بدأت الأممالمتحدة أمس الثلاثاء تحقيقا في الهجوم الدامي الذي شنته إسرائيل على قافلة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة نهاية مايو/ أيار الماضي وأسفر عن سقوط قتلى. وتسعى لجنة تقصي حقائق دولية شكلتها الأممالمتحدة إلى تجنب انسحاب إسرائيل من هذه اللجنة, لكنها تصر في الوقت ذاته على أن الأمر متروك لها لاتخاذ قرار بشأن كيفية متابعة التحقيقات التركية والإسرائيلية. وبدأت اللجنة عملها بالتحقيق في نيويورك، ومن المقرر أن تصدر تقريرا أوليا بحلول 15 من سبتمبر/ أيلول المقبل. وشدد بيان أممي، بشأن الاجتماع الافتتاحي بين الفريق المؤلف من أربعة شخصيات والأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون، على أن التحقيق "لا يهدف إلى تحديد المسؤولية الجنائية الفردية" وبدلا من ذلك "سيتحرى ويتبين الحقائق والملابسات وسياق الحادث". وشكل مون لجنة التحقيق الأسبوع الماضي من أجل بحث هجوم في 31 من مايو/ أيار شنته قوات خاصة إسرائيلية على سفينة مساعدات تركية مما أسفر عن مقتل تسعة نشطاء أتراك مؤيدين للفلسطينيين بعدما جرى إنزال جنود إسرائيليين على السفينة, وكانت السفينة ضمن قافلة تضم عدة سفن تسعى إلى كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وأدى الحادث إلى تدهور حاد في العلاقات الإسرائيلية التركية، وأجبر إسرائيل على تخفيف الحصار على غزة. وبعد طول عناء جاءت موافقة إسرائيل، التي استكملت تحقيقها العسكري الخاص في الحادث وبدأت تحقيقا مدنيا، على التعاون مع لجنة التحقيق الدولية عقب ضغوط أميركية بحسب ما قاله دبلوماسي لوكالة رويترز. وقالت الأممالمتحدة إنه بعد الاجتماع مع بان اجتمعت اللجنة التي يقودها رئيس وزراء نيوزيلندا السابق جيفري بالمر، وتضم ممثلين عن إسرائيل وتركيا للاتفاق على كيفية التحرك لأداء مهمتها. نقطة احتكاك وأفاد بيان الأممالمتحدة بأن بان أبلغ اللجنة "بأن عليها السعي من أجل التعاون التام مع السلطات الوطنية" في إشارة إلى إسرائيل وتركيا. وظهرت بالفعل ما قد تكون أول نقطة احتكاك مع إسرائيل بعد أن نفى بان يوم الاثنين أن تكون الأممالمتحدة أبرمت اتفاقا سريا مع إسرائيل بعدم استدعاء جنود إسرائيليين للشهادة، وقال للصحفيين "لا يوجد اتفاق من هذا النوع وراء الكواليس". وأثار تصريح بان ردا حادا من المتحدث باسم حكومة تل أبيب مارك ريغيف جاء فيه "إسرائيل لن تتعاون ولن تشارك في أي لجنة تطلب التحقيق مع جنودها" ولم يحدد ريغيف ما إذا كان هناك اتفاق بشأن هذه القضية. وردا على سؤال بمؤتمر صحفي أشار المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي إلى تصريحات بان ولكنه لم يكررها، وقال إن الأممالمتحدة غير ملزمة بالإعلان عن صلاحيات اللجنة مشيرا إلى أن هذا "ليس إجراء معتادا". وسئل عما إذا كانت اللجنة تملك أي صلاحية لاستدعاء شهود للمثول أمامها، فقال "قطعا لا". ولكنه لم يذكر ما إذا كان من حق اللجنة مع ذلك أن تطلب التحدث مع إسرائيليين, وقال "سيكون من شأن اللجنة أن تقرر كيف تعمل وما تطلب". ومن بين مهام اللجنة دراسة نتائج التحقيقين الإسرائيلي والتركي لحادث قافلة المساعدات، ولكن نيسيركي قال إن العمل لن يكون مقتصرا على ذلك "بل سيتجاوز مجرد مراجعة التقارير". وقد طلب أيضا من اللجنة إصدار توصيات عن كيفية تجنب تكرار حادث القافلة، ودفع ذلك سفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة سوزان رايس لإصدار بيان الأسبوع الماضي يؤكد أن اللجنة لن تكون بديلا عن التحقيقات الوطنية، وأن تركيزها سيكون "على المستقبل". وأثارت هذه التصريحات غضب تركيا. اتهامات وقد رفضت تركيا أمس الثلاثاء الاتهامات الإسرائيلية بتحميلها مسؤولية الاعتداء على أسطول الحرية بذريعة عدم استجابة أنقرة لتحذيرات من مضي رحلة الأسطول نحو غزة، وقالت إن تل أبيب تتحمل وحدها مسؤولية ما حدث. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو قوله أمس إن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية الاعتداء على المدنيين في المياه الدولية، وإن بلاده عازمة على حماية حقوق مواطنيها في هذا الموضوع. وتأتي تصريحات أوغلو ردا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال أمام لجنة تحقيق إسرائيلية إن تركيا تجاهلت تحذيرات ومناشدات متكررة "على أعلى مستوى" لوقف تقدم القافلة نحو غزة، واتهم أنقرة بالسعي لتحقيق مكاسب من خلال تلك المواجهة. كما تأتي كذلك ردا على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الذي قال إن إرسال أسطول الحرية إلى غزة شكل استفزازا مخططا له، وأشار أمام نفس اللجنة إلى أن إسرائيل استنفدت جميع الخيارات قبل أن تشن الهجوم.