أكد المشاركون في الندوة التي نظمت اليوم السبت بورزازات في اطار الدورة الثالثة للمهرجان الوطني لفنون أحواش أن هذا النمط الفني يعتبر ممارسة فنية جماعية أنتجها وسط طبيعي وثقافي واجتماعي معين ومنحها شكلا وقالبا ومحتوى. وأضاف المشاركون في هذه الندوة من باحثين ومختصين ومهتمين بهذا المجال الفني، أن فنون أحواش تشكل تراثا محليا وجزء لا يتجزأ من الثقافة الشعبية المغربية، مشيرين الى أن هذا الفن يعد شكلا من التنظيم الاجتماعي ونمط للحياة الاقتصادية، أكثر منه رقصة جماعية وما تختزله من ابعاد فنية وجمالية، أو امتداد جغرافي يشمل مناطق الاطلس الكبير والصغير، أو ظاهرة سوسيولوجية وما تتشكل منه من مكونات كاللغة والقيم. وأوضحوا في هذا الصدد بعض الجوانب المرتبطة بهذا الفن الأصيل من بينها فضاء "أسايس" كفضاء للإبداع هو مكان رحب يتوسط القرية تلتقي فيه جميع الفئات العمرية، وهو فضاء للنقاش والحوار بين الشعراء في جميع قضايا المجتمع، وللأداء الفني الرفيع. وأبرزوا أنه قبل ارتياد فضاء أسايس من طرف أي شاعر يتعين عليه أن يكون مؤهلا ومتمتعا بالكفاية اللازمة والقدرات المعرفية للشعر، ومهارة في صياغة الأبيات، إضافة إلى القدرة التواصلية والاندماجية، التي تؤهله لكي يقف بندية أمام محاوريه من الشعراء المنافسين. وبعد أن ذكروا بأحد أصناف أحواش المعروفة في الأطلس الصغير وهو فن "أهنقار" الذي أصبح يمارس بشكل واسع في منطقة سوس، وإيقاعاته وحركاته ونغماته والالقاء الشعري فيه، أبرز لمشاركون في هذه الندوة الحالة والوضعية التي كانت عليها بعض فنون أحواش في السنوات الماضية والانتعاشة التي عرفتها في السنوات الأخيرة بفضل المجهودات التي بذلت من أجل حفظ وصيانة هذا التراث اللامادي من التلف والاندثار. وأشاروا الى التجارب الناجحة في توظيف التراث في التنمية بكل ابعادها الاقتصادية والاجتماعية، مستشهدين في ذلك بتجربة مهرجان الصويرة لموسيقى كناوة. وأشار هؤلاء الباحثون الى أن بعض مكونات هذه الثقافة اللامادية قد تتعرض في غضون الأعوام القادمة للاندثار على غرار مكونات أخرى عرفت المصير ذاته بسبب ظهور فرق فنية باتت تلجأ إلى ممارسة هذا التراث سعيا وراء تحقيق الربح المادي. ودعوا في المقابل الى مأسسة هذا المهرجان ليشكل مدخلا لإعادة الاعتبار لفن أحواش والفرق المتخصصة فيه وليساهم في عملية توثيق هذا الغنى الرمزي والمرافعة عنه والمطالبة بتدريسه. ورأوا أن المدينة والمنطقة أمام فرصة سانحة من أجل تحويل هذا المهرجان الى تظاهرة ثقافية سنوية تسهم بفعالية في تعزيز جاذبيتها السياحية وفي عملية التنمية التي تعرفها. وتسهر على تنظيم هذه التظاهرة وزارة الثقافة بشراكة مع عمالة ورزازات والمجلس الجهوي لسوس ماسة درعة، والمجلسين الإقليمي والبلدي لورزازات، بالإضافة إلى المجلس الإقليمي للسياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة. وتشارك في الدورة الحالية للمهرجان، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس 18 فرقة تضم حوالي 500 فنان وفنانة من مختلف المناطق المغربية التي تعنى بهذا الفن المغربي الأصيل. وتتميز دورة 2014 بالاعتماد على تصور إبداعي يروم إبراز تنوع فنون أحواش من حيث ارتباطها بكل مناحي حياة الإنسان بمختلف المناسبات كالولادة والختان والزواج من خلال عروض تحتضنها ساحات المدينة.