لأول مرة استطاعت النقابة الوطنية للتعليم (فدش) انجاز وثائق نوعية عن اصلاح المنظومة التربوية والتي كانت من بين وثائق المؤتمر الوطني العاشر، حيث انتقل الشريك النقابي من منتقد وملاحظ للشأن التربوي الى شريك ومنتج للوثائق التربوية الكفيلة بتحقيق حكامة جيدة في قطاع عانى الافلاس الثقافي والتربوي والقيمي عبر عقود من سياسات اصلاحية غير فعالة وفي هذا الا طار استعرضت الوثيقة النقابية مختلف البرامج الاصلاحية التي اقترنت بهذا القطاع من فترة ما بعد الاستقلال الى حكومة «التناوب الاسلامي» بما يزيد عن 26 وزيرا للتعليم وخمسة مشاريع للإصلاح رغم اختلاف هاته المشاريع إلا أنها تحمل في طياتها عناصر الاختلال والفشل، حيث ان المبادىء التي جاء بها الاصلاح الأول: التعريب، التوحيد ،المغربة ،الالزامية، والتي لم تتحقق بالشكل المطلوب رغم مرور اكثر من خمسة عقود الى الآن، ولم يعرف هذا القطاع غير الاختلالات الكبرى وارتفاع نسب الهدر المدرسي وضعف نسب التمدرس في الابتدائي «خصوصا في العالم القروي» وعدم المساواة بين الجنسين ،وبين المدارين الحضري ،والقروي، اضافة الى ضعف التكوين وقلة الموارد البشرية، وضعف المردودية ،والميز بين المؤسسة العمومية، والمؤسسات الخصوصية ومؤسسات البعثات، ولذا دافعت الوثيقة في احدى محاورها على ضرورة تحقيق الحكامة الجيدة في تدبير منظومة التربية والتكوين حسب متطلبات العصر بإشكالاته الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، ومن المنطلقات التي جاءت بها الوثيقة لترسيخ ممارسة الحكامة و التي قدمت النقابة الوطنية للتعليم(فدش) في هذا الشأن توصيات في افق حكامة جيدة من قبيل: اعتماد المساءلة والمحاسبة في مجال تدبير النظام التربوي ماديا وتربويا وفقا لما ورد في دستور 2011 الذي يخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمراقبة والمسؤولية. ترسيخ نهج اللامركزية واللا تمركز من خلال مراجعة الهياكل الحالية للوزارة بما يضمن تحقيق الترشيد والمرونة والجودة مع توسيع تفويض الصلاحيات والاختصاصات من الوزارة الى الاكاديميات ومن الى النيابات الاقليمية فالمؤسسات التعليمية. مراجعة الهيكلة الحالية للأكاديميات مع تأهيل مواردها البشرية لتتبع تنفيذ المخططات التربوية وكذا ضبط اختصاصات ومسؤوليات كل طرف. مراجعة تركيبة المجالس الادارية للأكاديميات ودوراتها ولجانها التقنية. مراجعة تعددية المجالس وتعدد اختصاصاتها على مستوى المؤسسات التعليمية. ارساء مقاربة تشاركية بين كل المتدخلين في صناعة القرار التربوي من خلال توسيع مبادرة الشراكة مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين. ارساء اليات التتبع والمراقبة والتقويم من خلال تعزيز الا فتحاص الداخلي والخارجي للمنظومة التربوية. مراجعة القوانين التنظيمية والنصوص التشريعية وباقي المساطر المؤطرة لقطاع التربية والتكوين. منح الاستقلالية الفعلية للمؤسسات في مختلف المستويات وتمكينها من الموارد والسلط والوسائل والصلاحيات. الموارد البشرية: ومن التوصيات التي قدمتها الوثيقة في مجال تدبير الموارد البشرية: تطوير مناهج وبرامج التكوين الاساسي والمستمر الى العناية بوسائل الاتصال الحديثة في التكوين الاساسي والمستمر. افساح المجال لتشارك واسع على صعيد تدبير التوظيف والترقي بمراجعة مسار الترقي وشروطه لاعطاء فرص كبرى للارتقاء الوظيفي قبل الاحالة المعاش. الغاء العمل بالساعات