سيطر بث القناة العاشرة الاسرائيلية الليلة قبل الماضية شريطا جنسيا لرفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس على حديث المواطنين الفلسطينيين الاربعاء في حين لم يتفاجأ الوسط السياسي والصحافي الفلسطيني من الشريط لانهم على علم به منذ عام ونصف العام تقريبا. واينما ذهبت والى اية جهة فلسطينية توجهت الاربعاء كان الحديث بين المواطنين يدور حول الشريط الجنسي الذي بثته القناة التلفزيونية الاسرائيلية لمدير مكتب عباس وظهر فيه عاريا، الا ان الصحافيين الفلسطينيين والمسؤولين السياسيين في السلطة شاركوا في الحديث بقولهم بانها 'قصة قديمة ومعروفة من زمان' على حد قولهم. وبثت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي الليلة قبل الماضية تقريرا تحت عنوان 'فتح غيت' حول ما قالت إنها أعمال فساد في السلطة الفلسطينية وخصوصا في مكتب رئيسها محمود عباس، استعرضت فيه مستندات وصورا تتهم الحسيني بالفساد والتحرش الجنسي بأمرأة تقدمت بطلب وظيفة في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية. واستند التقرير الذي أعده المحلل في القناة العاشرة للشؤون العربية تسفيكا يحزقيلي إلى مستندات ووثائق قال إنه دأب على جمعها المسؤول السابق في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية فهمي شبانة التميمي على مدار الأعوام الستة الماضية. واظهر التقرير صورا لرئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية رفيق الحسيني وهو يقوم بمحاولة التحرش الجنسي بامرأة حيث ظهر في الصور وهو يحضن امرأة قبل ان يظهر في صورة عاريا ومن ثم وهو يرتدي ملابسه في غرفة نوم حيث نشرت تلك الصورة في الصحف الاسرائيلية الاربعاء. وظهر شبانه في التقرير الاسرائيلي وقال إنه 'تم تقديم الوثائق والأدلة على أعمال الفساد ومنفذيها إلى عباس، ووجه تحذير بأنه في حال لم يتخذ الرئيس الفلسطيني إجراءات ضد المتهمين بهذه الأعمال خلال أسبوعين، فإنه سيكشف للقناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي المزيد من الوثائق'. وقال شبانه بالعربية خلال تقرير القناة العاشرة 'أنا أتوجه للأخ أبو مازن، اليوم أعلنت عن جزء بسيط مما لدي تجاه بعض الفاسدين ماليا وأخلاقيا، ولكن بعد أسبوعين من النشر سوف أعلن معلومات أكثر خطورة وأكثر دقة، مسندة بالبيانات على نفس هذه القناة التلفزيونية حتى تتم ملاحقة كل الفاسدين وفي الوقت ذاته محاسبة رفيق الحسيني'. ولا بد من الذكر ان الشريط الجنسي الذي بثته القناة العاشرة يعلم به الوسط السياسي والصحافي الفلسطيني منذ اكثر من عام ونصف العام. ويعود تاريخ ذلك الشريط الى مرحلة اقدام الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اقالة رئيس المخابرات السابق اللواء توفيق الطيراوي من موقعه بحجة ان الاخير مسؤول عن تصوير ذلك الشريط للحسيني من قبل شبانه. ولا بد من الاشارة الى ان الطيراوي كان يثق جدا بشبانه الذي كان يعمل مديرا للمخابرات الفلسطينية في القدس مما حدا به ان يشارك في لجنة تحقيق بالفساد أمر الرئيس محمود عباس بتشكيلها عام 2005 . واوضح نمر حماد المستشار السياسي للرئيس عباس ل'القدس العربي' بأن شبانه الذي مثل جهاز المخابرات في لجنة مكافحة