسين ؟ * من شجع مهزلة التوظيفات المباشرة و غير المباشرة , و بتكوينات ‘ الفاست فود ‘ ؟ * من المسؤول عن ربط التعليم بالتنمية البشرية و المستدامة و بناء البشر قبل الحجر و تمكينه من آليات معرفية قابلة للإستثمار الفعلي على أرض الواقع ؟ * من ضرب التعليم الجامعي في مقتل و أحدث قطيعة بينه و بين متطلبات المجتمع السوسيو-اقتصادية ؟ * من يؤسس لبنيات البحث العلمي و التربوي و يعمل على حفز القائمين عليها ؟ * من أصل لسياسة اللاتمركز و اللاتركيز التربوية و جعلها صورية في تسيير كل المجالس انتهاءا بمجالس تدبير المؤسسات ؟ * من حول المدارس و الثانويات إلى ‘ حضانة ‘ لأطفال و مراهقين مسيجين بوعاء زمني مرهق و ممل ؟ * من المسؤول الرئيسي عن التخطيط و التكوين و التدبيرو التوجيه مركزيا و جهويا و إقليميا ؟ * من المسؤول عن تكوين و إعادة تكوين الموارد البشرية ؟ و من يسير مراكز التكوين و يحدد مساراتها و برامجها ؟ * ماذا عن التكوين المستمر الذي يبقى حبرا على ورق لولا بعض الإجتهادات الشخصية لهيئة التدريس ؟ * من يجب أن يوفر الشروط الذاتية و الموضوعية لجعل التكوين و التعليم محركا أساسا للفكر و النقد و الإنتاج و الإبداع , لا مجالا للتنميط و النمذجة ؟ * أي تمثل لدى المسؤولين لمفاهيم من قبيل ‘ الاستثمار المعرفي ‘ و ‘ القيادة التربوية ‘ ؟ من يصنع الأهداف و البرامج و يضع المؤشرات , و من بيده آليات التقويم و التقييم ؟ * أين هي الموارد البشرية الكافية أصلا لنساءل أهليتها ؟ و أية أهلية في أقسام مكتظة حد الاختناق ؟ * من بخس من قيمة " من كاد أن يكون رسولا " – رغم أن بعض رجال التعليم يستحق المساءلة و المتابعة – و حط من كرامته بعد أن كان في قمة الهرم الاجتماعي ؟ * من يصدر المذكرات و القوانين و ينظم الامتحانات و المباريات ؟ * من أفرغ المناهج و البرامج من روحها و ملأ الفراغات بأجوبة أخطأت موعدها مع الإنسان و التاريخ ؟ * لماذا لا يتعاطى الإعلام بنفس المهنية مع قضية تعتبر الأولوية الثانية بعد قضية الوحدة الوطنية ؟ ألا يستحق التعليم إجماعا وطنيا بعيدا عن أي تسييس أو حرب للمواقع ؟ من و من … ؟ من سرق "الحلم" من براءة الأطفال و شغل بال الآباء و الأمهات الفاقدين للبوصلة أصلا ؟ من أنتج لنا , و بكل حرقة و لوعة , " جيل الأرنبات " ؟؟ إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر فشل المنظومة مرارا و تكرارا . القضية أعمق من مجرد دروس خصوصية أو نقائص في التكوين , فالإصلاح إما أن يكون مندمجا و شاملا و إما سنسقط مرة أخرى في مصيدة الترقيع و الإبتذال ليظهر في التقارير و بجلاء أن التلميذ المغربي فاقد لمعظم المهارات و المعارف الأساسية من أجل مواصلة التعلم في ظل إشكالات تربوية مستدامة. و في انتظار إجابات عملية " مؤهلة " لإصلاح أعطاب منظومة التربية و التكوين , أؤكد أننا لسنا بحاجة لتقارير أجنبية تشرح واقع التعليم بالمغرب فأهل مكة أدرى بتفاصيل شعابها و ما لم نسائله تصريحا أشرنا إلى بعض منه تلميحا. فهل سننتظر ثورة تعليمية و تنويرية أم أننا سنحذو حذو ( بيكيت) عندما رفض أن يأتينا ب ( كودو) لتظل قاعة الإنتظار ملأى بالإستفهامات.