الاضافية. توخي الدقة في متابعة اداء المؤسسات التربوية الخصوصية. مراقبة مناهج ومقررات وكذا طرق التوظيف وتدبير الزمن الدراسي مع احترام حقوق المشتغلين بقطاع التعليم الخصوصي. واوصى المشروع الى ايلاء الاهمية القصوى لتكوين الموارد البشرية للنهوض بمنظومة التربية والتعليم والنجاح في كل الاصلاحات التي تهم هذا القطاع، ويقف هذا المشروع خصوصا عند الا دوار التاهيلية والتكوين الذي يجب ان تضطلع به المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من قبيل: الاضطلاع بالدور التأهيلي وليس التكوين فقط بل يتم العمل على اساس تطوير الكفايات المهنية للأساتذة في كفايات تخطيطية وتدبيرية وتقويمية. اعتماد المقاربة اطارا منهجيا لبناء عدة التأهيل. الإستناد الى التكوين بالمجزوءات. اقامة علاقة منطقية بين مختلف التكوينات في اطار مصوغات محددة. ولأننا اليوم اصبحنا في امس الحاجة الى تحصين مهن التربية والتعليم من فئات يمكن ان تلجها من باب التوظيف المباشر او ما شاكله، وهنا يدعو المشروع الى ضرورة تطوير دور الارشاد التربوي والعمل على تكوين وتأهيل هاته الفئة خاصة ان عدة التكوين رجحت الجانب العملي على النظري كما يتطلب الامر توضيح اليات الارشاد التربوي والتخفيف من المهام الموكولة اليها حتى تنخرط بمسؤولية في اطار تأهيل وتكوين الموارد البشرية داخل منظومة التربية والتكوين ولم ينس المشروع العديد من الجوانب التي يجب على المشرع التربوي ان يولي لها الاهمية بكثير من الا همية كظاهرة الخصاص في الموارد البشرية وما تسببه من ازمات واختلالات ونقائص تؤدي حتما الى فشل اي اصلاح كيفما كانت درجة جودته واتقانه لذلك يوصي المشروع الى : الرفع من عدد المناصب المالية المخصصة للتعليم لسد الخصاص بشكل تدريجي سنويا. ترشيد تشغيل الموارد البشرية وتحفيزها على الاستقرار. اعادة النظر في شروط واساليب التكوين الاساسي والمستمر. توفير العدد الكافي من اطر الدعم التربوي والاداري. توظيف مساعدين اجتماعيين ومحللين نفسانيين على المستويين الجهوي والاقليمي. ان مشروع الورقة النقابية لتطوير واصلاح والنهوض بالمنظومة التربوية لم ينس الاشارة الى نقطة هامة اعتبرها من التوصيات المفصلية في نجاح منظومة التربية والتعليم وعنونها ب:» اخلاقيات مهن التربية والتكوين» ، هاته النقطة اراد هذا المشروع ان تكون بمتابة التزام وتعاقد فردي وجماعي معتمد من طرف الشغلية التعليمية بمختلف فئاتها اتجاه الفاعلين الاجتماعيين والتربويين وكل اطراف العملية التربوية وهذا الالتزام بمتابة اعلان مكمل للقوانين والتشريعات والمذكرات الجاري بها العمل والمحددة لممارسة مهنة التربية والتكوين ويهدف هذا الاعلان وهذا الالتزام الاخلاقي الى تحسين جودة الخدمات وتلميع صورة نساء ورجال التربية والتكوين مع تجاوز الاكراهات والمعيقات التي تعترض سبيلهم ويتوخى هذا الاعلان وهذا الالتزام الاخلاقي: اعتبار جودة التربية في المدرسة العمومية هي اساس المجتمع الديموقراطي وبواسطتها يمكن ان نضمن للتلاميذ فرصا متكافئة وتمكن المجتمع من الارتقاء اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. اهمية روح المسؤولية واعتبارها ضمن اولويات الانشطة المهنية المتصلة بالتربية والتكوين وهي تتمظهر في السلوكيات اليومية ويترجمها الاخلاص والكفاءة العالية والرغبة الراسخة من اجل استثمار مؤهلات المتعلمين في ابعد حدودها. تحسين ظروف العمل