وبمجرد أن تطل على هذا السهل الفسيح العريض بجنباته المتهالكة، تخوم حرية باردة، ساحات حروب رمال مشتعلة، وجروب محصنة من قذائف قطاع طرق يقتاتون على التراب الاملح، نداءات إنعتاق، وتأشيرة مرور للهوية… ليل ماكر ليس يمنع غير بعضنا من بعض… وإنه في ذلك ليصيبك مصاب الناظر في ما غض عنه النظر، لا متعة فيها تريك مفاتن زينتها، ولا قبح منها يفك رقابا تهاوت في الحطمة… لا تستعجل جحيمك… في طريقك وانت مقيد بسلاسل الإله الاكبر، يعدون لك أظلافا مما أشتهت كتاباتك… يمنعون عنك الماء أصل الأحياء، ويعدون لك تاريخا لخياناتك الكبرى، تحشر كالمتاع، وتسلب منك الحرية كي تتنفس غير ذلك… يومها يولد المرء محاطا بأساطير لا تليق إلا بسكان أرض قاحلة جرداء… العدمي في زمانه، لا زمان له، يسيجه البؤساء، يستمد حياته من ملكوت الجبابرة، العدمي بقناعاته كائن وفي للأقلية التي ترابط خارج قبة البلاط، متطرف في مأكله وعشقه للحور العين… سيدة الدنيا تدخن كلامه الفض، وتطفئ حضوره في موكب جنائزي، أسراره مأكل الغربان الموحشة… ستعيد من حولك النظر في الأشياء والأجساد والعقول والسياسات، الجمود والألم والمجهول والموت، لا فرق… غطاء الروح الشفاف هذا يجعل منها صماء بكماء، الصالات المتعالية بنقوش ميدوزا الجميلة، البساط الأحمر الممتد لعقود على خصرها المكشوف… فروق متاعب، الموت أحيانا يضيء طريقك للمجهول، ويعيد فك رموز الأجساد بأشياءها المبتورة، مهما تطاولت وركبها غرور يسمن وما يغني من فقر ولا جوع، يعيدها للزمان الاول، حيث البشر سواسية أمام سواهم… ما أدراك، عجل من روع ما أصابهم حتى تنجو بمصابك، فقرك أغناك، يتحايلون على المعنى ويخدعون لغة البشر… ظلمهم على شاكلة، وعدالتهم أقبح…