الفساد التي شكلها عباس عام 2005 بهدف ملاحقة المتورطين في تسريب اراضي وعقارات القدس للاسرائيليين بانه 'استغل موقعه بهدف الابتزاز'، مشددا على ان شريط الفيديو الذي بحوزته 'مفبرك وليس جديدا وعمره سنة ونصف السنة'. واوضح حماد بأن شبانه عندما كشف عن الشريط الذي بحوزته ضد الحسيني قبل عام ونصف ارسل 'جاهة' من عائلته للحسيني بهدف الاعتذار له وللقيادة الفلسطينية بحجة ان ابنهم 'اخطأ'. واشار حماد الى ان هناك مذكرة اعتقال صادرة عن الاجهزة الامنية الفلسطينية بحق شبانة منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي الا انه يرفض تسليم نفسه للاجهزة الامنية الفلسطينية بحجة ان اسرائيل تمنعه من مغادرة القدس التي يحمل هويتها الاسرائيلية. واشار حماد الى ان الخلاف بين شبانة والحسيني يعود لرفض الاخير صرف راتب اضافي لشبانه عندما تم تعيينه قبل اكثر من سنتين مساعدا لمحافظ القدس لانه كان يتقاضى راتبا من جهاز المخابرات ولا يعقل ان يصرف راتب آخر له بوظيفة مساعد محافظ القدس. وفيما شدد حماد على ان شبانه 'يسعى للابتزاز مستغلا موقعه السابق في جهاز المخابرات' قال شبانه في التقرير الذي بثته القناة الاسرائيلية 'انه طالب مرارا باتخاذ إجراءات ضد المتهمين بالفساد والسرقات إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات ضدهم، ولذلك قرر التوجه إلى الإعلام' الاسرائيلي لانه لا يتوقع أن تنشر وسائل الإعلام الفلسطينية تقريرا حول الفساد حسبما اوضح سبب توجهه إلى قناة تلفزيونية إسرائيلية. ووفقا للتقرير الاسرائيلي فإن 'العديد من الأشخاص المحيطين بالرئيس الفلسطيني وعلى رأسهم الحسيني وحتى أبناء الرئيس، ضالعون في أعمال الفساد وسرقة أموال بلغ حجمها مئات الملايين من الدولارات حصلت عليها السلطات من التبرعات الدولية'. وأوردت القناة مثالا على ذلك أن 'أشخاصا حول الرئيس الفلسطيني كانوا يطلبون أموالا لشراء أراض، لكن التحقيق أظهر أن القسم الأكبر من هذه الأموال ذهبت إلى جيوبهم، وأنه تم سحب هذه الأموال من بنوك في القاهرة وعَمان'. ومن جهته اكد حماد ل'القدس العربي' بانه لو تم التدقيق في المستندات التي اظهرها شبانه بشأن الاموال التي يتحدث عن اختلاسها فانه يتبين بانها موقعة من سامي الرملاوي خلال عام 1997 و1998، ذلك الرجل الذي تلاحقه السلطة بتهم فساد واختلاس اموال عامة. وكان مصدر مطلع في النيابة العامة الفلسطينية اعلن نهاية عام 2008 بأن النائب العام الفلسطيني المستشار أحمد المغني قام بتفعيل الاجراءات القانونية المتخذة بحق المتهم الفار سامي الرملاوي مدير عام وزارة المالية السابق في السلطة. وأشار المصدر في حينه الى أن النائب العام ينوي استكمال الاجراءات القانونية بحق الرملاوي في عدة قضايا تحقيقية لدى نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية والفساد، منوها الى ان من ضمن تلك الإجراءات مطالبة البوليس الدولي 'الانتربول' بالقاء القبض عليه وتسليمه للنيابة العامة الفلسطينية. ومن جهته قال تسفيكا يحزقيلي مدير القسم العربي في القناة العاشرة من التلفزيون الاسرائيلي لوكالة 'معا' المحلية ان القناة العاشرة حصلت على نحو 400 وثيقة خاصة بمكافحة الفساد في السلطة الى جانب اشرطة فيديو. وردا على سؤال: هل حصلتم على هذه الوثائق بطريقة قانونية ام انكم قمتم باعطاء اموال لفهمي شبانة من اجل الحصول عليها ؟ رد الصحافي الاسرائيلي ان شبانة لم يحصل على اية اموال لقاء منحه القناة التلفزيونية الاسرائيلية الوثائق التي كان يؤتمن عليها بصفته مديرا في مكافحة الفساد في جهاز المخابرات الفلسطينية. وقال الصحافي الاسرائيلي تسفيكا يحزقيلي (وهو يهودي من اصل كردي عراقي): نحن لم نكن اول من كشف هذه القصة بل ان الصحافي عميت كوهين من صحيفة 'معاريف' العبرية هو الذي كشفها قبل نحو 6 اشهر وبعدها تلفزيون اوروبي ومن ثم ياباني وقبل اسبوع 'الجيروزالم بوست' (صحيفة اسرائيلية ناطقة باللغة الانكليزية). واضاف: 'منذ اسبوع نحاول اخذ رد من السلطة والرئاسة الا انهم لم يردوا علينا وطلبت انا لقاء بمدير مكتب الرئيس عباس يوم الاثنين ورفضوا التعليق على الموضوع.... وان فهمي شبانة التميمي لجأ للاعلام الاسرائيلي وهو يحمل الوثائق اللازمة والاسماء والصور المتعلقة بالقصة'. وعلى خلفية التقرير الذي بثته القناة العاشرة نفى مصدر امني فلسطيني ما اوردته القناة حول ما اسمته 'بقضية فساد مالي وجنسي في السلطة'. وقال المصدر الامني ل'معا' ان 'الشخص الذي ظهر بالتقرير مدعيا بوجود فساد مالي وجنسي شخص تافه يبحث عن شهرة تافهة وعابرة عبر التلفاز الاسرائيلي وسبق وحاول لفت الانتباه لنفسه من خلال تقرير على صفحات 'الجيروزاليم بوست' لكنه لم ينجح في ذلك'، مضيفا: اذا كان المذكور فعلا قد تبوأ مركزا ما في السلطة من قبل فانه من المفترض ان يكون مؤتمنا على اسرار المواطنين ان وجدت اصلا وليس أن يتاجر فيها لقنوات التلفزة بحثا عن شهرة. ومن جهة اخرى نفى نمر حماد ل'القدس العربي' الانباء التي تحدثت عن طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الاسرائيليين عدم بث ذلك التقرير الذي اعدته القناة العاشرة الاسرائيلية، مشددا على ان اسرائيل تشن حملة ضد عباس والقيادة الفلسطينية، منوها الى ان تل ابيب فشلت في التحريض على القيادة الفلسطينية بانها تمارس العنف فلجأت الى اتهامها بالفساد على حد قوله. ونقلت مصادر فلسطينية عن مصدر رفيع المستوى في ديوان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاربعاء أن الاخير بعث برسالة خطية شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يطالبه فيها بعدم بث القناة العاشرة الإسرائيلية تقريرا حول الفساد في مكتب رئاسة السلطة الفلسطينية . وقال المصدر: 'ان الرسالة تضمنت انزعاج السلطة الشديد من الابتزاز التي تتعمد وسائل الإعلام الإسرائيلية اختلاقه ضد رموز السلطة بغطاء من الحكومة الإسرائيلية'. وأضاف المصدر بأن عباس أبلغ نتنياهو أنه لا يستطيع أن يستمر في رئاسة السلطة في جو من الفضائح التي تختلقها وسائل الإعلام الإسرائيلية بين الفينة والأخرى، معرباً عن خيبة أمله الشديدة من أطلاق العنان لوسائل الإعلام للتشهير برموز السلطة بهذه الطريقة. وذكرت مصادر اسرائيلية الاربعاء ان السلطة الفلسطينية ستتعرض خلال الايام القادمة الى حملة اعلامية قاسية ستفرج خلالها الاجهزة الامنية التابعة لتل ابيب عن ملفات عديدة تسيىء الى قيادات حالية وسابقة في السلطة. وقالت