تشهد بلادنا منذ بداية فصل خريف هذه السنة تساقط أمطارغزيرة تسببت بمناطق عديدة في فيضانات الأنهار و الأودية ، فأغرقت العديد من الأحياء السكنية و المراكز الحيوية كما حصل بمدينة طنجة، كما أغرقت العديد من الدواوير التي لا تزال لحد كتابة هذه السطور محاصرة بالمياه خاصة في سهلي الغرب وسوس . و تنقل وسائل الاعلام الوطنية و الدولية ما تعانيه الساكنة من جراء هاته الكوارث الطبيعية حيث جرفت المياه كل ما يملكه هؤلاء السكان من أثاث ومتاع وأفرشة، وأصبحوا يعيشون في الخيام أو في الغابات أو فوق أسطح المنازل ، كما تسببت في نفوق الآلاف من رؤوس الماشية و الدواجن وضياع الأعلاف ومئات الهكتارات من الأراضي المزروعة . والأخطر من كل ذلك سقوط ضحايا جرفتهم المياه. و بكلمة واحدة أصبحت هذه المناطق منكوبة بكل ما في الكلمة من معنى . وإذا كانت السلطات العمومية ومديرية الوقاية المدنية و أفراد القوات المسلحة الملكية و الدرك الملكي و القوات المساعدة وأعضاء المجالس المنتخبة، يتدخلون لإغاثة المنكوبين و تقديم ما يمكن تقديمه من مساعدات عينية من مأكل و مشرب وخيام و إعادة فتح الطرق و الممرات.. ففي المقابل لا نكاد نسمع عن أي مبادرة أو تدخل من مكونات المجتمع المدني لمساعدة هؤلاء المواطنين ضحايا الكوارث الطبيعية !! يتساءل المواطنون عن كيفية جمع الملايين من الدراهم التي تضخ في حساب الجمعيات التي تنظم المهرجانات الفنية في المدن الكبرى، وتسخرلها الامكانيات اللوجستيكية الهائلة ، تحت شعارات و مسميات عدة من قبيل التنشيط الفني وخلق الرواج الثقافي والترفيه عن الجمهور و تقديم و تقريب مختلف الفنون من غناء وطرب وسينما ومسرح وغيرها إلى مختلف فئات الشعب..؟؟ و في نفس الوقت يتساءلون و يبحثون عن منظمي المهرجانات الحزبية و السياسية و الخطابية استعدادا لموسم الانتخابات أو أيام الحملات الانتخابية، والتي تنظم تحت شعار تعبئة الطاقات وعرض البرامج التي تبقى - في نظر أصحابها- هي الأفضل والأقرب إلى المواطن وبالتالي هي المدافعة عن مصالحه والمتحملة لهمومه .. تأتي الكوارث الطبيعية لتكذب و تكشف زيف كل الشعارات. و الدليل هو الجواب على السؤال التالي : هل نظمت الهيئات السياسية و تنظيماتها الموازية و جمعياتها و نقاباتها المتعاطفة مهرجانا ما، في مدينة أو قرية ما، للتعريف بما يعانيه البسطاء من المواطنين الذين تحاصرهم مياه الوديان التي داهمتهم ليلا في قرى و دواوير أقاليم سيدي قاسم و سيدي سليمان و أكادير و شتوكة أيت باها و تركهم بلا مأوى ، لا يعرفون ماذا يقدمون و ما يؤخرون؟ هل تعبأت و عبأت الطاقات لجمع ما يمكن جمعه من مساعدات نقدية أو عينية لفائدة هؤلاء المنكوبين؟ و هل نظمت جمعيات و نقابات الفنانين والممثلين و الصحافيين و الرياضيين أنشطة أو أعمالا يعود ريعها لفائدة هؤلاء؟ الجواب حسب علمي يبقى هو ما قامت به إحدى الجمعيات البسيطة من حركة معبرة تمثلت في زيارة أعضائها لقرية أنفكو التي يصارع أهلها عواقب العزلة بسبب البرد و حصار الثلوج.. ووزعت مساعدات عينية على أطفال و سكان القرية تضامنا معهم في محنتهم الشتوية. ما أحوجنا إلى مهرجانات للتضامن مع ضحايا الكوارث الطبيعية ، نعبر من خلالها عن روح المواطنة التي تجمع بين كل أبناء هذا الوطن العزيز. [email protected]