يحل عيد الفطر المبارك هذا العام بالتزامن مع العام الدراسي الجديد ما أثقل كاهل الغزيين وزاد من أعبائهم، في وقت لا يزال سكان قطاع غزة يئنون من مرارة الحصار والفقر الذي ألقى بظلاله على حياتهم وحرمهم من لذة الاحتفال بالعيد. معدلات الفقر والبطالة في القطاع بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ ما يزيد عن أربعة أعوام حرم العديدمن الأطفال والطلبة من شراء مستلزمات العيد والعام الدراسي وسلب منهم الفرحة التي ينتظرونها بفارغ الصبر. وذكرت وكالة فلسيطن للإعلام أنه حسب ما جاء في تقرير صادر عن الغرفة التجارية الفلسطينية فإن قرابة 200 ألف عامل في قطاع غزة باتوا في صفوف البطالة وهم يعيلون مئات آلاف الأسر، فيما بلغت نسبة الفقر 80% . فرحة منقوصة أم عبد الله في الخمسينات من عمرها, أم لتسعة أبناء, وصفت لنا مشاعر عائلتها خلال فترة استقبالهم للعيد والعام الدراسي ب"الفرحة المنقوصة", قائلة:"زوجي عاطل عن العمل بسبب مرضه بالغضروف ووضعنا لا يسمح بتوفير مستلزمات العيد لأولادي". وأضافت والألم يعتصر قلبها "ابني الأصغر سيلتحق بالصف الأول هذا العام, وهو بحاجة إلى كسوة جديدة كما أنه يطلب مني أن أشتري له ملابس العيد كبقية الأطفال, ولكني لا أستطيع أن أوفر له ما يحتاجه هو وأخوته نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها". وأوضحت أنها اشترطت على أولادها أن تكون ملابس المدرسة هي نفسها ملابس العيد, لكنها لا تستطيع فعل ذلك مع بناتها, فملابس المدرسة والجامعة تختلف عن المناسبات والأعياد. وعن كيفية تدبرها لحاجيات أبنائها قالت أم عبد لله:"سيستلم كل واحد من أبنائي 100 شيكل من مدارسهم, حيث سأشتري لهم ملابس بأسعار بسيطة لأقتص منها وأشتري لأخواتهم الباقين, فهن يحتجن مبالغ أكبر لكسوتهن". وضع سيء أبو تيسير (55عامًا) أب لستة أبناء بينهم ولد مريض بالكساح, قال وعلامات الحزن ترتسم على محياه:"لا تحضيرات لدي للعيد ولا للفصل الدراسي, فوضعي الاقتصادي السيئ لا يسمح لي بتوفير أي شيء". وأضاف أبو تيسير "كنت أعمل بإسرائيل, ومنذ بداية الانتفاضة وأنا عاطل عن العمل, ولم أحصل على فرصة عمل سوى العمل على بند البطالة من عدة جهات بغزة". وتابع حديثه والأسى يملأه " كنت أتمنى شراء حاجيات العيد لأبنائي وإدخال الفرحة في قلوبهم، ولكني لا أستطيع بسبب عدم وجود مصدر زرق"، مضيفًا "هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة نظرًا لتزامن العيد مع العام الدراسي الذي أثقل كاهلنا وزاد أعبائنا". وأردف قائلاً :"بعت معظم أرضي من أجل علاج ابني تيسير (15عامًا), وإعالة عائلتي, حتى أنني حرمت ابنتي الكبرى من الدراسة في الجامعة بسبب سوء حالتنا المادية وظروفنا الصعبة". وأشار إلى أن أهل الخير والجمعيات الخيرية تقدم لهم مساعدات وكوبونات العيد, وتتكفل بكسوة بعض بناته للمدرسة, أما الأم والبنت الكبرى فتتدبران أمورهما من الأقرباء. بدوره، وصف تيسير وهو جالس على كرسيه المتحرك مشاعره وهو يستقبل العيد والمدرسة بأنها عادية , قائلًا :"أتمنى أن أفرح كما هم أطفال العالم, لكن أوضاع معيشتنا تسلبنا هذه الفرحة". وتابع حديثه والدموع في عينيه :"رضيت بمرضي, لكن لماذا لا أعيش كباقي الأطفال, أشتري ملابس جديدة للعيد والمدرسة, وأمرح وألعب في متنزهات تراعي وضعي". إقبال شديد عبد الرحمن بدوي (32عامًا) صاحب بسطة ملابس في شارع عمر المختار قال:"رغم الأوضاع الصعبة التي يمر بها المواطنين إلا أننا نجد إقبالًا شديدًا على الشراء بمعدل أكبر من الأعوام السابقة". وأوضح بدوي أن الأسعار أرخص من الأعوام السابقة, عازيًا ذلك إلى وجود البضائع المحلية الأفضل والأرخص ثمنًا, بالإضافة لوجود البضائع المستوردة من "إسرائيل". بدوره، أشار على الأشقر (50عامًا) صاحب محل ملابس إلى وجود نقص في ملابس المدارس، فالقميص "السكني" لطلبة الثانوية غير متوفر تمامًا في الأسواق, وأيضًا "بلايز" المرحلة الأساسية ذات الحجم الكبير. وبين أن الأمهات والطلاب يشعرون بالتعب من كثرة البحث عنه وبالاستياء لعدم حصولهم عليه، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود حركة شرائية نشطة لملابس العيد بالرغم من وجود مئات العمال العاطلين عن العمل . وتقدم العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية والحكومية والدولية المساعدات وكسوة العيد للأسر الفقيرة والمحتاجة والأيتام في القطاع بهدف التخفيف من معاناتهم ورسم البهجة على وجوه أطفالهم المحرومين. جهود حثيثة وزير العمل والشئون الاجتماعية في غزة أحمد الكرد أكد أن الوزارة تبذل جهودًا حثيثة من أجل التخفيف من معاناة المواطنين مع حلول عيد الفطر و العام الدراسي الجديد. وأوضح الكرد أن وزارته نفذت حملة رمضان الخير التي ما تزال مستمرة بهدف مساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة والعمال المتعطلين عن العمل، مبينًا أن الحملة استهدفت 127 ألف عائلة, من العائلات المحتاجة, والعمال, والحالات الاجتماعية, إضافة إلى أهالي الشهداء والجرحى والأسرى. وبين أن الوزارة ستقدم مبالغ نقدية بقيمة (17.5مليون) دولار لألف عائلة محتاجة مع قرب العيد ، مشيرًا إلى أنها وزعت طرود غذائية على 69 ألف عائلة بتكلفة (5.5مليون) دولار. وطالب الكرد المجتمع الدولي و كافة الدول العربية والإسلامية بالعمل الجدي والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن قطاع غزة وفتح كافة المعابر وإيجاد فرص عمل للعمال العاطلين