قد تكون الصدفة وحدها وراء اختيار أي زبون لسيارة الأجرة التي ستقله في توجهاته اليومية داخل المدار الحضري لتيزنيت، وأيا تكن سيارة الأجرة فالأهم أن تمر الرحلة بسلام، فأهواء الزبائن قد لا تلتقي وميول السائقين، و العكس صحيح. لقد أصبح المواطن في تيزنيت يشتكي من زيادة في تعرفة النقل و من التجاوزات المستمرة لبعض سائقي سيارات الأجرة، والمواقف المزعجة الكثيرة التي أصبح يتعرض لها... والكلمات التي يسمعها يوميا من قبيل: "لا أستطيع الذهاب إلى تلك المنطقة" أو "سأذهب إلى المكان الفلاني بعدها أوصلك"أو "سنأخذ في طريقنا هذا الشخص..." وكلمات أخرى مختلفة. الغلاء، الإهمال، الفوضى، التلاعب بالأرواح... مصطلحات نسمعها كثيرا من متضرري استعمال سيارات الأجرة في تيزنيت، هذه الأخيرة التي فرضت قانونها الخاص على المواطن، وعلى من يريد معرفة هذا القانون فعليه أن يستقل سيارة أجرة ليدفع 7 دراهم -بعد أن كانت 5 دراهم- لرحلة صغيرة داخل مدينة أصغر أبعد نقطتين فيها لا تتجاوز 5 كيلومتر، و ليستمتع برحلة مليئة بالمشاحنات، رحلة مليئة بالصخب و الأغاني المبتذلة أو أشرطة دينية كأنك في محاضرة لأحد الشيوخ، زيادة على الصراع القائم على الطريق في سباق مع الزمن متجاهلين عواقب السرعة الجنونية التي تؤدي في حالات كثيرة إلى إزهاق الأرواح، وأحيانا تتصادف مع سائقين كلامهم كله سب وقذف للسائقين الآخرين وللراجلين، ويقضي طريقه في الشكوى من الحالة المزرية التي يعيشها، بالإضافة إلى حالة أغلب سيارات الأجرة المهترئة والمتسخة مع افتقارها لأبسط التجهيزات، نحن لا نعمم لكن نصف الواقع كما هو بلا رتوشات. ويضيف المتضررون من الزيادة في أسعار الطاكسيات بتيزنيت أنهم حين يرفضون أداء الزيادة يواجههم أصحاب الطاكسيات بوثيقة تحمل توقيع احدى النقابات !!! مع العلم أن الزيادة يجب أن تتم بموافقة السلطات المحلية، كما أن أغلب السائقين لا يحترمون مهنتهم وأخلاقياتها حيث يعمد البعض منهم إلى إيصال أكثر من شخصين لوجهات مختلفة لغرض الربح السريع دون حتى أخذ إذن من الزبون الأول، وعند ركوبك لسيارة أجرة صغيرة يمكن للسائق في طريقه أن يُقل معك: عاهرات، مختلون عقليا، أو أشخاص مشبوهون... مما يمكن أن يسبب لك ضررا معنويا و إحراجا مع الأهل و العائلة... كل هذه الشكاوى المتكررة والعديدة من أشخاص يستعملون سيارة الأجرة في تنقلاتهم اليومية، توجهنا لمحاورة البعض منهم، "محمد .س" موظف يستعمل سيارة الأجرة الصغيرة بشكل يومي، ويقول: "كل يوم أقف لأنتظر سيارة الأجرة وتدور في ذهني أسئلة مختلفة، يا ترى سائق اليوم من محبي أغاني الراي ومن محبي أغنية "البابور يا مونامور"؟ أو من الملتزمين الذين يحبذون الأشرطة الدينية (أشرطة الوعظ والإرشاد)؟ هل سائق اليوم من المدخنين بشراهة ولايحترم ركابه؟ أم من محبي السباق مع الزمن وعاشق السرعة المفرطة؟"... ويؤكد أن وضعية سائقي سيارة الأجرة وطريقة التعامل مع الزبائن أصبحت مستفزة، فأحيانا تجد السائق يفتقر للتعامل الإنساني، ولا يحترم أخلاقيات المهنة حيث يقوم بسب من حوله من سائقين وراجلين دون إعطاء أدنى اعتبار للزبون الجالس بجانبه، أو يتوقف ليتبادل الحديث وصديقه دون أن يراعي وقت الزبون، وما إلى ذلك من خروقات يومية. ويختم كلامه بقوله: للأسف لا نملك البديل علينا بالصبر والتحمل، فنحن في موقف ضعف لأننا في حاجة إلى هذه الوسيلة بشكل يومي. وتشاركنا الحديث "سعاد .