المصادر ان الحملة تستهدف تشويه صورة السلطة بصورة شاملة والعمل على اضعاف مصداقيتها وعدم اهليتها للتفاوض في نظر جمهورها. ومن جهته أوضح أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم الاربعاء ان اسرائيل تشن حملة ضد عباس 'بدأتها بعض أجهزة الإعلام الإسرائيلية'. وقال الطيب 'أن القناة العاشرة وبعض الصحف الإسرائيلية وبدعم من بعض الأوساط في الحكومة الإسرائيلية عادت لتجتر اكاذيب وقصصا باهته على لسان ضابط صغير سابق في جهاز المخابرات الفلسطينية تمت إقالته منذ أكثر من عامين من موقعه، بعد أن افتضح تورطه في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، وبعد أن قام بعدة تجاوزات ومخالفات تخل بالأمانة والشرف'، مضيفا 'لقد أصدر النائب العام مذكرة إحضار بحقه بتاريخ 8/6/2009 وما زالت سارية المفعول للتحقيق معه فيما كان يزعمه ويروجه ويحاول من خلاله الإساءة للسلطة الوطنية، وحاولت اجهزة الأمن الفلسطينية القاء القبض عليه، لكنه كان يحتمي ولا يزال بأنه يحمل الهوية الزرقاء لمواطني القدس، ويزعم بأن السلطات الإسرائيلية قد فرضت عليه الإقامة الجبرية وأنه لا يستطيع الحضور الى مناطق السلطة الفلسطينية'. واوضح الطيب ان السلطة الوطنية وبتعليمات من عباس 'قد بادرت منذ ما يقرب من خمس سنوات الى التحقيق حول أملاك في القدس قد تم بيعها من بعض العملاء وضعاف النفوس للإسرائيليين وذلك من أجل إستعادتها لإفشال المخطط الإسرائيلي في تهويد المدينة المقدسة'، مضيفا 'لقد كلف جهاز المخابرات العامة الضابط المذكور في حينه بجمع المعلومات حول تلك الأملاك والأموال والمتورطين فيها في مدينة القدس، لكن هذا الضابط المدعو فهمي شبانه قام بتجاوزات وابتزازات كانت نتيجتها أن أصدر السيد الرئيس أمراً بإحالته للنيابة العامة في ذلك الوقت حيث ثبت أن المتورطين في تلك الأعمال قد هرب جزء منهم الى إسرائيل، حيث يحملون الهوية الزرقاء - هوية القدس الاسرائيلية - بينما هرب الجزء الآخر الى الخارج وما زالت السلطة تحاول جلبهم مستعينة بالانتربول، وقد نجحت في جلب بعضهم'. واضاف الطيب 'لا ولم نستغرب الحملة التي تقوم بها بعض أجهزة الإعلام الإسرائيلية بالتنسيق مع بعض الأوساط في الحكومة الإسرائيلية ضد السيد الرئيس والرئاسة والحكومة وكل الاخوة الذين يقومون بجهد مشهود به ضد المخطط الإسرائيلي في القدس، فقد استفزتهم وازعجتهم المواقف الوطنية الثابتة والشجاعة التي وقفها السيد الرئيس والحكومة وكل فصائل العمل الوطني ومؤسسات السلطة والشخصيات الوطنية من خلفه في رفض التفاوض في ظل استمرار الاستيطان في القدس ووضع القدس على رأس جدول اهتماماتها وأولوياتها'، مضيفا 'في هذا الإطار جاء التقرير الكاذب وفبركة بعض الصور، وما أسهل ذلك، التي بثتها القناة العاشرة الإسرائيلية وهي تذكر بالحملة المسعورة والكاذبة التي زعمتها أجهزة الإعلام الإسرائيلية عند بحث تقرير غولدستون والتي ثبت كذبها وزيفها وبطلانها بعد ذلك'. ودعا أمين عام الرئاسة الفلسطينية في ختام حديثه وسائل الإعلام وأجهزته، إلى عدم الوقوع في الأحابيل التي تنصبها بعض أجهزة الإعلام الإسرائيلية الموجهة من قبل الحكومة اليمينية في إسرائيل لتحقيق أهداف وأغراض مشبوهة.