المادية والمعنوية لرجال التربية والتكوين وانخراط محيط المدرسة بكل مكوناته في دعم المدرسة العمومية. نشر الوعي بالقيم الاساسية لمهنة التربية والتكوين وجلب المزيد من التقدير للمدرسة العمومية ودحض كل الشبهات التي من شانها التقليل من اهمية المؤسسات التربوية وادوارها الحيوية داخل المجتمع. ضمان الحقوق الا ساسية للشغيلة التعليمية المتمثلة بالخصوص في حرية العمل النقابي والتفاوض الجماعي والحماية من كل اشكال التمييز والتهميش داخل اماكن العمل ودعم مبدا تكافؤ الفرص ومحاربة تشغيل الاطفال. الدفاع عن المدرسة العمومية بما في ذلك التربية للجميع ومجانية الخدمات وجودتها. بل قدم مشروع الوثيقة تفاصيل دقيقة عن كيفية تنزيل هذا الاعلان وهذا الالتزام بشكل مفصل ودقيق قابل للتنفيذ داخل ووسط ومحيط المجتمع التربوي من قبيل: التزامات تجاه المتعلمين: حماية المتعلمين من الاستغلال الجنسي. الاهتمام بقضايا المتعلمين ومشاكلهم وحلها مع الحفاظ على السر المهني. الاعتراف بخصوصية المتعلم وحاجاته الحقيقية وتشجيعه من اجل تفتيق مواهبه واستثمار مؤهلاته بما يضمن تفتحه وتطور قدراته ومهاراته. حفز المتعلمين على قبول قواعد العيش المشترك دون المساس بسماتهم الشخصية. التزامات تجاه الزملاء الحفاظ على السر المهني وعدم نشر اية معلومة عن الزملاء الافي اطار ما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل. تجنب الوشاية بالزملاء وافساد اواصر الاخوة بين جميع مكونات العملية التربوية. حماية مصالح الزملاء من كل انواع التعسف والانتهاك الجسدي او النفسي. الالتزامات الادارية تجاه المدرسين: مساعدة الادارة في حل المشاكل وتجاوز صعوبات التعلم ومحاربة الظواهر السلبية التي تتهدد المدرسة. تقديم الدعم الكامل للادارة التربوية من خلال انجاح مشاريع المؤسسة وضمان انفتاح المدرسة على محيطها. التزامات الاداريين تجاه المدرسين: احترام القوانين والانظمة الاساسية المنظمة لمهنة التربية والتكوين. حماية الحق النقابي وتوخي الموضوعية في التعامل مع اختلاف الانتماءات النقابية. التحلي بروح الحوار وحل المشاكل بالنقاش البناء دون الاستبداد بالراي. التزامات تجاه الاولياء والاباء: اشراك اباء واولياء التلاميذ في تدبير الشان التعليمي واعتبارهم جزءا لايتجزا من المنظومة التربوية. حفز الاباء على تعلم ابنائهم وتوعيتهم بمخاطر تشغيل الاطفال وانعكاساته السلبية على مستقبلهم. تشجيع الاسر على ربط الصلة بالمدرسة ومراقبة الابناء داخل البيت وخارجه. كما ان الوثيقة جاء فيها شق خاص بالكفايات حيث اولته الوثيقة اهمية قصوى ولاول مرة نجد لمسة المهندسين التربويين والفنيين البيداغوجيين في هاته الورقة مما يدل على ان هذا المشروع النقابي الاصلاحي لم يعد يقف عند حدود المطالب المادية وانما انتقل الى مرحلة المطالبة بالحقوق التربوية والمعرفية لصالح المنظومة التربوية، وهذا يدل على ان النقابة الوطنية للتعليم تملك من الامكانات والخبرات والموارد البشرية ما يجعلها قادرة على ان تبدع لانقاذه من السكتة القلبية التربوية ولقد جاء هذا الشق غنيا بالتصورات ومفصلا بشكل دقيق وعملي كالحديث عن الكفايات المعرفية ودور التكوين الذاتي والمهارات والبيداغوجيا كما ان الورقة المت بغايات النظام التربوي والمقرارت التي يتاسس عليها: القرارت التي تنظم العمليات التربوية. القانون الداخلي للمؤسسة التعليمية. طرق بناء مشروع المؤسسة.