منذ أسابيع، انطلقت عملية التلقيح ضد أنفلونزا H1N1 بالمغرب. استفاد منها أولا العاملون بالقطاع الصحي العام والخاص. وانطلقت الأسبوع الفارط عملية التلقيح لفائدة المرضى المصابين بالسكري والربو وأمراض الجهاز التنفسي والامراض المزمنة، وهدا الاسبوع الحوامل والأطفال المصابون بأمراض مزمنة. وستتلوها الفئات الأخرى حسب الكميات التي يتوصل بها المغرب من مجموع الطلبيات التي تقدم بها للتزود باللقاح. عملية التلقيح التي انطلقت عالميا منذ أزيد من شهرين واستفاد منها الملايين من الناس، سواء في أمريكا أو أوروبا أو آسيا، هي أهم سلاح بل السلاح "الفتاك" ضد المرض وضد الوباء، بجانب الاحتياطات الأخرى، وأهمها غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرر. كل التقييمات الأولية لعملية التلقيح جاءت مطابقة لتوقعات الخبراء والتطمينات لمنظمة الصحة العالمية. حتى التقييمات الأولية للوباء جاءت مطابقة لتوقعات الخبراء من كون الجائحة لن تكون خطيرة. فآخر دراسة بريطانية -نشرت قبل يومين - خلصت إلى أن عدد الوفيات بأنفلونزا الخنازير أقل من حيث النسبة من الأنفلونزا الموسمية. لكن الفرق بينهما أن الموسمية تصيب عددا محدودا من الناس، بينما أنفلونزاH1N1 تصيب أعدادا مضاعفة بسبب غياب المناعة ضدها. الفرق الثاني أن الموسمية تقتل خصيصا أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، بينما الأنفلونزا الوبائية تقتل حتى الشباب صغار السن الذين لا يعانون من أي مرض. في المغرب، أعداد الوفيات المؤكدة بسبب H1N1 في ارتفاع، ناهيك عن الوفيات التي لا يبلغ عنها. وسيكون من الخطأ أن يحرم الإنسان نفسه من وسيلة حماية أساسية ضد المرض متوفرة لديه بفضل العلم ونعني بدلك التلقيح، ويترك نفسه عرضة للمرض ويعرض معه حياة أحبائه وعائلته للخطر. في فرنسا، حيث كان هناك لعدة أسابيع نقاش عقيم وفارغ حول التلقيح وخطورة مزعومة لهذا التلقيح، بقيت مراكز التلقيح شبة فارغة لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا، قبل أن يكتشف الناس أنهم يعرضون حياتهم وصحتهم للخطر، بسبب إشاعات فارغة. اليوم، تعرف تلك المراكز نفسها اكتظاظا يشتكي منه الفرنسيون ويطالبون بفتح مراكز أكثر ولمدة زمنية أطول. المسؤولية تقتضي اليوم القول إن التلقيح ضد المرض هو واجب للفرد حفاظا على صحته وصحة المحيطين به. ويبدو أن المغاربة فهموا الرسالة بشكل صحيح. فقد لاحظنا إقبالا مهما على التلقيح من طرف المصابين بداء السكري والربو. وكلما اقترحنا على مرضانا التلقيح، فإن الاستجابة تكون تلقائية، بل إن أعدادا مهمة تزور تلقائيا الطبيب لأخذ الشهادة التي تخول لهم التلقيح، عكس بعض الأوساط التي تعاملت مع الإشاعة عوض العلم، ومنهم للأسف بعض الأطباء. أن لا يحبذ طبيب ما أن يلقح نفسه، هذا أمر يهمه شريطة أن لا يتعامل مع مرضى من ذوي الأمراض أو الحالات التي تهلكها أنفلونزا H1N1، كالسكري والربو والحوامل والمواليد الجدد وأمراض المناعة ودلك حتى لاينقل لهم العدوى من حيث لاريد.. لكن أن يقول طبيب لمريض ألا يلقح نفسه، فهذا خطأ مهني وأخلاقي جسيم، لأن القانون يفرض على الطبيب أن يقدم لمرضاه علاجا طبقا لآخر ما يتوصل إليه العلم. وآخر ما توصل إليه العلم والدراسات بخصوص أنفلونزا H1N1بإجماع الخبراء عبر العالم أن اللقاح ضد المرض هو أحسن وقاية وأكثر أمانا بنسبة لا تقل عن المليون على واحد مقارنة بالمرض. لذلك، ندعو الأطباء المغاربة إلى القيام بواجبهم الإنساني في تحسيس مرضاهم والمحيطين بهم للاستفادة من اللقاح، اليوم وقبل الغد. سؤال فد يتبادر الى دهن بعض القراء، هنا جوابه: كنت من أول الدين استفادوا من التلقيح.