ع" معلمة بإحدى المدارس الإبتدائية بتيزنيت، وهي كذلك من الزبائن الدائمين لسيارة الأجرة الصغيرة لبعد مقر العمل عن منزلها، وتطرح وجهة نظرها قائلة: "كل مهنة يوجد بها الصالح والطالح، فسائقو سيارات الأجرة بعضهم يحترمون مهنتهم ويتمتعون بالإنسانية، وبعضهم سامحهم الله لايستحقون لقب حاملي رخصة ثقة، نتيجة الخروقات اليومية التي يرتكبونها، من سرعة مفرطة إلى تجاوز إشارات المرور إلى تعامل غير لائق مع الزبائن، كما أكدت السيدة سعاد أن أكثر ما يستفزها في بعض السائقين هو توقفهم لزبائن دون أخذ إذن الزبون الأول قصد الربح الكثير وبعد محاورة المتضررين من بعض سائقي سيارات الأجرة، فضلنا أن تكون عادلين ونسمع من الطرفين، فتوجهنا لمحاورة بعض السائقين وقابلنا السيد "ب.محمد" و هو سائق سيارة أجرة صغيرة منذ ازيد من خمس سنوات، وعند سؤاله أجابنا قائلا: إن سائقي سيارات الأجرة متهمون دائما بسوء الأخلاق وافتعال المشاكل، ولا يعلمون أن غالبية السائقين هم من الفقراء الذين يواجهون الإستغلال على يد أصحاب لاكريمات (المأذونية)، ويضيف إذا كانوا يقلون أكثر من زبون في رحلة واحدة، فهذا بهدف الربح لأن تكاليف الحياة في زيادة دائمة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار البنزين وقطع الغيار الخاص بصيانة السيارات، والغلاء المستمر لواجبات الفحص التقني السنوي وتأمين السيارة والتأمين الإجباري للصحة بالإضافة إلى الرسوم التي تدفع يوميا داخل المواقف إلى جانب المخالفات والغرامات. ويشاركنا الحديث السيد "حسن.ا" مكملا حديث صديقه قائلا: من المفروض أننا عندما ندفع شيئا نجد مقابلا له، إلا أننا كسائقين ندفع الإشتراك السنوي للجمعيات والنقابات، ولاتقدم لنا أي خدمة، وإذا أسرعنا في الطرقات فنحن نبحث عن لقمة العيش التي أصبحت صعبة، والمصاريف التي تزداد يوما بعد يوم. وبعد هذا التصريح توجهنا إلى احد النقابيين وأكد أن امتحان أخذ رخصة الثقة به شروط كثيرة ولا تُمنح لمن هب ودب، فمن أبرز الشروط الحصول على حسن السيرة والسلوك، و المعاملة الجيدة و احترام حقوق المواطن، وعن الحوادث أكدا المسؤل النقابي أنها قليلة مقارنة مع المسافة اليومية التي يسيرها كل سائق، كما اعتبرا أن 70 في المئة من السائقين مخلصون في عملهم و يحرصون على راحة زبنائهم.وبعد طرحنا للمشاكل التي يتعرض لها المواطنون، أجابنا: نحن لا ننفي وجود بعض السائقين المتهورين الذين يخرقون القانون، لكننا نرى أن المواطن له يد في هذه الخروقات لأنه لا يتقدم بالشكاوى والاعتراضات، و عن السرعة المفرطة قال: نحن نحمي المواطن عن طريق فحص السيارات، التجاوب مع الشكايات، لكن السرعة المفرطة هذا دور الشرطة، يجب أن تتخذ مع المسرع الإجراءات القانونية. كما أكد أنه يمنع منعا باتا على السائق أن يحمل أكثر من زبون لوجهات مختلفة، و على المواطن أن يعارض هذا الفعل ويتقدم بالشكوى لإتخاذ الإجراءات، كما تحدث لنا عن بعض المشاكل التي يعيشها سائقو سيارات الأجرة، من أبرزها: الخصامات الدائمة بين السائقين وأصحاب الرخصة "لاكريما"، والإتهامات الدائمة التي يوجهها صاحب الرخصة للسائق، بالإضافة إلى الإرتفاع الدائم في الضرائب والتأمين، كما يقدمون شكوى دائمة من السائقين الغير القانونين و من مؤيد إلى معارض، اختلفت الأراء والهدف واحد، الإجابة عن السؤالين: سائقو سيارات الأجرة الصغيرة بتيزنيت، هل هم ظالمون لزبنائهم؟ أم هم مظلومون بالنظر لظروفهم وصعوبات حياتهم اليومية؟...